عمار نجم الدين: «تأسيس» يسعى لتغيير الدولة وصراع وشيك بين الجيش والحركات

15

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. أكد عضو تحالف تأسيس وعضو مجلس التحرير القومي للحركة الشعبية لتحرير السودان/ شمال عمار نجم الدين أن تحالف تأسيس ليس مشروعًا مرحليًا بل يسعى لتفكيك بنية الدولة المركزية وبناء دولة المواطنة المتساوية.

وقال في حواره مع «أفريقيا برس»، إن التحالف لا يقبل دعوات الحوار الشكلي ولا يبحث عن مقاعد سلطة، بل يخاطب شعوب الهامش التي حُرمت من التمثيل.

وأوضح نجم الدين أن التحالف مع قوات الدعم السريع ليس مع فرد أو ميليشيا بل مع لحظة تحول، مشددًا على أن لا حصانة لأحد أمام قضايا الضحايا، وتوقع نجم الدين انفجار الصراع قريبًا بين الجيش والحركات المسلحة في بورتسودان، مما يعجّل بسقوط المشروع الانقلابي من داخله.

ما هي أهداف تحالف تأسيس؟ وهل يخرج البلاد من أزمتها؟

تحالف تأسيس ليس مجرد تحالف مرحلي أو تكتيكي، بل هو مشروع تاريخي لإعادة تعريف الدولة السودانية من جذورها. أهدافه تتجاوز تشكيل حكومة أو تقاسم سلطة، لتصل إلى تفكيك بنية الدولة الاستعمارية المركزية التي قامت على القهر الإثني والهيمنة الثقافية، وبناء دولة العلمانية والمواطنة المتساوية والعدالة الجذرية والعقد الاجتماعي الجديد.

تحالف تأسيس يسعى إلى بناء السودان من جديد لا إصلاح الخراب القائم. ومن هنا، فإن إخراج البلاد من أزمتها يتطلب قطيعة معرفية وسياسية مع منطق المركز، لا «تسوية» معه.

هل التحالف يسعى إلى تقسيم السودان كما يرى الكثيرون؟

هذا السؤال يعكس استبطانًا لخطاب المركز الذي ظل يخلط عمدًا بين الدعوة للعدالة والتقسيم، وبين المطالبة بالحقوق والمساس بالوحدة.

تحالف تأسيس لا يسعى إلى التقسيم، بل إلى الوحدة الحقيقية على أساس المساواة لا الاستعلاء. أما أولئك الذين يخافون من «التقسيم» فهم في الحقيقة يخشون زوال امتيازاتهم التاريخية لا انقسام الوطن. الوحدة التي يُخشى عليها من تحالف تأسيس هي وحدة القهر، لا وحدة التنوع.

رئيس الوزراء د. كامل إدريس بصدد دعوة القوى السياسية والحركات المسلحة للتشاور.. فهل ستلبون الدعوة؟

نحن لسنا حركة تبحث عن مقعد في مائدة بلا مضمون، ولسنا دعاة حوار شكلي يعيد إنتاج نفس الدولة التي نحاربها.

إذا كانت الدعوة تقوم على الاعتراف بالأزمة البنيوية للدولة السودانية، وعلى أساس برنامج لتفكيك المركز وبناء السودان الجديد، حينها نناقش بجدية.

أما إن كانت دعوة للاشتراك في تقاسم جثة الوطن، فلن نكون جزءًا من هذا المشهد. نحن نحارب من أجل حل المشكلة من جذورها، لا من أجل تقاسم الثروة والسلطة. إن مصير اتفاق جوبا في بورتسودان يكشف أنهم ذاهبون إلى حرب، بينما الحل الحقيقي جذري وبنيوي وليس في تقاسم مناصب السلطة.

هل ستجد حكومة “تأسيس” قبولًا من الشعب السوداني؟

السؤال الأهم: أي “شعب سوداني” نقصد؟ هل هو شعب المركز المُهيمن؟ أم شعوب الهامش التي لم تكن يومًا “طرفًا” في السلطة ولا “مواطنين” في عيون الدولة؟

تحالف تأسيس يخاطب الكتلة التاريخية المهمَّشة، التي طالما حُرِمت من تمثيل نفسها. ومن هنا، فإن الحكومة التي تنبثق من هذا المشروع ستجد قبولًا في أعماق السودان الحقيقي، لا في دوائر الصالونات السياسية أو إعلام الخرطوم.

البعض يرى أن اختيار الحلو نائبًا لحميدتي هو اختيار رمزي.. فما الذي ستقدمه الحركة الشعبية لتحالف تأسيس؟

الحركة الشعبية لا تقبل الرمزية الفارغة، ولا تدخل تحالفات لتزيين الصورة، بل لتعديل ميزان القوى. وجود القائد عبد العزيز الحلو ليس تشريفيًا، بل يعكس المعنى الفعلي للتحول الجذري في بنية التحالفات السياسية في السودان.

ما سنقدمه في تحالف تأسيس هو المنهج، والعمق الفكري، والشرعية الأخلاقية لمشروع السودان الجديد. نحن لا نبحث عن مكاسب، بل عن لحظة قطيعة حقيقية مع الماضي وصناعة كتلة تاريخية سعينا إليها أكثر من اثنين وأربعين عامًا من تاريخنا النضالي التحرري.

ألا ترى أن تحالفكم مع الدعم السريع سيخصم من رصيدكم الشعبي، خاصة بعد الجرائم التي ارتكبت من قبل الدعم السريع؟

هذا السؤال مشروع، لكنه يتطلب تفكيكًا دقيقًا. نعم، وقعت انتهاكات، وقلنا بوضوح: لا حصانة لأحد على حساب الضحايا.

لكن تحالفنا ليس مع فرد أو ميليشيا، بل مع لحظة تحوّل في الصراع السوداني. فالدعم السريع، رغم تاريخه الذي نراه، دخل في صدام مع مؤسسة الاستعمار الداخلي الأكبر: الجيش المركزي الجلابي، بعد أن تبيّن أنهم تم استغلالهم مثل كثير من مكونات الهامش، حيث تم حرمانهم من التعليم وإفقارهم ليكونوا جنودًا وأدوات تحركهم الدولة المركزية بصورة منهجية خبيثة.

نحن لا نبرئ أحدًا، بل نقول إن من أراد تغييرًا حقيقيًا عليه أن يتحالف مع تناقضات الواقع، لا أن يظل متشبثًا بأخلاق مثالية يستخدمها المركز لحماية نفسه.

هنالك جدل أشبه بالصراع بين الحركات المسلحة والجيش في بورتسودان بشأن التشكيل الوزاري القادم، بينما تتمسك الحركات المسلحة بحصتها في السلطة تتواتر الأنباء عن رفض الحكومة لحصة الحركات المسلحة.. ما هو السيناريو المتوقع؟

الصراع في بورتسودان ليس حول سلطة، بل هو صراع على من يرث الدولة المركزية بعد سقوطها.

الجيش يسعى إلى إعادة إنتاج دولة ما قبل 2018، والحركات المسلحة تعيش مأزقًا وجوديًا بين الالتحاق بالمركز أو العودة إلى الهامش.

السيناريو المرجّح هو انفجار الصراع داخل معسكر بورتسودان نفسه قريبًا، ونرى ذلك أمرًا يعجّل بسقوط المشروع الانقلابي من داخله. أما تحالف تأسيس فينبني على الهامش لا على فتات السلطة المركزية.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here