أفريقيا برس – السودان. في خطوة تزامنت مع دعوات تجمع المهنيين السودانيين للعصيان المدني عقب الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان علقت إدارات العديد من الجامعات السودانية الدراسة وقررت تأجيل الامتحانات لأجل غير مسمى، ويررت قراراتها بـ”المحافظة على أمن وسلامة الطلاب”.
ودعمت الجامعات التي أغلقت أبوابها الأمر بمواقف طالبت من خلالها بإطلاق سراح المعتقلين وإلغاء حالة الطوارئ تضامنا مع تجمع المهنيين السودانيين.
وكانت النقابة التسييرية لجامعة الخرطوم أول من أعلن قرار تعليق الدراسة بدعوى تعرض طلابها وأساتذتها لاعتداءات من أجهزة أمنية في السكن الجامعي.
وانضم لقرار تعليق الدراسة عدد من الجامعات الحكومية في الخرطوم ومدن في ولايات السودان الأخرى، فبعد جامعة الخرطوم أعلنت جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا تعليق الدراسة لأجل غير مسمى، قبل أن تلحق بها جامعة النيلين ثم جامعة الزعيم الأزهري.
واتخذت جامعات البحر الأحمر والجزيرة و”بخت الرضا” والإمام الهادي وجامعات أخرى قرارا مماثلا.
وقالت مريم (طالبة في جامعة الخرطوم) للجزيرة نت في وقت سابق إن مجموعة ترتدي الزي العسكري اقتحمت مقرات السكن الطلابي القريب من القيادة العامة للجيش السوداني عقب المسيرات الاحتجاجية التي نفذتها لجان المقاومة رفضا لقرارات البرهان.
وعرفت الجامعات السودانية عبر تاريخها كمنابر للنشاط السياسي، ولعبت دورا مهما في كل الثورات الشعبية التي أطاحت بما يسميها السودانيون “الدكتاتوريات الثلاث” التي يقولون إنها حكمت السودان بعد الاستقلال، في إشارة إلى أنظمة (الفريق إبراهيم عبود، وجعفر النميري، وعمر البشير).
سلامة الطلاب
من جهته، قال الدكتور مهدي عباس نائب مدير جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا للجزيرة نت إن الدراسة في الجامعة لا يمكن أن تستمر في ظل الظروف الراهنة.
وأشار عباس إلى أن الشباب -ومن بينهم طلاب الجامعة- هم من يتصدرون مشهد مقاومة ما وصفه بالانقلاب العسكري، وأضاف: نحن لا نضمن سلامتهم، خاصة أن معظمهم من أبناء الأقاليم خارج العاصمة.
وكشف عن وقف الصندوق القومي لدعم الطلاب (حكومي) كافة أشكال الدعم التي يقدمها للطلاب المستفيدين من السكن الجامعي، مما اضطر مجلس عمداء الجامعة لاتخاذ قرار تأجيل الامتحانات والسماح للطلاب بالعودة إلى مناطقهم.
بدورها، اعتبرت مديرة الإدارة العامة للتخطيط والسياسات بوزارة التعليم العالي الدكتورة نشوى عيسى قرار تعليق الدراسة في الجامعات بأن له ما يبرره.
وقالت للجزيرة نت إن الجامعات هي هيئات مستقلة، مضيفة أن الجهة الإدارية العليا في الجامعة هي المنوط بها اتخاذ مثل هذا القرار، وأن أهم الأسباب لهذه الخطوة هو الحرص على سلامة الطلاب.
يشار إلى أن مجالس العمداء في الجامعات تعتبر جهة رسمية ضمن الهيكل الإداري للجامعة يعنى بالجوانب التنفيذية والإدارية، ويتكون من مدير الجامعة ونائبه وأمين الشؤون العلمية وعميد شؤون الطلاب وعمداء الكليات.
وفي السودان نحو 30 جامعة حكومية إلى جانب جامعات ومعاهد وكليات خاصة يتجاوز عددها الـ100 تخضع لإدارة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
من جهته، قال رئيس اللجنة التسييرية لنقابة العاملين في التعليم العالي الدكتور فرح صالح للجزيرة نت إن قرار تعليق الدراسة في الجامعات جاء استجابة لدعوة العصيان المدني والمطالبة بإلغاء حالة الطوارئ وما تبعها من إجراءات.
وكشف صالح عن عدم تعليق بعض الجامعات الحكومية الدراسة “لأنها كانت مغلقة أصلا قبل قرارات البرهان لأسباب مختلفة”.
وأضاف أن مجالس عمداء العديد من الجامعات لم يتمكنوا من عقد اجتماعات لاتخاذ القرار، مشيرا إلى أن انقطاع الإنترنت وتعذر الاتصالات حالا دون قدرتهم على الاجتماع، متوقعا لحاقهم بالعصيان المدني خلال اليومين القادمين.
أما في قطاع الجامعات الخاصة فقد أحجمت الجامعات عن إعلان التضامن مع دعوات العصيان المدني التي أطلقها تجمع المهنيين السودانيين.
لكن الأستاذ الجامعي الدكتور هندي عوض قال إن الأساتذة والطلاب تجاوزوا الإدارات في كثير من الجامعات ونفذوا دعوات العصيان المدني بعدم حضورهم إلى قاعات المحاضرات أو الجلوس لعقد الامتحانات.
وأضاف عوض للجزيرة نت أن الأوضاع الحالية وإغلاق الطرق هي أسباب كافية لعدم تمكن الطلاب والأساتذة من الحضور لكثير من الجامعات.
تراجع المستوى الأكاديمي
ويأتي دخول الجامعات على خط ما تصفه قيادات أكاديمية بـ”رفض الانقلاب العسكري”، في ظل معاناة الجامعات في السودان من تراجع المستوى الأكاديمي وجودة التعليم، حيث جاء السودان في المرتبة 143 بين الدول من حيث المستوى الأكاديمي، والمرتبة 101 من حيث عدد المؤسسات التعليمية الأكاديمية، كما لم يرد اسم أي جامعة سودانية ضمن قائمة الجامعات الـ500 الأولى عالميا منذ سنوات طويلة.
وفي هذا الإطار، تقول الدكتورة نشوى للجزيرة نت إن وزارة التعليم العالي وضعت خلال الفترة الماضية إستراتيجية تنفذ خلال 5 سنوات لإعادة هيكلة التعليم العالي في السودان، مشيرة إلى أنها إستراتيجية شاملة تعنى بالسياسات التعليمية ونوعية التعليم وتوزيعه.
أما الدكتور هندي عوض فصنف الأوضاع في الجامعات الخاصة في السودان إلى 3 مستويات، وقال للجزيرة نت إن هناك جامعات خاصة قليلة تلتزم بالمعايير العالمية في تأسيسها وتعيين طاقمها ومعايير قبول الطلاب.
وتابع أن الجامعات الأخرى تهتم أكثر بقبول أعداد كبيرة من الطلاب دون الالتزام بالمعايير العلمية.
من جانبه، قال الدكتور مهدي عباس للجزيرة نت إن التعليم العالي ورث جملة من المشكلات منذ عهد ما قبل الثورة، واتهم نظام البشير بأنه أهمل كل ما يعين التعليم الجامعي على التطور والتقدم.
وأضاف أن هناك محاولات جادة لتحسين البيئة التعليمية، وأن جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا تقدمت خطوات باتجاه إدخال التعليم الإلكتروني، لكنه حذر من أن ما حدث بعد 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يمكن أن يعيد الوضع التعليمي في الجامعات إلى ما وصفه بـ”المربع الكارثي”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس