القوات السودانية في اليمن.. هل حان موعد العودة؟

40
القوات السودانية في اليمن.. هل حان موعد العودة؟
القوات السودانية في اليمن.. هل حان موعد العودة؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. تداولت مواقع يمنية خبرا يفيد بأن القوات السودانية المتواجدة في اليمن بدأت فعليا بالانسحاب من البلاد، وأشارت إلى أن القوات السودانية غادرت قاعدة العند العسكرية على دفعتين وفي طريقها إلى عدن على أن يتم ترتيب مغادرتها البلاد لاحقا.. لكن سرعان مانفى الجيش السوداني الخبر، إذ قال المتحدث باسم الجيش نبيل عبد الله في تصريح صحفي، إن قوة عسكرية من الجيش كانت تعمل في قاعدة العند انسحبت قبل يومين نحو مدينة عدن الساحلية على أن تحل مكانها قوة جديدة بنفس الحجم ولكنها ستتولى تأمين موقع آخر داخل اليمن، وأكد بأن تحركات وتبديلات القوات السودانية المشاركة تتم وفقا لتقديرات قيادة التحالف وبتنسيق تام مع السودان الذي يعد مكون أساسي في التحالف.

تاريخ المشاركة

منذ العام 2014 يشارك السودان في تحالف “عاصفة الحزم” الذي تقوده السعودية لقتال الحوثيين دعماً لحكومة عبد ربه منصور هادي، كما إنه في ديسمبر 2019 خفض السودان قواته في اليمن من 15000 إلى 5000 جندي. وتجد مشاركة الجيش السوداني في حرب اليمن رفضا واسعا من الدوائر الشعبية والسياسية في السودان، إذ يعتبرون المشاركة بأنها خطأ إستراتيجي، فيما يرى آخرون، أن السودان لم يستفيد من مشاركته في حرب اليمن، غير أنها جلبت السخط والكراهية للشعب السوداني من شقيقه اليمني.

قوات سودانية جديدة تصل اليمن – تقرير لسكاي نيوز عربية

أمر خطير

بالنسبة للباحث السياسي عبدالقادر محمود صالح فإنه ، لم يحن الوقت بعد لعودة القوات المسلحة السودانية المشاركة في حرب اليمن وذلك لعدة اعتبارات يمكن اجماله – بحسب صالح- في أن الوضع الأمني في اليمن لم يستتب كما خطط له ومازالت الأوضاع الأمنية هناك بحاجة إلى بقاء القوات المسلحة السودانية بجانب القوات المسلحة السعودية لتكملة خطة “عاصفة الحزم” التي كان الغرض منها القضاء على قوات الحوثي، مستدركا ، ولكن لسبب آخر لم تتمكن قوات التحالف من الإمساك بزمام المبادرة في ميادين المعركة. وتابع ، هذه القوات فشلت في إرساء أوضاع أمنية مواتية لنشوء حكم موالي للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات الأمر الذي سيحتم عليه بحسب صالح على قيادة هذا التحالف في المضي قدما حتى إستكمال خطة التحالف، وبذلك تكون حوجة التحالف إلى القوات المسلحة السودانية ملحة ومستمرة مع إستمرار حالة عدم الاستقرار في اليمن. ويقول صالح لـ “أفريقيا برس” : هنالك أيضا عوامل داخلية متصلة بطبيعة الحكم في السودان حيث نجد أن النظام الحاكم الآن يتسم بطبيعة عسكرية ولا يوجد مجلس تشريعي يسمح بالتشريع ضد الوجود العسكري السوداني في اليمن ويطالب بسحب القوات المسلحة المشاركة هناك، بالإضافة إلى طبيعة العلاقة بين مكونات المؤسسة العسكرية في السودان وحلفائها في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات حيث تجدر الإشارة هنا إلى الدعم السخي الذي ظلت السعودية والإمارات تقدمانه للمؤسسة العسكرية في السودان وكلا الدولتين لا تتورعان من تأييدهما للحكم العسكري في السودان حتى لو تعارض ذلك مع تطلعات الشعب وثورته. ويرى محمود ، أن أبرز العقبات التي تقف أمام عودة القوات السودانية المشاركة في حرب اليمن هي أن المؤسسة العسكرية السودانية أصبحت تنظر إلى مسألة المشاركة في الحرب والاستمرار فيها بإعتبارها مورد اقتصادي وهذا أمر بحسب عبدالقادر خطير بسمعة هذه المؤسسة الوطنية. ولا يرى صالح أن السودان استفاد من خلال مشاركته في “عاصفة الحزم” ، بل يقول تضرر كثيرا خاصة فيما يتعلق بعلاقاته مع الشعب اليمني الذي أصبح يصف قواتنا بالمرتزقة، وهذا الأمر يرى صالح له ما بعده في مسار العلاقات بين البلدين في الحاضر والمستقبل. وختم صالح حديثه قائلا: نلاحظ العديد من البلدان العربية لم تشارك بقواتها بل اكتفت بالتنديد والشجب لجماعة أنصار الله إيمانا منها أن المشاركة الميدانية غير ذات جدوى وربما ستكون لها آثار مدمرة بالنسبة للعلاقات التاريخية بين شعوب المنطقة.

رياح التغيير

لكن المحلل السياسي مجدي عبدالقيوم كنب، يذهب بعيدا عن الحديث السابق، إذ يقول لـ “أفريقيا برس” إن الحديث عن انسحاب القوة السودانية من قاعدة العند الاستراتيجية جنوب اليمن واستلام قوات درع الوطن التي شكلتها السعودية مؤخرا ، حديث يأتى فى إطار التباين بين الموقفين السعودي والإماراتي بالنظر للتوجهات الجديدة للامارات في المنطقة ، مستدركا ، لكنه في النهاية بداية لتفكك التحالف العربي في حرب اليمن كنتيجة طبيعية للتطورات السياسية في منطقة الخليج وكذلك تداعيات الثورة في إيران وإنعكاستها على الحوثيين حلفاء ايران في اليمن، وبالتالي، يقول صالح اضمحلال نفوذهم وتقلص دورهم باعتبار ان الحرب اصلا هم الطرف الاساسي المباشر فيها ، ونبه كنب إلى أن هذه العوامل مجتمعة في النهاية تلقي بظلالها على تواجد القوات السودانية هناك ودورها وقد يؤدي إلى انسحابها. ويضيف ، كذلك من العوامل التي تجعل القوات السودانية تنسحب من اليمن هي جوانب اقتصادية متصلة بالتوجهات الدولية التي بدأت مؤخرا والساعية إلى تجفيف الموارد للتشكيلات المسلحة على مستوى المنطقة ، ويرى عبدالقيوم إن رياح التغيير ستعصف بالمشهد الحالي في المنطقة وستعيد ترتيب الأوراق، لذلك بحسب كنب فإن موعد عودة القوة السودانية من اليمن قد أزف.

حرب عبثية

الكاتب الصحفي، عبدالماجد عبدالحميد، قال إن مشاركة الجيش السوداني في حرب اليمن ستبقى من أكبر الأخطاء الاستراتيجية في عهد الرئيس عمر البشير، مشيرا إلى أن السودان دخل حرباً لا ناقة له فيها ولا جمل، وأردف ، تم الدفع بالجيش السوداني إلى حرب اليمن بعيداً عن قرار المؤسسات العسكرية والأمنية وقبلها المؤسسات التشريعية والسياسية. وقال عبدالماجد في منشور له بالفيسبوك: خسرنا تاريخ علاقاتنا المتميزة مع الشعب اليمني الشقيق، وكنا نرسل إليهم المعلمين ليقوموا بواجب رسالة العلم، وفي هذا الزمان صرنا نرسل إليهم كتائب الجنود المدججة بالعتاد الحربي، ولفت إلى أن السودان لم يكسب شيئاً من حرب اليمن اللعينة، كما قال إن فوائد المشاركة في الحرب تعود لمصلحة أفراد في نهاية الأمر. وتساءل عبدالماجد، ماذا قدمت لنا السعودية نظير مشاركتنا في حرب اليمن؟ و ماذا قدمت لنا دولة الإمارات غير التآمر على بلادنا سرّاً وعلناُ؟ مردفا بالقول: يموت أبناء السودان في الخطوط الأمامية لحرب اليمن بينما ينعم أبناء الشعب السعودي وشبابه خاصة بثمار التحول المر إلى دولة عصرية تبيح كل المحظورات، وتابع ، كذلك يعيش أبناء الشعب السوداني ضائقة مالية بسبب شح النقد الأجنبي في خزينة البنك المركزي. وفي ذات الوقت تضخ الرياض وأبوظبي مئات المليارات من الدولارات في خزينة البنك المركزي المصري علماً بأنّ مصر رفضت المشاركة ولو بجندي واحد في حرب اليمن، وطالب عبدالماجد بضرورة سحب الجيش السوداني ابتداء من اليوم. وتحسر قائلا ” لا يليق بهذا الشعب العظيم أن تتواصل مشاركة جنوده كمرتزقة في حرب عبثية ثبت بخطاب المنطق والضمير أنها لم تحقق الأهداف المنتظرة منها” وأردف : لا تنخدعوا.. جيش السودان لا يشارك في حرب اليمن لحماية الحرمين الشريفين بل يشارك في حرب ليس له علاقة بأسباب اشتعالها وعليه ليس من الشجاعة أن يتم استخدامنا وقوداً لإستمرارها.

عددهم ثلاثون ألف جندي.. القوات السودانية التي تشارك في حرب اليمن – تقرير لقناة الجزيرة

ملف مكتوم

وأعرب القيادي بحزب الأمة القومي، عروة الصادق عن أسفه لإستمرار القوات السودانية في اليمن، إذ يقول لموقع “أفريقيا برس” : للأسف لا مبرر منطقي ولا ديني ولا أخلاقي لتواجد جنود سودانيين أو أجانب من أي جنسية في اليمن، مشددا على ضرورة أن يضطلع السودانيون حكومة وشعبا لدعم المصالحة اليمينية اليمنية واليمنية السعودية، وأردف ، للأسف لا بوارق أمل تلوح في الأفق لسحب الجنود والضباط من اليمن، وتابع ، كذلك تجاوزت أعداد القوات المتواجدة الأربعين ألف، ومنذ العام 2018، توقف الإفصاح الرسمي عن عدد القتلى والجرحى، وصار ملفا متكتما عليه ويدار بطريقة تهيمن عليها مخابرات واستخبارات الدول، ويرى عروة إنه ورغم الأوضاع في اليمن لم تستقر، إلا أن القوات ستظل موجودة، جازما بأنه لن تكون هنالك إرادة حقيقية من كل الأطراف لسحبها.

ويتفق عروة مع سابقيه بشأن عدم استفادة السودان من المشاركة، إذ يقول: لا توجد مكاسب سياسية أو اقتصادية أو حتى إنسانية أو استقرار أمني على الأرض، وهي مجرد صفقات عقدها المخلوع بواسطة مدير مكتبه طه عثمان الحسين الذي يعمل مستشارا بالسعودية دون حتى الرجوع لهيئة الأركان وقتها، وتم اقحام دقلو وقواته في الأمر، والالتزام من الجانب السعودي بدفع ما يعادل عشرة آلاف دولار للجندي كل ستة أشهر، وهو ثمن قال عنه عروة إذا قورن حتى مع أجور أبخس المرتزقة في المنطقة والذين عملوا في صفوف داعش كانوا أقل بكثير، إذ يقول عروة المقاتلون في صفوف داعش يتقاضون أجورا أعلى من هذا الأجر، ومع ذلك تحول الأموال كعملات صعبة ، مستدركا ، ولكن يتقاضاها الجنود بالسعر المحلي، وجميعنا يعلم معنى هذه العملية، وقال عروة، إن المشاركة جعلت السودان يخسر جوارا عربيا وعلاقات ملؤها الإحترام مع اليمن الشقيق، منبها إلى إنه قدم أنموذجا سيئا، وأردف ، لا بد من تصحيحه وسحب تلك القوات والإنخراط في مباحثات مع كافة الأطراف اليمنية لإبرام مصالحة يمنية يمنية والتوسط بينها وبين الإخوة الخليجيين.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here