حزب الأمة السوداني: دول الرباعية كانت على علم بمخطط حميدتي الانقلابي

37
حزب الأمة السوداني: دول الرباعية كانت على علم بمخطط حميدتي الانقلابي
حزب الأمة السوداني: دول الرباعية كانت على علم بمخطط حميدتي الانقلابي

حوار: أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. في هذا الحوار مع “أفريقيا برس”، يجيب فتحي حسن عثمان، رئيس القطاع السياسي بحزب الأمة – قيادة مبارك الفاضل، على عدد من الأسئلة، أبرزها: لماذا فشلت المبادرات الدولية في حل الأزمة السودانية؟ وما مدى حدوث انشقاق في حزب الأمة القومي بعد تباين المواقف الأخيرة بشأن الحرب؟ وأسباب استمرار الدعم الإماراتي للدعم الدعم السريع؟ والانشقاقات التي ضربت الحركات المسلحة مؤخراً؟

دواير غربية تطالب بالضغط على الإمارات حتى توقف الدعم عن قوات الدعم السريع، ولكن الإمارات تواصل دعمها لهذه القوات… لماذا؟

الأدلة والقرائن الظرفية والحالية تؤكد دعم الإمارات العربية لمليشيات الدعم السريع، وهذا صحيح وسليم، وليس هناك دولة فوق القانون. لكن الإمارات لها تأثير على بعض الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، مما يتيح لها هامشاً من المناورة ومحاولة تجنب العقوبات في المستقبل القريب، والاستعداد للعب دور إيجابي يساعدها في الحفاظ على مصالحها في السودان بصورة إجمالية. حينما أقدم قائد مليشيات الدعم السريع على محاولة الاستيلاء على السلطة بالقوة، كانت دول الرباعية على علم تام بالسيناريو، وعلى الرغم من فشلها، تدعم الإمارات المليشيات وداعميها من أجل إيجاد تسوية تعيدهم للمشهد السياسي.

على الرغم من كثرة الجهود الدولية لحل الأزمة السودانية، تدخلت أمريكا بقوة عبر طرح مفاوضات جنيف، وكذلك لعبت دول مثل مصر والسعودية والاتحاد الإفريقي أدواراً مهمة في هذا الشأن. فلماذا فشلت جميع هذه المبادرات في إنهاء الحرب في السودان؟

فشلت المبادرات الإقليمية والدولية في إيقاف الحرب في السودان لعدة أسباب. أولاً، معظم هذه المبادرات تفتقر إلى الحياد والوقوف على مسافة واحدة من الفرقاء، حيث تم شراء موقف بعض دول جوار السودان لصالح المليشيا وداعميها. ثانياً، تم التعامل مع المليشيات المتمردة على قدم المساواة مع القوات المسلحة السودانية، مما أدى إلى معاملة غير عادلة في تسوية الصراع. ثالثاً، لم تلتزم المليشيات وداعموها الإقليميين والدوليين باتفاق جدة، وكان الاتفاق نفسه يفتقر إلى الآليات وأدوات ووسائل التنفيذ، وكيفية مراقبتها وفصل القوات على الأرض. وحتى منبر جنيف الأخير، الذي ناقش مسألة إيصال العون الإنساني، لم يتم الأخذ بالورقة التي قدمتها السودان، والتي تشمل الجداول الزمنية وأماكن تجميع القوات والجيوش الخاصة بالمراقبة وجنسياتها. كما اعترضت المليشيات على جيوش مصر وجنوب السودان، وطريقة الدعوة إلى حضور المنبر من جانب المبعوث الأمريكي وتمسك بورتسودان بتسمية وفد الحكومة بدلاً من وفد القوات المسلحة السودانية، مما أدى إلى استمرار الوضع كما هو.

شهدنا انشقاقاً في حركة العدل والمساواة بقيادة صندل بسبب ما أسموه رهن الحركة لقوات الدعم السريع. كما تعرضت قيادات بارزة من حركة الطاهر حجر لقتل من قبل قوات الدعم السريع، مما دفع حجر لمراجعة موقفه. ألا ترى أن هذه الحركات بعد هذه التطورات ندمت على موقفها الداعم للتمرد؟

الانشقاق داخل حركات الاحتجاج المسلح ليس جديداً، فقد بدأت أزمة دارفور بحركة تحرير السودان والعدل والمساواة، وانشطرت بصورة أميبية حتى وصلت لأكثر من مئة حركة مسلحة. صحيح أن نظام الإنقاذ كان له دور كبير في تقسيم الحركات المسلحة عبر الاستوزار لقادتها وتوفيق أوضاعها المالية دون تنفيذ ما تم الاتفاق عليه. المؤسف هو ما حدث داخل العدل والمساواة من انشقاق، والمؤسف أكثر هو أن الدكتور سليمان صندل ترك اتفاق السلام الذي تم توقيعه في جوبا والذي منح دارفور 25% من السلطة السياسية في السودان، واختار صف التمرد على الدولة. أما الطاهر حجر، فقد أعلن الحياد التام، وهو أمر معروف أنه كان داعماً لحميدتي، وواصل التواصل معه. كان الأفضل له أن يعلن دعمه لمليشيا الدعم السريع بدلاً من دعمها في السر والجهر بموقف الحياد كتضليل للرأي العام. نعم، تعرضت قوات الطاهر حجر للهجوم من مليشيا التمرد، وذلك لأن قوات الفزع تقاتل وتستند إلى ماضيها كجنجويد، حيث كانت تقتل بناءً على العرق واللون، وعليهم العودة إلى رشدهم، فالثعبان قد يغير جلده لكنه لن يغير طبيعته في اللدغ.

الدعم السريع طرح في جنيف مقترح إعادة فتح وتشغيل وإدارة مطارات “نيالا” و”الضعين” و”زالنجي” و”الجنينة” بواسطة الأمم المتحدة، وتحت إجراءات تأمين نقل المساعدات الإنسانية. كيف ترى هذه الخطوة؟

تأهيل وتشغيل وإدارة مطارات نيالا وزالنجي والضعين والجنينة هو شأن يخص حكومة السودان التي تتخذ من بورتسودان مقراً مؤقتاً لها. من يدعي أن تشغيل هذه المطارات بواسطة الأمم المتحدة أو تحت إدارتها ليس لديه معرفة حقيقية، فالأمم المتحدة تعترف بالسودان كعضو ولا يمكن أن تمارس دوراً سيادياً نيابة عن أي عضو من أعضائها. ثانياً، نقل الإغاثة لا يحتاج إلى مقترحات فطيرة بل إلى آليات فعالة لمنع أوباش الدعم السريع من نهبها أو إعاقتها، ولضمان وصولها إلى المحتاجين. الأمر الأخير، أن العالم سيضحك من سذاجة تفكير مفاوضي المليشيا.

بعد تمسك الحكومة بضرورة تنفيذ إعلان جدة وعدم ذهابها للمفاوضات في جنيف، قال المبعوث الأمريكي إنهم يبحثون مع الدعم السريع تنفيذ اتفاق جدة. فهل يقنع المبعوث الأمريكي ممثلي الدعم السريع بخروج قواتهم من المدن ومنازل المواطنين؟

إذا كان للمبعوث الأمريكي ورقة ضغط على المليشيا وداعميها الإقليميين، فنحن في انتظار بيان بالعمل، كما يقال بلغة الجيش. المبعوث لن يذهب إلى جنيف أو غيرها طالما أن المصفوفة التي سلمتها لم يتم الأخذ بها لتنفيذ إعلان جدة بأقصر الطرق. إذا كان للدعم السريع الإرادة وله تأثير على منسوبيه، فيجب عليه إخراجهم من منازل المواطنين وكافة الأعيان المدنية بما فيها مصفاة الخرطوم، وإلا فإن الكلام سيبقى مجرد كلام.

شهدنا تبايناً في حزب الأمة القومي بشأن الحرب. ففي الوقت الذي يذهب فيه تيار مع وقف الحرب والتماهي مع الدعم السريع، وهو التيار المنضوي مع تقدم، برز تيار آخر يعلن وقوفه مع الجيش، ولعل تصريحات رباح الصادق الأخيرة تمثل ذلك. هل يتشظى حزب الأمة القومي؟

حزب الأمة القومي يعيش صراعات وتنافساً محموماً حول من يخلف الإمام الراحل السيد الصادق المهدي في رئاسة الحزب. هذا الأمر صحيح، رغم أنه ليس مطروحاً الآن، إلا أن كل تيار يستعد ويتقوى للأخر. تيار الأمانة العامة برئاسة صديق الصادق والواثق البرير تماهى مع تقدم طمعاً في السلطة وبالتالي السيطرة على مقاليد الأمور داخل الحزب. التيار الآخر برئاسة نواب رئيس الحزب، أبرزهم محمد عبدالله الدومة ومجموعة معتبرة من القيادات والكوادر، يناهض الخط السياسي والتكتيك الذي تتبعه جماعة صديق والواثق. انفجار الحرب زاد من حدة الصراعات والاستقطاب داخل الحزب. الطبيعي أن يؤيد العقلاء موقف القوات المسلحة، وحديث السيدة رباح الصادق المهدي وكتابات الدكتور عبد الرحمن الغالي الجعلي نائب الأمين العام السابق تؤكد هذا التوجه. ربما لا يحدث انشقاق بالمعنى المتعارف عليه، ولكن من المؤكد أن دور وتأثير داعمي المليشيا داخل حزب الأمة القومي سيتلاشى نتيجة للفظائع والموبقات التي ارتكبتها المليشيا في مناطق نفوذ الحزب التاريخية. ستطارد اللعنات هؤلاء القيادات، وأكاد أجزم أنه لا يرحب بهم أحد في الخرطوم والجزيرة ودارفور، وسوف تعزلهم الجماهير.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here