أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. في هذه المقابلة مع وكالة “أفريقيا برس”، يتحدث الدبلوماسي السابق في واشنطن والمتخصص في الشأن الأفريقي، مكي المغربي، عن سياسة ترامب المتوقعة تجاه السودان، بالإضافة إلى العقوبات الأمريكية المفروضة على قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان. كما أجاب الدبلوماسي على عدد من الأسئلة، خاصة تلك المتعلقة بالتنافس الدولي على البحر الأحمر.
بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتسلمه إدارة الولايات المتحدة الأمريكية، كيف ستكون سياسة واشنطن تجاه القرن الأفريقي، خاصة السودان؟
في حالة ترامب، يصعب التنبؤ بالسياسات بدقة، وما يمكن تقديمه هو مجرد مؤشرات. من أهم هذه المؤشرات أن سياسة “أمريكا أولاً” قد تدفعه إلى تأخير الاهتمام بأفريقيا. ومع ذلك، قد تتدهور الأوضاع مع أوروبا، مما يجعله يتحول للتركيز على أفريقيا وأمريكا الجنوبية، خاصة فيما يتعلق بالفرص الاستثمارية والأسواق الراغبة في المنتجات الأمريكية رغم ارتفاع أسعارها.
أعتقد أن الأيام المئة الأولى من حكم ترامب ستحدد توجهاته بناءً على الواقع الأمريكي وليس وفق أجندته المعلنة. الواقع الأمريكي يشهد انقسامات عميقة ومحاولات اغتيال، مما يجعل الولايات المتحدة أمام تحول تاريخي قد يتجاوز شخصية ترامب نفسه.
هل ترامب قادر على إنهاء الحرب في السودان؟
الحرب في السودان تقترب من نهايتها بالفعل، ولذلك فإن المهمة تبدو سهلة. ربما يكون تدخل ترامب لصالح الشرعية عاملاً حاسمًا في إنهاء الحرب، لكن إذا كان موقفه مغايرًا، فقد يؤجل الحسم قليلًا، مما قد يؤدي إلى تقارب روسي-سوداني يصل إلى مستوى التحالف.
الإدارة الأمريكية فرضت عقوبات على البرهان حيث اتهمته بعرقلة السلام وارتكاب فظائع بحق المدنيين. ماذا يعني لكم فرض العقوبات الأمريكية على البرهان؟
إدارة بايدن والديمقراطيين قاموا بذلك في سياق ما يُعرف بـ”قرارات منتصف الليل”، وهو مصطلح أمريكي يشير إلى القرارات التي تصدرها الإدارة المنتهية ولايتها لأسباب حزبية بهدف تعقيد الأمور على الإدارة التالية. كما تُسمى هذه الفترة بـ”البطة العرجاء”، في تشبيه بالبطة التي تأتي متأخرة عن سربها وفيها عيب.
أنا توقعت هذه الخطوة لأنني أعرف عمق الصراع الأمريكي، وأعتقد أن إدارة بايدن تسعى إلى تفخيخ الساحة السياسية والتحول إلى معارضة شرسة ضد ترامب. وما حدث حتى الآن هو مجرد بدايات.
يبدو أن البرهان لا يُعير أهمية للعقوبات الأمريكية، على الرغم من أن التاريخ يظهر تأثيرها السلبي على الدولة السودانية، مثل الحصار الذي فرضته أمريكا خلال حكم البشير والذي أضر بالسودانيين. ومع ذلك، يصر البرهان في تصريحاته على التقليل من قيمة هذه العقوبات. كيف تُعلِّق على رد فعل البرهان بشأن العقوبات؟ وهل يمكن أن تكون كلفتها عالية على السودانيين بحيث تؤدي إلى حصار اقتصادي على الدولة بعد وقف الحرب؟
العقوبات الأمريكية كانت دائمًا ضارة بالشعوب، والآن أصبحت ضارة بالشعوب وأمريكا نفسها. هذا ليس مجرد رأي شخصي، بل هو ما يؤكده العديد من المفكرين والسياسيين الأمريكيين. شاركت في العديد من الفعاليات وسمعت تأكيدهم على هذا الأمر. ولكن الديمقراطيين أولوا مصالح حزبهم الأولوية على حساب مصلحة أمريكا. لدينا حوار مستمر مع ترامب وطاقمه، سواء قبل فوزه أو بعده، وحتى الآن.
دول كثيرة في الآونة الأخيرة تتنافس على البحر الأحمر، بينما يعيش السودان حربًا ضروسًا. ما مدى تأثير التجاذب الدولي على السودان؟
أنا ضد وجود أي قاعدة أجنبية على الساحل السوداني، سواء كانت روسية أو أمريكية أو غيرها. هذا رأي شخصي، ولكن هناك جيش ومنظومة أمنية في السودان تمتلك تقديرات مختلفة. أنا أدعم الخيار الوطني، ولكنني أعتقد أنه يجب إدارة حوار وطني داخلي حول مسألة القاعدة الروسية أو نقطة التزود، وألا ينفرد الجيش باتخاذ هذا القرار. فقد انفرد الرئيس البشير سابقًا بقرار المشاركة في حرب اليمن، وكان ذلك قرارًا خاطئًا.
الجيش السوداني يبدو أقرب لمحور الشرق، بما في ذلك روسيا والصين وإيران، وربما تكون هناك قواعد روسية على سواحل البحر الأحمر. في حال حدوث هذا السيناريو، كيف سيكون رد فعل الولايات المتحدة الأمريكية التي تهتم بالمواقع الاستراتيجية في القرن الأفريقي؟
ستميل الولايات المتحدة إلى الحوار مع السودان، ولكن لكل حادثة حديث. الحرب في أفريقيا والصراع في إقليم الساحل بين النفوذ الروسي والغربي جعلني أصفها بـ”حرب الديمال” (Demal War)، وهو مصطلح يجمع بين “De-democratization” (إلغاء الديمقراطية) و”Mal-Democratization” (تشويه الديمقراطية). روسيا تقدم نموذجًا للاقتصاد العسكري مع تجريف الديمقراطية، بينما ينشر الغرب ديمقراطية مشوهة تُقدّم حقوق الشذوذ على حقوق أساسية كالحصول على مياه الشرب، وتُنشئ نخبًا عميلة تحكم باسم المدنية المزيفة.
حاليًا، أفريقيا أصبحت ميدانًا لهذه الحرب، ولا يوجد طرف يعبر عن المصلحة الأفريقية. لكن الجفاف الوطني يدفع بالتقديرات الأمنية والعسكرية نحو الخيار الروسي-الصيني. أنا أؤيد خروج السودان من هذه الحرب.
أنا دارس للعلوم السياسية والعلاقات الدولية، ولم أسمع بمصطلح “حرب الديمال”. فما هو المقصود به؟
هذا المصطلح اجتهاد شخصي مني لتوصيف الحالة في حرب الساحل الأفريقي، التي تمثل صراعًا بين النفوذ الروسي والغربي. وقد بدأ أصدقائي الأفارقة في استخدامه أيضًا.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس