أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. أكد كمال كرار، القيادي بالحزب الشيوعي السوداني، أن الثورة لا تزال متقدة رغم مرور ست سنوات على إسقاط نظام الإسلاميين، مشدداً على أنها “عصية على التركيع” بعد أن خاضت قواها معارك صعبة واجتازت مؤامرات متتالية.
وقال كرار في حواره مع “أفريقيا بريس” إن الثورة تمثل “ضرورة موضوعية وثابتة” و”الأمل الوحيد” لإنقاذ السودان من الحرب والتقسيم، مضيفاً أن القوى الثورية قطعت شوطاً كبيراً في توحيد صفوفها.
وفيما يخص الحلول، شدد كرار على أن “الدولة المدنية هي الحل الوحيد” لتحقيق السلام المستدام، موضحاً أنها يجب أن تقوم على برنامج شامل يعالج جذور الأزمات وينشئ دولة مواطنة تتسع للجميع. وأضاف أن الحزب أطلق في ديسمبر الماضي مبادرة لإنهاء الحرب تستند إلى عقد مؤتمر قومي دستوري شامل، معتبراً أن هذا المؤتمر هو “الضمانة الحقيقية” لوحدة السودان.
وأكد أن “السلام الحقيقي يحتاج لمشروع وطني شامل” يقطع مع الأسباب العميقة للنزاعات، معرباً عن ثقته في انتصار إرادة الشعب.
هل ما زالت الثورة حيّة بعد ستة سنوات من الإطاحة بنظام عمر البشير؟
نعم، الثورة لا تزال حيّة وعصية على التركيع، لأن قواها، وبرغم الحرب، خاضت تجارب ومعارك كثيرة خلال السنوات الست الماضية، وتعرضت للمؤامرات تلو المؤامرات، فعبرت فوقها.
الثورة والتغيير ضرورة موضوعية ورغبة غالبية أهل السودان، وهما الأمل الوحيد الذي سيعصم السودان من الحرب والتقسيم، ولهذا ستنتصر الثورة وتعيد تماسك الوطن والشعب.
وعلى صعيد القوى الثورية نفسها، فقد قطعت شوطًا بعيدًا من أجل التوحد وتعزيز العمل المشترك لإنهاء الحرب واسترداد الثورة، وستظهر النتائج قريبًا. أما معسكر أعداء الثورة، ففي ظل الحرب، فقد ضعف وانقسم، وأدى الصراع على السلطة بينهم إلى إضعاف قدراتهم يوميًا.
لذلك نقول: الثورة مستمرة، والنصر حليف الشعب.
ثمة من يقول إن الحرب أشعلها الإسلاميون بغرض العودة إلى السلطة.. هل تتفق مع هذا الطرح؟
الحرب هي صراع على السلطة بين اللجنة الأمنية العليا للنظام البائد، في قيادة الجيش، ومليشيا الدعم السريع التي صنعها النظام البائد نفسه. واللجنة الأمنية ذاتها هي الذراع العسكري للإسلاميين، ولم تتغير هذه الصفة.
وبعد الثورة، ظلت هذه اللجنة العائق الأساسي أمام برنامج الفترة الانتقالية، والمتآمر الدائم ضد الثورة والثوار. وعليه، ليس هناك فاصل بين الإسلاميين في مراميهم، سواء كانوا بالكاكي أو الملكي. وبالتالي، فإن هدف الحرب الأساسي هو عودتهم بالكامل إلى السلطة وشطب الثورة من القاموس السياسي بالبندقية والحرب والترويع.
الحرب ليست محصورة بين الطرفين المتقاتلين، بل تُستخدم خلالها أساليب القمع والقهر والتصفيات تجاه قوى الثورة، وتمتلئ المعتقلات بالثوار. وفي مناطق سيطرة الطرفين، تُفرض حالة الطوارئ، وتشتد القبضة الأمنية على كل مظهر من مظاهر الحركة الجماهيرية.
الإسلاميون الذين أخرجتهم الثورة من السلطة بإرادة الشعب، يريدون العودة على أسنة الرماح، ولو على أنقاض الوطن وجماجم الشعب، ولكنهم سيخسرون، وستتهاوى أحلامهم المريضة على رؤوسهم.
ما هو موقف الحزب الشيوعي من الدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع؟
موقفنا من مليشيا الجنجويد، التي تحولت لاحقًا إلى قوات الدعم السريع، مبدئي ولم يتزحزح؛ فهم قطاع طرق سلّحتهم الإنقاذ المبادَة من أجل القتال معها لإبادة أهل دارفور والتطهير العرقي، وبالتالي فهم شركاء في الجريمة مع نظام المخلوع البشير.
والحرب الآن تدور بالوكالة، تغذيها بالسلاح أطراف خارجية ودول معروفة، وكلها تسعى لتكريس مصالحها في السودان ودعم وكلائها المحليين للوصول إلى السلطة. موقف الإمارات ومصر وتركيا وإيران وروسيا من الحرب واستمرارهم في تغذيتها، يجد الإدانة من الحزب الشيوعي، ونقول: ارفعوا أيديكم، وكفى تدخلاً.
ما رأيك في التشكيلات العسكرية والمسميات التي تقاتل مع الجيش؟ هل السودان على موعد مع تمرد جديد أو بالأحرى دعم سريع جديد؟
المليشيات التي تقاتل الآن مع هذا الطرف أو ذاك، بما فيها حركات جوبا، ستكرر لاحقًا نفس سيناريو الدعم السريع. فمن يقاتلون اليوم، يطلبون المغانم غدًا؛ إذ لا توجد الوطنية في قاموسهم.
ما هي رؤية الحزب الشيوعي لتحقيق السلام في السودان؟ وما هي رؤيتكم لما بعد وقف الحرب؟
يرى الحزب الشيوعي أن تحقيق السلام المستدام في السودان يبدأ بإقامة دولة مدنية حقيقية تقوم على برنامج شامل يعالج جذور الأزمات وينشئ دولة مواطنة تتسع للجميع دون تمييز. هذه الدولة المدنية تمثل الأداة الوحيدة القادرة على طي صفحة الحروب الأهلية وفتح الطريق أمام عقد مؤتمر قومي دستوري شامل.
يعتبر الحزب الشيوعي أن هذا المؤتمر الدستوري يشكل المنصة الوحيدة الكفيلة بحل القضايا المصيرية للسودان، وهو الضمانة الحقيقية للحفاظ على وحدة البلاد ومنع تمزقها. ففي ديسمبر الماضي، أطلق الحزب مبادرة واضحة لإنهاء الحرب واستعادة مسار الثورة، تهدف إلى توحيد الصف الثوري وتحقيق النصر على قوى الحرب ومؤيديها. تضمنت هذه المبادرة برنامجاً عملياً يُعتقد أنه قادر على انتشال السودان من وحدته الحالية، ويقدم حلولاً جذرية للأزمة الراهنة.
رؤية الحزب تنطلق من إيمانه بأن السلام الحقيقي لا يتحقق بمجرد وقف إطلاق النار، بل يحتاج إلى مشروع وطني شامل يعيد بناء الدولة على أسس جديدة تضمن العدالة والمساواة وتقطع مع الأسباب العميقة التي أدت إلى اندلاع النزاعات.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس