أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. مازالت رحى الحرب تدور في النيل الأزرق، في وقت لم تحرك السلطات ساكنا لوقف النزيف المتصاعد هناك، سوى إنها فرضت حالة الطوارئ وحظر التجوال بالاقليم، وقُتل أكثر من 150 شخصًا وجُرح 86 آخرون جراء اشتباكات بين قبيلة الهوسا ومجموعة قبائل الفونج في منطقة ود الماحي بولاية النيل الأزرق جنوبي السودان .. فيما يطرح السؤال، عن اسباب الاقتتال وآليات إيقافه؟
أبعاد تنافسية

واعتبر المحلل السياسي محيي الدين محمد محيي الدين، أن القتال في النيل الأزرق يعد مظهرا من مظاهر الخلافات التي تحدث بيت أبناء قبائل النيل الأزرق في الحركات المختلفة والموقعة على السلام وغير الموقعة، بمعنى آخر يقول محيي الدين “إن الخلاف يأخذ ابعادا تنافسية بين مجموعة عبدالعزير الحلو في الحركة الشعبية ومجموعة مالك عقار والعمدة “بادي”، وبالتالي هذا القتال بحسب محيي الدين يعد مظهرا من مظاهر الصراع السياسي والعسكري داخل الفصلين المنقسمين عن الحركة الشعبية، وأضاف لموقع “أفريقيا برس”؛ “كذلك القتال يعد مظهرا من مظاهر عمل القوى السياسية والحركات المسلحة على زيادة عضويتها من خلال إستقطاب القبائل”، وهذا أمر يقول عنه محيي الدين خطير جدا على اعتبار إنه سيحدث تشظيا في المجتمع وسيخلق عداوات ما كانت مورثة في العلاقة بين القبائل المختلفة بالنيل الأزرق.
وفي رده على سؤال، كيف يمكن إيقاف الاقتتال؟ يقول محيي الدين “إن الإيقاف يكون من خلال تطبيق القانون بمعنى أن من يرتكب جرما يجب أن يتحمل هذه الجريمة ولا تتحمل عنه قبيلته”، مشددا على ضرورة أن يشعر الجميع بأن الدولة تتعامل معهم بمقدار واحد من التسامح وتمنع وتأخذ على يد المعتدي وتنصر المظلوم في سياق القانون، مشيرا إلى ان هذه نقطة مهمة. وأردف “الامر الثاني في المعالجة بسط هيبة الدولة و ذلك بانتشار أجهزة الدولة بما يمنع حدوث مثل هذا الأمر،فضلا عن سرعة القبض على من افتعلوا هذه الاحداث وتقديمهم للعدالة، ثم العمل على متابعة كل المعلومات بدقة خاصة التي تحول مسعى بعض الجهات لإشعال فتيل الفتنة في المنطقة بحيث يتم التعامل معها قبل اندلاع القتال”، مؤكدا إن هذه نقاط مهمة تسهم في وقف القتال في النيل الأزرق.
توترات واحتكاكات

أما عضو المكتب السياسي لحركة حق، مجدي عبدالقيوم كنب، يقول لموقع “أفريقيا برس”؛ “إن ما يحدث فى النيل الأزرق لا يخرج عما يحدث فى المناطق الاخرى التى شهدت توترات واحتكاكات بين مكوناتها مع الاختلاف النسبي بالطبع”، مشيرا إلى أن هذه الصراعات تتداخل فيها عوامل كثيرة، مستدركا “لكنها ظاهرة تحدث عالميا نتيجة ارتفاع الوعي بالحقوق ومن بينها الثقافية المتعلقة بسمات وقيم وعادات القوميات وهي نتاج ثورة المعرفة والمعلوماتية”، ويضيف “معالجة هذه القضايا الشائكة لها صلة بأنظمة الحكم والدستور” والذي قال عنه كنب “يجب أن يقوم على المواطنة واحترام التنوع وجوهر الأمر؛ القدرة على إدارة التنوع”، ولم يتهم كنب جهة بعينها في القتال الذي يدور في النيل الأزرق، إذ يقول “لا يمكن القول إن هناك جهة بعينها تقف وراء ذلك” فهذا حسب كنب يحتاج لشواهد وأدلة، مضيفا “كذلك القتال وعلى وجه الاجمال هو إفراز طبيعي وتجلي للتحولات الكبرى التي يشهدها العالم.
فاجعة وكارثة

وفي نظر الكاتب الصحفي عبدالماجد عبدالحميد، فإن ما يحدث في منطقة ود الماحي بولاية النيل الأزرق يعد فاجعة وكارثة إنسانية وتطورا خطيرا في طبيعة وكيمياء المشاكل الاثنية والقبلية بالسودان والتي بحسب عبدالحميد بلغت ذروة مآسيها الصادمة في منطقة ود الماحي خلال اليومين الماضيين، ويضيف في منشور له على موقع فيسبوك “حتى مساء أمس تم دفن أكثر من 154 قتيلاً بينهم الشيوخ والأطفال والنساء والعجزة .. تم قتل بعضهم بطرق وحشية ولقي كثيرون حتفهم حرقاً وهم أحياء وآخرون حصدهم الرصاص الحي بلا رحمة”، وأردف “أعداد القتلى في تصاعد وألسنة لهب الفتنة القبلية عادت مرة أخرى إلى قلب مدينة الدمازين التي تحولت إلى مدينة أشباح يلفها صمت الرعب والخوف من رصاصة مجهولة المصدر وقاتل لايرحم”، ويؤكد عبدالحميد أن ما يحدث في ولاية النيل الأزرق يفضح ويكشف حالة اللامبالاة التي تتعاطى بها النخب السياسية والعسكرية والأمنية مع الأحداث الدامية هناك، وأردف “في الوقت الذي يصرخ الأطفال والعجزة من هول الفاجعة، يقضي حاكم النيل الأزرق لحظات سعيدة إلى جانب مالك عقار بدولة جنوب السودان، وفي هذا الوقت تقف الأجهزة الأمنية والعسكرية عاجزة هي الأخرى عن لجم شيطان القتل والدم المسفوح علي الطرقات”، ويقول “إن ما حدث ويحدث في منطقة ود الماحي كشف ويكشف عن تطور خطير في طبيعة النزاع الاثني هناك”، حيث بحسب عبدالماجد دخلت الأسلحة الحديثة إلى ميدان الفتنة وصار قتل النفس أسهل من إلقاء تحية.
أحداث مفتعلة
ويرى مراقبون، إن وقف الاقتتال في النيل الأزرق يتم عبر تطبيق القصاص للجناة، مشددين على ضرورة أن لا يكون هنالك مصالحات بين القبائل، معتبرين ذلك يشجع الجناة على ارتكاب المزيد من الجرائم، ويرى المراقبون في حديثهم لموقع “أفريقيا برس”؛ إن أحداث النيل الأزرق مفتعلة وتقف خلفها جهات خارجية بمساعدة أيادي داخلية، داعين في ذات الوقت السلطات للكشف عن هذه الجهات ومحاسبتها دوليا في المنظمات الحقوقية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس