هل تقود تصريحات العطا إلى حرب بين السودان وتشاد؟

7
هل تقود تصريحات العطا إلى حرب بين السودان وتشاد؟
هل تقود تصريحات العطا إلى حرب بين السودان وتشاد؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. في تصريح مفاجئ، هدّد الفريق ياسر العطا، مساعد قائد الجيش السوداني، باستهداف مطار إنجمينا ومطار أم جرس في تشاد، وهو الأمر الذي أثار جدلًا واسعًا في الأوساط السودانية والإقليمية. وبينما رأى البعض أن تصريحات العطا غير مقبولة وتُعدّ تدخلاً سافرًا في شؤون الدول، رأى آخرون أن حديثه مشروع، ويحق للسودان الدفاع عن نفسه، باعتبار أن تشاد اعتدت على السودان من خلال دعمها المتواصل لقوات الدعم السريع.

وقد أثار تصريح العطا بشأن استهداف مطار إنجمينا تساؤلات عديدة، أبرزها: هل ستندلع حرب بين السودان وتشاد؟ وكيف يقيّم الخبراء تصريحات ياسر العطا؟

وكان الفريق ياسر العطا، مساعد قائد الجيش السوداني وعضو مجلس السيادة، قد أعلن أن مطاري أم جرس وإنجمينا في تشاد أصبحا “هدفين عسكريين مشروعين” للجيش السوداني، مضيفًا أن بلاده ستقتصّ من الإمارات، باعتبارها من مراكز الدعم الرئيسية لقوات الدعم السريع.

ماذا قالت تشاد؟

بدورها، ردّت وزارة الخارجية التشادية على تصريحات العطا، حيث اعتبرتها إعلان حرب على تشاد، مشددة على حقها في الدفاع عن نفسها.

وقالت الخارجية التشادية في بيان إن “تصريحات العطا تضمنت تهديدات صريحة لأمن وسلامة أراضي دولتنا”، محذرة من أن هذه التصريحات قد تؤدي إلى تصعيد خطير في المنطقة بأسرها.

حرب موجودة

في هذا الصدد، قال الخبير العسكري مكي المغربي لموقع “أفريقيا برس” إن الحرب بين السودان وتشاد قائمة أصلًا، وإن تشاد تحارب السودان. وتابع قائلًا: “الحرب موجودة ومندلعة، لأن تشاد ظلت تدعم قوات الدعم السريع بجنود تشاديين، وكانت مطاراتها مهبطًا ومعبرًا لدعم هذه القوات من قبل الإمارات”.

ويرى المغربي أن تصريحات الفريق ياسر العطا تُعدّ ردًا على تشاد التي تستهدف السودان عبر وسائل الدعم المقدّمة لقوات الدعم السريع. وأضاف: “حديث القائد ياسر العطا منسجم مع القانون الدولي”.

وأشار إلى أن المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة تنص على ضرورة أن تدافع أي دولة عن حقها في حال تعرضت لاعتداء من دولة أخرى.

وقال المغربي إن هناك “دولة ومواقع محددة تخرج منها السكاكين لذبح الأطفال السودانيين، واختطاف البنات وبيعهن كعبيد جنسيين” – في إشارة إلى تشاد.

وتابع: “هناك أيضًا دول شاركت في مذبحة المساليت بالسلاح والمرتزقة والخبراء، بل إن الميليشيا، قبل يومين فقط، ذبحت بأسلحتهم 48 شخصًا في جبال الميدوب بمنطقة المالحة شمال الفاشر، وهذا لا يمكن وصفه إلا بأنه إبادة جماعية مستمرة (Ongoing Genocide)”.

ورأى المغربي أن من لا يُدين استمرار دولة في ذبح السودانيين، ويسعى إلى تجريد السودان من حق الرد لوقف هذه الجريمة، فهو يقف مع الجريمة ومع المذابح.

تصريحات صبيانية

فيما انتقد الكاتب الصحفي علاء الدين بابكر تصريحات ياسر العطا، واصفًا إياها بالصبيانية. وقال لموقع “أفريقيا برس” إن تشاد دولة مستقلة وذات سيادة، ولا يمكن تهديدها بهذه الطريقة الصبيانية التي لا تمت بصلة لرجل دولة.

ونوّه إلى أن تصريحات ياسر العطا لا تمثل الدولة السودانية ولا شعبها، بل تمثل نفسه فقط، بحسب تعبيره.

ويرى بابكر أن التدخل في شؤون الآخرين نهج قديم كان سائدًا في عهد الحكومة السابقة، مؤكدًا أنه ساهم في زعزعة استقرار العديد من دول الجوار، بما فيها تشاد وأفريقيا الوسطى وليبيا وجنوب السودان ومصر وإثيوبيا وإريتريا وأوغندا، داعيًا في الوقت ذاته إلى تجنّب هذا المسار الذي وصفه بـ”الطريق الخطير الذي لا تُحمد عقباه”.

وقال بابكر: “من الواضح أن العطا يسير على ذات النهج الإنقاذي في التدخل في شؤون الآخرين، وهو مسلك غير مقبول”.

تصعيد خطير

القيادي في حزب الأمة القومي، عروة الصادق، اعتبر تصريحات ياسر العطا تصعيدًا خطيرًا في العلاقات بين السودان وتشاد. وأوضح أن هذا التصريح يأتي، بحسب تعبيره، في سياق اتهامات سودانية متكررة لتشاد بتسهيل الدعم اللوجستي والعسكري لقوات الدعم السريع عبر الإمارات، وهو ما تنفيه تشاد بشدة.

ويرى الصادق أن تصريحات العطا تُعدّ جزءًا من حرب نفسية تهدف إلى الضغط على تشاد لتغيير موقفها، الذي يبدو ظاهريًا محايدًا في النزاع السوداني. واستدرك قائلًا إن هذه التصريحات تُخاطر بجرّ المنطقة إلى صراع أوسع، خاصة مع الوضع الهش في السودان ودارفور المجاورة لتشاد، مضيفًا: “الحرب، كما يُقال، أولها كلام، لكن انتقالها إلى أفعال يتطلب خطوات ملموسة، مثل التحركات العسكرية أو قطع العلاقات الدبلوماسية”.

وقال الصادق لموقع “أفريقيا برس” إن تشاد، في بيانها الرسمي، أكدت التزامها بالحياد، ودعت السودان إلى التركيز على أزمته الداخلية بدلًا من “التهديدات العبثية”. وأضاف أنه إذا استمر التصعيد اللفظي أو تحوّل إلى عمل عسكري، فقد يفتح ذلك جبهة جديدة تُزيد من تعقيد النزاع الإقليمي، مشيرًا إلى أن الوضع سيبقى معلّقًا على حافة الهاوية. ورغم أن اندلاع حرب فورية ليس مؤكدًا، إلا أن التاريخ يُعلّمنا أن الكلمات القاسية قد تكون شرارة كافية إذا لم تُحتوَ بحكمة وسرعة، متسائلًا في ختام حديثه: “فهل من مُحتوٍ حكيم؟”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here