الاتفاق الإطاري.. هل ينجح في حل مشكلة الشرق؟

137
الاتفاق الإطاري.. هل ينجح في حل مشكلة الشرق؟
الاتفاق الإطاري.. هل ينجح في حل مشكلة الشرق؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. من المقرر أن تنعقد ورش مؤتمر قضية شرق السودان، والتي تأتي ضمن خمسة قضايا تناقش في العملية السياسية “الاتفاق الإطاري” فهل ينجح المؤتمر في حل قضية الشرق؟ وكيف يمكن أن تحل القضية؟

تخبط وتهوان

الكاتب الصحفي والمهتم بشرق السودان عامر محمد صالح يقول لـ “أفريقيا برس” إن المؤتمر يحمل بين ثناياه كل أسباب الفشل ولا أعتقد بنجاحه البتة على اعتبار أن الأشخاص الذين سيتم دعوتهم ليتصدروا المشهد هم ذاتهم من شارك بعضهم بشكل أو بآخر في إشعال وتأجيج المشكلات في شرق السودان، في وقت يقول فشل فيهم البعض الآخر في المساهمة ولو قليلاً في حل تلك المشكلات. وتابع ، من يديرون العملية السياسية الآن هم نفسهم من فشلوا في إدارة أزمة الشرق بل وإستفحالها، وارجع ذلك إلى ما أسماه نتاج تخبط وهو أن المكون المدني في حكومة قحت ومبالاة البرهان وشقه العسكري ، ويرى صالح أن الظروف السياسية الماثلة بشرق السودان تتمثل في أن طرف يتمسك بسلام الشرق وآخر يصر على رفضه وإلغائه وإطلاق منبر تفاوضي جديد دون وجود مؤشرات ومبررات حقيقية وموضوعية ومنطقية لرفض هؤلاء أو موافقة أولئك.

ولنجاح أي عملية سياسية بشرق السودان والخروج بنتائج مغايرة لما حدث في السنوات الماضية من فتن وأزمات وإقتتال أهلي يشدد عامر على ضرورة تغيير الأوضاع والأشخاص الذين تسببوا في ذلك ، وذلك من خلال حصر دعوة المشاركة في المؤتمر على الفاعلين في مجال العمل العام والسياسيين والأكاديميين ورموز الثورة بشرق السودان بمختلف مراحلهم العمرية ، وأضاف ، كذلك لابد من إعلاء قيمة الحوار والبناء على أسس سليمة كالقبول بالآخر وحقوق المواطنة لا العرق ، كما طالب بضرورة إستبعاد الإدارات الأهلية تماما من الشأن السياسي للتفرغ لأدوارها الإجتماعية ، بجانب أهمية إضطلاع الأجهزة الأمنية بدورها المهني تفاديا للإخفاقات وحالة السيولة الأمنية التي سادت في سنوات ما بعد سقوط النظام البائد في إبريل 2019.

فشل ذريع

المحلل السياسي إدريس سليمان قطع بأن المؤتمر لن ينجح في حل قضية الشرق ، مؤكدا بأنه سيفشل فشلا ذريعا وذلك لسبب بسيط هو غياب معظم أهل الشرق أصحاب المصلحة الحقيقية عنها. ويرى إدريس في حديثه لـ “أفريقيا برس” إن الحل هو ان تجري جهة ذات مصداقية متوافق عليها حوارا شفافا يشمل كل أهل الشرق ، وأن لا تقوم بذلك مجموعة من الناشطين لها عداءات مع كثيرا من اهل القضية. وتابع ، ستفشل كذلك كل الورش المتبقية لذات السبب وهو غياب أصحاب المصلحة عنها ، كما فشلت ورشة التمكين لأنها اعتمدت على حشد من الهتيفة صفقوا لتوصيات غير موضوعية وتفتقر العدل و تشكل خرقا بينا لسيادة حكم القانون ، موضحا بأن التوصيات أفسدت حتى مقترحات الخبراء الذين استجلبتهم الورشة نفسها.

صراع المصالح

ولم يختلف كثيرا القيادي بشرق السودان وعضو المكتب التنفيذي لحركة بلدنا جعفر خضر عن الحديث السابق، إذ يقول لـ “أفريقيا برس” لا أتوقع حلا يأتي من التسوية السياسية التي تجري ما بين الانقلابيين وقوى الحرية والتغيير، معللا بأنها تبقي على سيطرة الانقلابيين على الجيوش وتمنحهم حصانة من المسائلة القضائية رغم أنهم ارتكبوا واحدة من أفظع الجرائم ضد الإنسانية الموثقة، وهي مجزرة فض اعتصام القيادة العامة، والجرائم النكراء التي ارتكبوها في شرق السودان وغيره. وتابع ، إن المتورطين في تعميق أزمة شرق السودان هم أطياف من تحالفات متصارعة تتشكل من نخب محلية (تقليدية وحديثة) متحالفة مع نخب مركزية (عسكرية ومدنية) متحالفة مع دول خارجية (إقليمية ودولية) متورطة في نهب ثروات الإقليم ، منبها إلى أن هذه التحالفات تتصارع فيما بينها، لنهب ثروات الشرق، وان الكاسب الأكبر هو الدول الخارجية ، مستدلا بصفقة تشييد ميناء ابو عمامة، حيث يقول تتورط فيها دولة الامارات، أحد مكونات الآلية الرباعية التي تدعم ما يسمى بالعملية السياسية، المتحالفة مع نخب الخرطوم العسكرية والمدنية ( البرهان – جبريل إبراهيم – أسامة داؤود)، والتي تتحالف مع بعض النخب المحلية التي تعمل على تسويق الصفقة في الإقليم مقابل بعض العظام التي يلقونها لهم ، وتابع ، كان الناظر ترك قد استنجد بالدكتاتور المصري عبد الفتاح السيسي طالبا منه فتح الحدود وداعيا لتقرير المصير، وقد غض ترك نظره عن مثلث حلايب المحتل، ثم ذهب للبرهان ليؤكد على وحدة السودان، في حين ان البرهان نفسه يؤدي التحية العسكرية للسيسي ويحاول إعادة إنتاج النموذج السيساوي في السودان، والكل يذكر ذهاب حميدتي إلى روسيا ومحاولته لإعطاء روسيا موطأ قدم في البحر الاحمر، بالإضافة إلى شركة فاغنر التي تعبث بالبلاد ولا يعلم حجم عبثها أحد. لافتا الى أن كل هذا يدلل على تقاطعات المصالح ما بين النخب المحلية والمركزية والدول الخارحية على الشرق والذي بدوره لن يجني إنسان شرق السودان سوى مزيد من المعاناة.

وتابع ، إن الورشة المزمع انعقادها يتوقع أن تتناول موضوع “مسار شرق السودان” الذي صنعه الانقلابيون والحركات المسلحة مع أسامة سعيد وبعض الأفراد المعزولين سياسيا في الشرق ، مما أسهم في تأجيج الصراع ، ويقول فاقمت التنسيقية العليا لنظارات البجا والعموديات المستقلة من المشكلة حين رفضت مسار الشرق، ليس لأسباب سياسية، وإنما لأسباب إثنية بحتة، ونظمت مؤتمر سنكات الذي عمد للتقليل من شأن إثنيات بعينها إذا شارك صناع الأزمة في المؤتمر المزمع فكل جهدهم سينصب في نصيبهم الشخصي من السلطة والثروة، ولن يكونوا مؤهلين لأي مساهمة في حل الأزمة .

وتوقع جعفر مشاركة بعض الحادبين على قضية الشرق، مستدركا ، لكن أغلب المشاركين في المؤتمر لن يخاطبوا قضايا الشرق الحقيقية المتمثلة في غياب الديمقراطية، والتدخلات الخارجية ونهب الثروات ، واحتلال الأراضي، وتفشي القبلية وانتشار الفساد، وانعدام التنمية والعطش المقيم والأمراض المتوطنة، والفقر المدقع، والتعليم العقيم، وتخريب البيئة البرية والبحرية ، مع التأكيد على إن أزمة الشرق لا تنفصل عن أزمة السودان ككل. وقال جعفر إن الاصطفاف المدني المرتكز على أهداف ثورة ديسمبر هو الذي يسهم في حل الازمة، والذي يتشكل بالتشبيك بين الناشطين الحادبين على شرق السودان ولجان المقاومة المتجاوزة للقبلية، ومنظمات المجتمع المدني الشريفة، والحكماء من رجالات الإدارة الأهلية، الذين يجب عليهم أن يتصدوا لقيادات الإقليم الانتهازية والسلطة المركزية العميلة والتدخلات الخارجية. وشدد على ضرورة أن يعمل هذا الاصطفاف على تجاوز اتفاقية جوبا للسلام، وتجاوز مؤتمر سنكات، وأن يعمل على نشر الوعي في كل انحاء الإقليم، وان ينظم هذا الاصطفاف مؤتمرات للقضايا الشرق ينخرط فيه كل أهل المصلحة، وتدفع في اتجاه التعايش السلمي بين كل مكونات الشرق. كما شدد على ضرورة الانتباه إلى أن حل الازمة بصورة جذرية لن يتأتى إلا بإسقاط الانقلاب وتحقيق الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة المتساوية وسيادة حكم القانون، التي بحسب جعفر تعمل على إنجاز التنمية الشاملة المتوازنة المستدامة في ظل السيادة الوطنية .

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here