“الدعم السريع” تكثف هجماتها على الفاشر: انتهاكات واسعة وتدهور للوضع

16
"الدعم السريع" تكثف هجماتها على الفاشر: انتهاكات واسعة وتدهور للوضع

أفريقيا برس – السودان. تصرّ قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش السوداني منذ اندلاع الحرب بينهما في 15 إبريل/ نيسان 2023 على مواصلة هجماتها على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، غربي السودان، للسيطرة عليها، لكنها ظلت تصطدم دائماً بالفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش والقوات المساندة له من الحركات المسلحة الموقعة على سلام مع الحكومة السودانية، ما أفشل جميع هجمات “الدعم” والمليشيات القبلية الموالية لها على المدينة، التي تشهد هذه الأيام موجات نزوح متواصلة للمواطنين هرباً من تدهور الوضع الإنساني، والقصف المدفعي والجوي بالطائرات المسيّرة من الدعم السريع.

وكانت “الدعم السريع” قد سيطرت حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، على المدن الكبرى بأربع ولايات من أصل خمس في دارفور (غرب ووسط وشرق وجنوب دارفور)، ولم يتبقَ لها سوى مدينة الفاشر، وأعلنت قوات الدعم السريع، اليوم الجمعة، هجوماً على مدينة الفاشر بعد أن هاجمت، أمس الخميس، محلية أم كدادة، 140 كيلومتراً جنوب شرقي الفاشر، وأعلنت السيطرة عليها بعد معارك مع مجموعة من القوات الشعبية المساندة للجيش التي ظلت تدافع عن المدينة، وقالت “الدعم السريع” في بيان على “تليغرام”، إنها “حققت نصراً كبيراً بتحرير اللواء 24 أم كدادة (مبنى فارغ)”، من قبضة ما أسمته “جيش الإرهابيين”.

من جانبها، قالت تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر (تنظيم شعبي)، في بيان أمس الخميس، إن مليشيات الدعم السريع ارتكبت خلال هجومها على أم كدادة انتهاكات واسعة من نهب، وقتل، وسرقة ممتلكات المواطنين، وإيقاف أجهزة الستارلينك ومصادرتها. وأعلنت التنسيقية في بيان، اليوم الجمعة، شنّ الدعم السريع هجوماً جديداً على مخيّم زمزم للنازحين، 15 كيلومتراً جنوبي الفاشر من الاتجاهين الجنوبي والشرقي للمعسكر، مبينة أنه جرى التّصدي للهجوم، قبل أن تعاود “الدعم السريع” الهجوم مجدداً، وأشارت إلى أن المعلومات تفيد بمقتل 25 مواطناً، من بينهم أطفال وكبار ونساء، إلى جانب سقوط جرحى.

وأطلقت “الدعم السريع”، أمس الخميس، سرباً من طائراتها المسيّرة في اتجاهات متفرقه بالمدينة، ما أدى إلى حرق وتدمير عدد من مركبات المواطنين، وإصابات بين الأطفال والباعة المتجولين في المدينة، بجانب قصف مدفعي أدى لمقتل 20 شخصاً وإصابة 17 آخرين. وقالت الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش في المدينة، في بيان صحافي اليوم الجمعة، إن الدعم استهدفت عبر المسيّرات أيضاً عربة مواصلات متوجهة من مخيّم زمزم للنازحين إلى الفاشر، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من المواطنين.

وتمثل مدينة الفاشر واحدة من المدن الكبيرة في غرب السودان، وتبعد عن العاصمة الخرطوم حوالى 802 كيلومتر، وتضم 18 محلية (بلدية) ونحو 90 حياً، كما أنها تضمّ قيادة الفرقة السادسة مشاة بالقوات المسلحة، وتحدّ الفاشر من الغرب دولة تشاد، ومن الشمال ليبيا، وتمثل حالياً معقلاً رئيسياً للجيش السوداني في إقليم دارفور.

ويأتي تكثيف الدعم السريع هجماتها على الفاشر والمناطق حولها، بعد هزيمتها في الأشهر الماضية، وإبعادها عن ولايات سنار، والجزيرة، والنيل الأبيض، وغالب ولاية الخرطوم. ويحذر مراقبون من أبناء دارفور، من محاولة الدعم السريع السيطرة على الفاشر كآخر مدن دارفور الكبرى، للمساومة بورقة فصل الإقليم، وأطلقوا دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي بحشد القوات من الولايات الأخرى لفك الحصار عن الفاشر، وإفشال مشروع الدعم السريع بالسيطرة على كامل الإقليم الغربي.

وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح (حركات مسلحة موقعة على سلام مع الحكومة السودانية)، المساندة للجيش العقيد أحمد حسين، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إن “الدعم السريع” شنّت منذ بداية الحرب أكثر من مئتي هجوم على الفاشر، وفشلت جميعها، مؤكداً جاهزيتهم الآن لصدّ أي هجوم جديد.

وأضاف حسين أن مليشيات الدعم السريع، بعد فشلها عسكرياً وهزيمتها على الأرض على أسوار مدينة الفاشر، لجأت إلى أساليب أخرى تمثلت بانتهاكات واسعة جداً لكل المناطق الواقعة غرب وجنوب مدينة الفاشر، مبيناً أنه جرى حرق كل هذه المناطق، وتهجير سكانها، وتشريدهم، وقتلهم، والآن بدأت مرحلة أخرى، وهي الاعتداء على النازحين داخل مدينة الفاشر عبر عمليات القصف المدفعي المتعمّد، وتابع حسين: “لكن كل هذه المحاولات بمثابة أسلوب العاجز المهزوم، ومدينة الفاشر وأبطالها جاهزون للتصدي لأي هجوم تتعرض له من المليشيات ومرتزقتهم”.

وكان وزير الاعلام المتحدث باسم الحكومة السوداني خالد الإعيسر قال في بيان بتاريخ 5 إبريل الحالي، إنّ مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، محاصرة من مليشيا الدعم السريع المتمردة منذ مايو/ أيار 2024، في حين يكتفي مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بالتعبير عن القلق دون اتخاذ أي إجراءات فعلية لحماية المدنيين، وذكر الإعيسر أن هذا يستدعي من الأمم المتحدة أن تتخذ خطوات فعالة وجادة لوقف هذه الجرائم ضد المدنيين، ومنع وصول المساعدات إلى مدينة الفاشر، وعلى رأس ذلك ضمان تنفيذ رفع الحصار عن المدنيين، وفقاً للقانون الدولي وبموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2736.

واعتمد مجلس الأمن الدولي بتأييد 14 عضواً، وامتناع روسيا عن التصويت القرار رقم (2736) في 13 يونيو/حزيران 2024، الذي يطالب بأن توقف قوات الدعم السريع حصارها للفاشر، ويدعو إلى وقف فوري للقتال، وخفض التصعيد في الفاشر ومحيطها، وسحب جميع المقاتلين الذين يهدّدون سلامة وأمن المدنيين، وقد تجاهلت “الدعم السريع” القرار، وواصلت حصار الفاشر ومهاجمة مخيّمات النازحين حولها.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here