أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. قلل القيادي في الحزب الشيوعي كمال كرار من جدوى وفاعلية التجمعات الخارجية التي تنظمها الدول للقوى السياسية بشأن أزمة السودان، معتبرا أن الهدف منها خلق توازنات سياسية محددة لضمان مصالحها بعد وقف الحرب، مؤكدا أن التدخلات الخارجية هي سبب الحرب.
في الأثناء، قال كرار في حوار مع “أفريقيا برس” إن “منبر جدة لم يفلح في تثبيت الهدن التي اقترحها سابقا على أطراف الحرب”، متسائلا “كيف ينهي الحرب بعد تمدد رقعتها ومشاركة أطراف عديدة فيها”، واضاف “منبر جدة سيظل عاجزا عن وقف الحرب لغياب آلية ضغط فعالة على الطرفين”، منوها إلى أن “استمرار الحرب أصبح هدفا مرسوما لقادة الحرب وذلك حتى يتجنب عواقب توقف الحرب سيما في ظل تكرار الحديث عن الانتهاكات والمساءلة والجرائم المرتكبة”.
عدد كبير من القوى السياسية شاركت وانضمت لمؤتمر “تقدم” في أديس أبابا.. لماذا لم يكن الحزب الشيوعي ضمن تقدم؟ وماهو موقفكم من مؤتمر تقدم الذي انعقد في أديس أبابا ؟
الحزب الشيوعي أعتذر عن حضور اجتماع تقدم، بعد الدعوة التي قدمت له وذلك للتباين الواسع بين رؤية الحزب وأطروحات “تقدم” المقدمة للمؤتمر ومآلاتها على مستقبل ومصير السودان. نتج التباين عن خلاف عميق حول تقييم مجريات الأحداث منذ اندلاع الثورة في ديسمبر 2018، والكيفية المغايرة لخط الثورة ومواثيقها وبعيداً عن تحقيق شعارات الثورة في ما مضى من الفترة الانتقالية وما أسفر عنها من نتائج عادت بالوطن للأزمة العامة تجلت في عدم الاستقرار السياسي والتبعية للخارج وتمظهرت في إنقلاب 25 أكتوبر 2021 واندلاع الحرب في 15 أبريل 2023 وتجاذب محاور قوى رأس المال العالمي لمصير السودان مما عانى الإنزلاق إلى ذات المسار السياسي الإجتماعي، طريق التخلف والفقر وارتهان سيادة الوطن وتهديد وحدته وتكرار تقسيم البلاد. بالطبع التباين الواسع لتقييم مجريات أحداث الثورة العميقة يتبعه بالضرورة خلاف عميق في أسلوب الحل وتحديد القوى الاجتماعية صاحبة المصلحة في هكذا حل. بالتالي فإن “تقدم” لا تقدم أي حلول للأزمة المستفحلة، بما فيها الحرب، بل تسعى وستظل تسعى لمساومات جديدة تعيدها للسلطة.
وما هو رأيك في طرح مصر والتي ستسضيف قوى سياسية سودانية في هذا الشهر لحل الأزمة السودانية؟
معظم التجمعات الخارجية التي تتبناها بعض دول الجوار تهدف لخلق توازنات سياسية محددة، إستباقا لوقف الحرب، لضمان مصالحها فيما بعد، ولهذا السبب تنظم المؤتمرات والورش، وهي أيضا محاولات لإعادة الفلول للمشهد السياسي القادم تحت ذريعة التوافق الوطني. الشاهد أن التدخلات الخارجية الكثيفة تلقى صداها عند بعض القوى السودانية، رغم أن هذه التدخلات كانت أحد أسباب اندلاع الحرب.. وعموما فإن موقف الحزب الشيوعي واضح، وهو لن ينجر لمؤتمرات تكرس الهبوط الناعم، أو تجمع الفلول والعسكر والمليشيات.. وإرادة الشعب هي التي ستوقف الحرب وتحقق اهداف الثورة.
ماذا بشأن منبر جدة.. هل سيفلح في وقف الحرب؟
منبر جدة لم ينجح من قبل حتى في تثبيت الهدن التي أقترحها سابقا بين طرفي الحرب، عندما كانت رقعتها محدودة، الآن توسعت رقعة الحرب، وأطراف عديدة تشارك فيها.. والحال هكذا فإن منبر جدة، سيظل عاجزا عن وقف الحرب، لغياب اي آلية ضغط فعالة على الطرفين، واستمرار الحرب أصبح وكأنما هو هدف مرسوم لقادة الحرب، لتجنب أي عواقب ان توقفت الحرب، في ظل تكرار الحديث عن الانتهاكات، والمساءلة، والجرائم المرتكبة..أما التصريحات الاعلامية، حول المنبر نفسه، فهي تندرج تحت عنوان الحرب النفسية التي تمارس من أطراف الحرب المختلفة، ولكن في إعتقادي أن طول أمد الحرب قد يقود لتوازن ضعف، أو تململ في صفوف القوات المتحاربة، وحالات من التمرد على القيادات، وبالتالي يدفع الجميع نحو وقف الحرب..
بعد استبعادك بأن يكون الحل للأزمة السودانية عبر منبر جدة.. ماهو المخرج في نظركم؟
الحزب الشيوعي موقفه معلن من البداية وشعاره لا للحرب ونعم لاسترداد الثورة، وقبل أسابيع وجه التحالف الجذري والذي يعد الشيوعي جزءً منه، وجّه مذكرة للشعب السوداني وشعوب العالم.. ذكر فيها؛ ندعو شعوب العالم الحرة، وهيئات الجماهير في بلاد الإقليم وكل بلدان العالم، بأن يعملوا للضغط على حكوماتهم لتغيير سياساتها التي تؤجج الحرب في بلادنا، وتسمح لمجرمي الحرب والمنظمات الداعمة لهم من الإفلات من العقاب بل وضمان استمرارهم كعملاء ومشرعنين للنهب المنظم لثرواتنا ومستقبل أجيالنا كما يجب الآتي:
• إيقاف المساعدات الحربية لطرفي الصراع العسكري، وتجريم التعامل معهما، وحصار الدول والمنظمات الداعمة للحرب.
• اعتبار ما يسمى بقوات الدعم السريع مليشيات إرهابية، خارجة عن الدولة ومحاسبة قادتها ومؤسسيها ومموليها من أفراد ومنظمات ودول.
• الاعتراف بخطأ دعم مثل هذه المليشيات وشرعنتها، والتأكيد عل خطرها المحلي والإقليمي والدولي.
• إيقاف التعامل مع قيادة الجيش كقيادة سيادية أو سياسية للسودان، سحب الشرعية والاعتراف بسلطتها الانقلابية، ودعم التسليم الغير مشروط للسلطة للمدنيين ممن يمثلون قوى الثورة الفعلية.
• التعاون مع السلطة المدنية في تسليم قادة النظام وأرصدتهم المسروقة والكشف عن الأموال والأصول المسجلة لدى الدول والبنوك العالمية.
• الالتزام بدعم السلطة المدنية وفق الأولويات والسياسات التي تضعها السلطة، بما فيها الاعفاء الغير مشروط لمتبقي الديون الخبيثة التي دفعت للنظام الساقط واستخدمت في الحروب والابادة لشعبنا.
ثمة من يتخوف من أن تتحول حرب السودان لحرب بالوكالة، هل تتفق مع ذلك؟
الحرب في السودان اصبحت كر وفر.. وإمدادات السلاح تنهال على الطرفين دلالة على أنها أصبحت حربا بالوكالة، وبرغم من هذا وكما قلنا في الحزب الشيوعي؛ لحظة اندلاع الحرب أن لا خاسر ولا منتصر فيها.. بل الخاسر الوطن والشعب، وهذه حقائق ملموسة.
“تقدم” متهمة بوقوفها خلف قوات الدعم السريع وتشكل حاضنة سياسية لها وذلك بناء على مواقف عديدة لها.. هل تتفق مع هذا الطرح؟
تقدم ليست حاضنة للدعم السريع، لكن أطروحاتها ومواقفها المبنية على الوصفات الأجنبية تدفع بها مجددا نحو التحالف مع المنظومة العسكرية أياً كان شكلها بعد الحرب تحت لافتة لا مناص من وجودهم في السلطة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس