القمح الأمريكي .. هل يُنهي أزمة الخبز في السودان؟

44
القمح الأمريكي .. هل يُنهي أزمة الخبز في السودان؟

بقلم : خالد الفكى

منذ نهاية القرن الماضي يُعاني السودانيين من شح وندرة بشكل مُستمر فى توفير القمح ومشتقاته خاصة (الخبز) والذي يُعتبر الغذاء الرئيس لهم بعد حادثة المجاعة التي ضربت أجزاء واسعة من البلاد بحلول العام 1983، لتقديم المعونة الأمريكية حينها بملايين الأطنان من القمح هدية للمُنهكين منهم بفعل الجوع ليتحول مسار السلوك الغذائي خلال أقل من خمس سنوات من محاصيل الذرة والدخن إلى القمح الذي لم يكُن سلعة إستراتيجية.

عدم تفاؤل

الصحفى والمحلل الاقتصادي، أبوالقاسم إبراهيم أبدى خلال حديثه لـ ’’أفريقيا برس”، عدم تفاؤله بعودة نشاط المعونة الامريكية مُجدداً إلى السودان بتقديم المنح المتعلق بالقمح واصفاً الأمر بـ “الاسلوب القديم المتجدد”، قاطعاً بأن المعونة الأمريكية تُعتبر سبب رئيس في تهديد الأمن الغذائي السوداني لإعتماد السودانيين على القمح كغذاء أساسي.

المعونات الأمريكية من القمح حولت السلوك الغذائي في السودان من الذرة والدخن إلى القمح

وكان وزير الصناعة إبراهيم الشيخ قد غرد “شهدتُ بميناء بورتسودان استقبال باخرة المعونة الأمريكية، والتي جاءت محمّلة بـ 48 ألف طن من القمح من جملة 300 ألف طن ستصل تباعًا حتى نهاية العام الحالي”، مُبيناً إن وصول الباخرة الأمريكية يؤكد عودة السودان للمجتمع الدولي وإشارة واضحة إلى طبيعة العلاقة بين السودان وأمريكا.

ويرد الصحفي والمحلل الاقتصادي على سؤال “أفريقيا برس”، بشأن وصول شحنة قمح المعونة الامريكية وإمكانية إنهاء أزمة الخبز في السودان خاصة أنه لم يحل مشكلة المصريين وعدد آخر من الدول العربية المستوردة للقمح؟ أن ما يجرى من أزمة وشح فى الخبز بسبب نقص الدقيق واشكالياته نتاج سياسات الامريكان التي اتبعوها مع السودان وغيرهم من دول المنطقة أو العالم الثالث بتقديم منح من القروض قبل أن تتحول إلى قروض سلعية في شكل قمح ليتغير السلوك الغذائي للمواطن في السودان من الذرة ومحاصيل أخرى.

وقال “نحن الآن نقبل على انطلاقة الموسم الزراعي من الافضل أن تقدم المعونة الأمريكية لنا تقاوي (البذور المتجانسة في الحجم والشكل واللون) وتقنيات زراعية تُساعد للزراعة عوضاً عن القمح الجاهز”، مبيناً أن الظروف الحرجة التي مرت بها حكومة الإنتقال خلال العامين الماضيين دفعتها للتوسع في زراعة القمح خلافاً للمواسم السابقة بهدف تقليل الإستيراد، بجانب زيادة نمو الطلب على القمح داخلياً حيث تقدر الإحتياجات بنحو مليوني ونصف المليون طن من القمح سنوياً لتغطية الإستهلاك المحلي.

مشكلة المزارعين

بالمقابل قال الباحث والمحلل الاقتصادي، الدكتور هيثم فتحي عبدالله لـ “أفريقيا برس”، بأن استهلاك السودان من القمح نحو 2.5 مليون طن سنوياً، حيث أنه أشترى 1.1 مليون طن منها محلياً ، موضحاً أن المساحة المزروعة زادت قليلاً في 2020.

ويتحاشى المزارعون، خاصة في مشروع الجزيرة، زارعة القمح لكلفته العالية مقابل ضعف العائد، وعادة ما يلجأون للزراعة ذات العائد السريع، كالخضروات.

ولفت الصحفى و المحلل السياسي، أبوالقاسم إبراهيم إلى أن سياسة السودان بالتوسع فى زراعة القمح لسد العجز الداخلى قد لا تتماشى مع الرغبات والسياسيات الاستراتيجية للمعونة الأمريكية، حيث أن وصول كميات ضخمة كما هو مُعلن بنحو 300 ألف طن تجعل حكومة السودان تتراخي وعزمها يهبط أمام زراعة ملايين الأفدنة بالنظر إلى توفير أموال التمويل الزراعي وتوظيفها في ملفات أخرى خاصة وأنها تُعاني من ضوائق في توفير الموارد المالية، وأضاف “منح المعونة الامريكية لن تُفيد السودان لا خلال المستقبل القريب أو البعيد”.

ورد مُعلقاً على أن القمح الامريكي المُعدل جينياً أضر بالصحة العامة وبمحصول القمح الطبيعي في عدد من الدول بالقول، أن معايير الهندسة الوراثية والمواصفات تُشير إلى أفضلية لدول أروربا مقارنة بالقمح الأمريكي، مٌوضحاً أن النسب الأوروبية المُتعلقة بالتحور الوراثي محددة وأقل خطر إذا ما قُورنت بالمنتجات الورادة من أمريكا.

الضغط السياسي

وبشأن قدرة حكومة حمدوك على توفير المخزون الإستراتيجي للقمح دون الإستعانة بالخارج، يرى إبراهيم بان هذا يحتاج إلى إرادة سياسية وتخطيط من كافة الجهات ذات الصلة، لافتاً إلى أن إنتهاج مثل هكذا سياسات يقلل الصرف البذخي ويوظف موارد الدولة خاصة حال الاتجاه للزراعة بإتباع الاساليب العلمية المتطورة من خلال حزم وتقنيات حديثة، داعياً الحكومة لبناء مواعين ذات سعة أكبر لضمان توفير السلع والمحاصيل الإستراتجية المهددة للأمن القومي السوداني، كما طالب بتحفير وتشجيع المزراعين من سياسيات مرنة وحيوية.

وزير الصناعة قال خلال استقباله شحنة القمح الامريكية بأنه رغم الصعوبات التي تواجه البلاد حاليا إلا أن السودان يسير بخطوات متقدمة في عهد الثورة، ونتوقع أن يستفيد من موارده الطبيعية والإستثمارية.

الباحث والمحلل الاقتصادي هيثم فتحي عبدالله يُشير إلى أن المعونة الأمريكية تستهدف دعم الأنشطة والمجالات الإنسانية، وأن القمح محصول إستراتيجي يستخدم ورقة ضغط للتأثير فى القرار السياسي، كاتفاقات المنح والقروض التي تقدمها واشنطن يمكن استخدام مثل هذه المعونة في كل ما من شأنه تحقيق الاكتفاء الذاتي للسودان من القمح أو أي محصول استراتيجي إي أنها توجه للإنتاج وليس للاستهلاك.

وأوضح عبد الله أن التبرع مقداره 300 ألف طن تابع لهيئة المعونة الأمريكية، حيث يكشف التاريخ للمعونات الأمريكية استخدامها كورقة ضغط على كثير من الدول لتحقيق مصالحها السياسية فالدعم الأمريكي يسد حاجة السودان من القمح فقط لمدة ستة أشهر.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here