أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. مرور عام على انقلاب قائد الجيش، الفريق عبدالفتاح البرهان والذي شهدت فترة حكمه عزلة دولية خانقة، فضلا عن كارثة إقتصادية كادت أن تهلك السودانيين، وعلى الرغم من أن انقلاب 25 أكتوبر جاء بفرضية أن الأوضاع تحتاج إلى تصحيح للمسار، إلا إن الأوضاع ازدادت سوءا مما كانت عليه قبل الانقلاب حيث زادت وتيرة النزاعات القبلية، وازدادت حدة الاستقطاب السياسي، بجانب كثرة الجرائم وانعدام الأمن، فضلا عن عودة عناصر النظام السابق للواجهة بعد أن أسقطتهم الثورة.
حصاد الانقلاب

يقول المحلل السياسي والخبير الدبلوماسي الصادق المقلى لموقع “أفريقيا برس ” إن حصاد إجراءات البرهان في خمسة وعشرين أكتوبر ، يتمثل في الكم المهول من الشهداء والجرحى، و عودة السودان إلى مربع العزلة الدولية و الإقليمية ، ويضيف ، لم يمضي اسبوع على هذه الإجراءات الانقلابية، حتي اصدر الاتحاد الأفريقي قراره بتعليق عضوية السودان، و عاد السودان مرة أخرى الى مربع العزلة الدولية و الإقليمية، بجانب ما احدثته من أثار كارثية على الأوضاع الاقتصادية و ليس ادل علي ذلك من تعليق العون الاقتصادي و التنموي و الانساني، و تعليق مسار إعفاء الديون في إطار مبادرة الهيبك و نادي باريس الامر الذي جعل الدولة -بحسب المقلي- تعتمد في الموازنة العامة على الجبايات و جيب المواطن باعتراف وزير المالية نفسه ، واردف ، كذلك الانقلاب قوض كل مكتسبات الثورة التي بهرت العالم بسلميتها و اكسبتها احترام الاسرة الدولية ، وقال إنه وبالرغَم اخفاقات حكومة حمدوك في بعض الملفات الداخلية الا إنها عادة بالسودان الي حضن المجتمع الدولي و تطبيع علاقات السودان مع كافة المؤسسات المالية الدولية متعددة الأطراف ، كما قال إن حكومة حمدوك استعادة مسار إعفاء الديون و تدفق العون الدولي و التنموي و الاقتصادي و الانساني ، مشيرا إلى أن اكبر الاخفاقات على الصعيد الدبلوماسي في فترة الانقلاب هو ما حدث من شرخ و جمود في العلاقات الثنائية بين السودان و الدول المؤيدة للتحول الديمقراطي رغم اعترافها بسلطة الأمر الواقع ،بجانب أن ما حدث من انتكاسة في سجل حقوق الإنسان في السودان و عودة السودان مرة أخرى الي مقصلة مجلس حقوق الإنسان، والذي بحسب المقلي ادان ما اسماه بانقلاب في السودان في اول اجتماع له بعد ايام قليله من إجراءات ٢٥ اكتوبر الانقلابية ، والتي قال إنها اعترفت قيادة الدولة نفسها بفشلها ، واكد أن الإجراءات التي اتخذها البرهان جعلت السودان يخسر اقتصاديا و دبلوماسيا و سياسيا و مجتمعيا.
تفاقم الاوضاع

ولم يذهب بعيدا عن المقلى، الباحث السياسي، عبدالقادر محمود صالح إذ يقول لموقع “أفريقيا برس ” إن حصاد العام من الانقلاب واضحة للعيان،إذ نشهده في كل زاوية من زوايا المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي الماثل أمامنا، حيث يقول صالح، خلال هذه الفترة لم يفلح المكون العسكري وشركاء إتفاق جوبا من إيجاد بوصلة تصحيحية لقيادة البلاد نحو وجهة الإستقرار السياسي والاجتماعي والنمو والتنمية ، بل صالح يرى إنها ظلت أوضاع ما قبل سقوط النظام البائد كما هي عليه حيث يقول ساءت الأوضاع السياسية وانتشرت الصراعات القبلية والأهلية وزادت حدة الصراع السياسي بين المكونان السياسية من جهة والمكونات العسكرية بكل تشكيلاتها من ناحية أخرى، ولم يصل الجميع إلى توافق وطني يؤدي إلى الخروج من عنق الزجاجة. ولفت صالح إلى أن القوى المدنية ظلت منقسمة سياسيا ، مؤكدا إنه طبيعي ان يحدث عدم تطابق بين وجهات النظر المتابينة بينها ، مستدركا ، لكن ما هو مستغرب أن تظل القوى العسكرية (نظامية ومليشاوية) في حالة عدم توافق ولو شكليا عن طريق الدمج والهيكلة وفق عقيدة عسكرية وطنية واحدة. ويقول صالح إن أوضاع البلاد السياسية والإقتصادية والإجتماعية في ظل الانقلاب العسكري بلغت درجة غاية في الخطورة ربما ستجر البلاد إلى مصير مجهول إذا استمرت الحالة الانقلابية الراهنة. مشددا على أن أي فترة انتقالية تعقب ثورة شعبية ينبغي أن تستصحب معها قضايا وأهداف الثورة في عملية إدارة الدولة وصياغة مؤسساتها الوطنية وفق رؤية الثورة وهذا يقول عنه صالح لم يحدث في ظل حكومة البرهان.
وضع مختلف
ويرى عبدالقادر إن الوضع الان يختلف تماما عن الفترة الانتقالية الأولى ، مؤكدا أنها لم تكن بمستوى طموح الثورة في الحرية والسلام والعدالة، كما قال إن حكومة حمدوك عجزت تماما في إدارة الفترة الانتقالية رغم الإجماع الثوري الذي كانت تتمتع به وتوفر كل المطلوبات من شاكلة وثيقة دستورية حظيت بقبول واسع وعريض، مضيفا ، رغم عن ذلك فشلت تلك الحكومة بسبب عدم التوافق مع المكون العسكري، وهنا يقول صالح إن المكون العسكري الذي انقلب على حكومة الثورة بحجة تصحيح المسار، لا يرغب في تغيير حقيقي وفق أهداف الثورة المعلنة في إقامة دولة مدنية حديثة تهدم كل ما هو قائم وتبني اسسا جديدة للدولة السودانية الحديثة ، وارجع عدم رغبة المكون العسكري في التغيير الحقيقي إلى اعتبارات عديدة محلية وإقليمية ودولية، وكل هذه المستويات يقول عنها صالح تتداخل مع بعضها في التأثير المباشر على دائرة صنع القرار في المؤسسة العسكرية، ولكنها تتفق كلها حول فكرة أن أي تغيير حقيقي نحو دولة مدنية وديمقراطية سوف يشكل تهديدا مباشرا لمصالح هذه المستويات. وشددد على أن اهم المطلوبات وأهمها لتجاوز فشل السلطة الراهنة هو الإرادة الحقيقية للمؤسسة العسكرية وانسجامها مع رؤية وأهداف الثورة السودانية ، محذرا في حال عدم حدوث ذلك قال إنه سيستمر الوضع على ما هو أسوأ من ما عليه الآن، كما شدد على ضرورة أن تتوافق قوى الثورة حول الحد الأدنى لإدارة الفترة الإنتقالية بما يتماشى مع رغبة الثوار وإرادة الشعب السوداني في إقامة دولة مدنية حديثة تلبي له جميع مقومات الحياة الضرورية والرفاه الاقتصادي والاجتماعي. وراى ان هذه المطلوبات لو توفرت مع وجود إرادة حقيقية من المؤسسة العسكرية فإن الأوضاع في الدولة ستكون أكثر تماسكا واستقرارا في مناخ يسوده التعاون والتنسيق المشترك وصولا إلى الأهداف الكبرى للثورة السودانية.
عام أعجف
أما ، رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر يوسف الدقير ، كتب على صفحته بالفيسبوك : بحلول ليلة ٢٥ أكتوبر يكون الانقلاب قد أكمل عاماً أعجفاً لا مكان له في تاريخ السودان غير سجلات الفشل ، ويضيف ، عاماً كاملاً لم تنجز خلاله سلطة الانقلاب شيئاً سوى أنْ غمرتْ فضاء الوطن برائحة الغاز والبارود، وغطّتْ أرضه بالتعب و رَوَتْها بالدم ، وقال إنه لا تزال سلطة الانقلاب – بعد عامٍ كاملٍ من القمع والبطش – مواجهة بسؤال فقدان الشرعية مقروناً بمقاومة جماهيرية باسلة ترفض الاستسلام لها كأمرٍ واقع.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس