تحرير مصفاة الجيلي بين التقديرات العسكرية وتعقيدات التنفيذ

39
تحرير مصفاة الجيلي بين التقديرات العسكرية وتعقيدات التنفيذ
تحرير مصفاة الجيلي بين التقديرات العسكرية وتعقيدات التنفيذ

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. على الرغم من الحصار الذي يفرضه الجيش السوداني على قوات الدعم السريع المتواجدة في مصفاة الجيلي للبترول “شمالي الخرطوم”، إلا أنه يواجه عقبات في تحرير المنشأة النفطية. تسيطر قوات الدعم السريع على مصفاة الجيلي منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، وتكررت عمليات قصف المصفاة بواسطة الطيران الحربي التابع للجيش أكثر من مرة خلال الفترة الماضية. كما حاول الجيش عدة مرات الدخول إلى المصفاة برًا، لكنه يواجه عقبات للدخول. فما سبب تأخر تحرير المصفاة؟

المصفاة تتعرض للقصف والهجمات والحرائق المتكررة من قبل أطراف النزاع منذ بدء الحرب في منتصف أبريل العام الماضي. تعتبر مصفاة الجيلي واحدة من أهم المنشآت النفطية في السودان، وهي أكبر مصفاة لتكرير البترول في البلاد. في الظروف الطبيعية، تنتج المصفاة نحو 10 آلاف طن من الجازولين، و4500 طن من البنزين، و800 ألف طن من غاز الطهي. كانت المصفاة تعمل بأقل من طاقتها القصوى التي تبلغ 100 ألف برميل يوميًا.

مصفاة الجيلي هي واحدة من أكبر المصافي في السودان وترتبط بخط أنابيب للتصدير إلى ميناء بشائر على ساحل البحر الأحمر بطول 1610 كيلومتر. كما ترتبط بآبار النفط في ولايات غرب وجنوب كردفان. ولكن سيطرة قوات الدعم السريع على عدد من الحقول في هذه الولايات، بما في ذلك حقل بليلة في ولاية غرب كردفان، أسهم بشكل ملحوظ في تقليص إمداد الخام إلى المصفاة، مما أدى إلى تراجع سعتها التكريرية.

عملية معقدة

المحلل السياسي مجدي عبدالقيوم “كنب” يعلق على الطرح قائلاً “إن المصفاة منشأة ذات خصوصية بسبب احتوائها على مواد سريعة الاشتعال، مما يتطلب تقليل الأضرار قدر المستطاع. من جانب آخر، تستلزم العملية فرقًا فنية متخصصة لتنفيذها، مع ضرورة مراعاة المحروقات المخزنة في التناكر أو المستودعات وأهميتها بالنسبة للجيش”.

ويرى مجدي في حديثه لـ”أفريقيا برس” أن “عملية تحرير المصفاة معقدة بطبيعتها، وتحتاج إلى عملية نوعية من حيث العناصر المنفذة والسلاح المستخدم، مع الحذر الشديد في تنفيذ العملية على مراحلها المختلفة. الجيش يحتاج أيضًا إلى توقع شكل المعارك أو الاشتباكات داخل المنشأة والتحسب لكل السيناريوهات، بما في ذلك سلامة الفنيين الذين يعملون على تشغيل المصفاة”. لذلك، يرى مجدي أنه “من الطبيعي أن تستغرق عملية بهذا التعقيد وقتًا طويلاً لأنها ليست منشأة يمكن قصفها مثل أي مبنى آخر”.

تقديرات عسكرية

الخبير العسكري ياسر أحمد الخزين لا يرى أن الجيش تأخر في تحرير المصفاة بالمعنى المتعارف عليه، مؤكدًا أن تأجيل تحرير المصفاة يعود لتقديرات عسكرية. يقول الخزين لـ”أفريقيا برس” إن “الميليشيات التي دمرت كافة البنية التحتية بعد خروجها من المنشآت، ما زالت لديها مصالح في المصفاة، سواءً لقادة الميليشيات أو المرتزقة أو جهات استخباراتية دولية تدير الحرب بالوكالة”. يضيف الخزين أن “الجيش يحرص أيضًا على الأسرى داخل المصفاة، ويشير إلى أن عملية التحرير، لو أراد الجيش تنفيذها بسرعة، لن تستغرق أكثر من ثلاثة أيام. لكن الجيش يسعى للقضاء على الجيوب المحيطة بالمصفاة قبل التقدم إليها”.

مسألة زمن

المحلل السياسي الفاتح محجوب أوضح في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أن “قوات الدعم السريع فقدت السيطرة على معظم المواقع في ولاية الخرطوم، ورغم استمرارها في القتال في بعض الجيوب مثل مصفاة الجيلي، فإن انقطاع طرق الإمداد عنها يجعل سقوطها مسألة وقت فقط”. وأكد الفاتح أن فك الحصار عن المصفاة أمر مشكوك فيه حاليًا، مستشهداً بالتراجع المستمر لقوات الدعم السريع في كافة ميادين العمليات العسكرية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here