جعفر خضر: الولايات المتحدة لا تهتم بالسلام بل بمصالحها في السودان

34
جعفر خضر: الولايات المتحدة لا تهتم بالسلام بل بمصالحها في السودان
جعفر خضر: الولايات المتحدة لا تهتم بالسلام بل بمصالحها في السودان

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. أبدى عضو مباردة القضارف للخلاص جعفر خضر مواقف حاسمة تجاه الأحداث الراهنة في السودان. وأكد في حوار مع “أفريقيا برس” أن الولايات المتحدة لا تهتم بالسلام بقدر ما تسعى لتحقيق مصالحها غير المشروعة، مستغلة مليشيات الدعم السريع للضغط على الجيش السوداني.

وأضاف أن انشقاقات حزب المؤتمر الوطني المحلول تعكس صراعات داخلية تهدف للعودة إلى السلطة عبر بوابة الجيش، مما يعمق الأزمات.

وشدد على أهمية المقاومة الشعبية في مواجهة اعتداءات المليشيات، لكنه أكد ضرورة تنسيقها مع الجيش. كما أشار إلى فقدان “تقدم” ثقة الشعب السوداني بسبب مواقفها الملتبسة تجاه جرائم المليشيات وداعميها. وختم برؤية قاتمة لدور المبعوث الأمريكي، معتبرًا جهوده غير جدية لتحقيق السلام.

كيف تقيمون زيارة المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرللو، وهل يمكن أن تسهم زيارته في تحقيق السلام؟

زيارة المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرللو لا تحمل نية حقيقية لتحقيق السلام في البلاد، بل تهدف إلى تحقيق المصالح غير المشروعة للولايات المتحدة ووكلائها الإقليميين.

الولايات المتحدة كانت وما زالت عرابة “رواية الطرفين”، التي تضع الجيش السوداني ومليشيات الجنجويد الإماراتية على قدم المساواة، مما يهدف إلى إبقاء مليشيات الدعم السريع جزءًا من مستقبل السودان لضمان حماية المصالح الإماراتية والغربية في المنطقة.

رغم الفضائع التي ارتكبتها المليشيا والجفوة التي حدثت بينها وبين الشعب السوداني، قد تغير الولايات المتحدة خطتها بدعم عملاء آخرين، لكنها ستستمر في استخدام المليشيات كأداة للضغط على الجيش لقبول صيغة سلام مشوهة من جهة، ومن جهة أخرى لتجريف مناطق استراتيجية، مثلما يحدث الآن في ولاية الجزيرة.

في ضوء هذه السياسات، لا يمكن لتوم بيرللو أو الولايات المتحدة تقديم أي مساهمة حقيقية لصناعة السلام في السودان. جهودهم، على ما يبدو، موجهة لتحقيق مصالحهم الخاصة بدلًا من استقرار البلاد.

كيف ساهمت العوامل الداخلية والخارجية في إضعاف الجيش السوداني وتقوية الميليشيات؟

شهد الجيش السوداني عملية إضعاف ممنهجة استمرت لسنوات طويلة خلال فترة حكم نظام المؤتمر الوطني في عهد الإنقاذ. بعد سقوط نظام البشير بفضل ثورة ديسمبر، استمر هذا النهج بتواطؤ داخلي ودعم خارجي، حيث تم تعزيز قوة الميليشيات على حساب الجيش. القيادة العسكرية لم تدرك التهديد السلطوي الذي يمثله آل دقلو، المدعومون إقليمياً ودولياً، إلا قبل اندلاع الحرب في أبريل 2023.

ومع ذلك، بدأ الجيش تدريجياً في استعادة توازنه خلال الأشهر الأخيرة، حيث أصبح يحقق تقدماً واضحاً على الأرض. تمكن الجيش من استعادة مناطق واسعة في ولايات الخرطوم وسنار ودارفور، بالإضافة إلى صمود الفاشر البطولي. كما شهدت المرحلة الأخيرة تطوراً في خطاب الجيش، الذي أصبح يسمي الأشياء بمسمياتها ويتهم الإمارات علناً بدعم ميليشيات الجنجويد.

رغم هذا التقدم، لا تزال التحديات كبيرة. الدعم اللامحدود الذي تقدمه الإمارات للميليشيات، والتواطؤ الدولي، والأسلوب الوحشي وغير الأخلاقي الذي تتبعه الميليشيات في استهداف المدنيين، جعل المهمة أكثر تعقيداً أمام الجيش، وصعّب استجابته السريعة لنجدة المواطنين الذين يتعرضون لانتهاكات مروعة.

كيف ترى تشكيل حركات شعبية من أبناء شرق الجزيرة لاسترداد منطقتهم من قوات الدعم السريع؟ وماذا يعني استنفار شباب المنطقة وانخراطهم في المعسكرات؟

المقاومة الشعبية تحت إشراف الجيش وقيادته تُعد خطوة ضرورية لحماية القرى والسكان من عدوان ميليشيات الجنجويد الإماراتية. انتشار الميليشيات واستعدادها الدائم لمهاجمة المدنيين يفرض على المواطنين ضرورة التسلح للدفاع عن أنفسهم.

مع ذلك، فإن المقاومة الشعبية بأسلحة خفيفة لا تكفي أمام الميليشيات المجهزة بالأسلحة الثقيلة والخبرة القتالية. لذلك، يجب أن تكون هذه المقاومة الشعبية منسقة مع الجيش الذي يمتلك القدرة على مواجهة الميليشيات بأسلحتها الثقيلة وتكتيكاتها العسكرية.

التكامل بين القوات المسلحة والشعب يُعد حاسماً في مواجهة هذا العدوان، إذ أن الجهود المشتركة بين الجيش والمقاومة الشعبية توفر القوة والتنظيم اللازمين لصد الهجمات وحماية سكان المنطقة. استنفار شباب شرق الجزيرة وانخراطهم في المعسكرات يعكس روحاً وطنية قوية ووعياً بأهمية التصدي لهذا التهديد الذي يهدد أمنهم واستقرار منطقتهم.

لماذا لم يسارع الجيش إلى نجدة سكان قرى شرق الجزيرة رغم الجرائم الفظيعة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع؟

عدم تدخل الجيش بشكل سريع لإنقاذ سكان قرى شرق الجزيرة يعود إلى عوامل عدة، أبرزها أن الجيش لا يزال يعاني من ضعف تنظيمي لم يكتمل التعافي منه بعد، مما أثر على قدرته على التحرك الفوري. بالإضافة إلى ذلك، طبيعة الحرب التي تشنها مليشيات الجنجويد المدعومة إماراتيًا تتسم بعدم الأخلاقية، حيث تستهدف المدنيين العزل بشكل مباشر من خلال جرائم القتل والنهب والاغتصاب، مما يضع الجيش أمام تحديات كبيرة في مواجهة مثل هذه الهجمات.

هل فقدت “تقدم” ثقة الشعب السوداني؟ وكيف ترى مستقبلها في حكم السودان؟

تظهر مواقف “تقدم” من جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها ميليشيات الجنجويد، والتي تدعمها دولة الإمارات، بين معدومة وخجولة. ففي معظم الأحيان، لا تدين “تقدم” الميليشيا بشكل صريح، بل تميل إلى تبني خطاب “الطرفين” الذي يساوي بين الجيش السوداني والميليشيات، مما يعكس انحيازها الواضح.

يتجلى هذا الانحياز بشكل أوضح في تعامل “تقدم” مع الإمارات المتورطة في الحرب السودانية. فقد امتنع رئيس “تقدم”، الدكتور عبد الله حمدوك، عن إدانة الإمارات، بل نفى تورطها في الحرب. ولم يتوقف عند ذلك، بل امتدح دورها، مشيراً إلى أنها “تساعد السودانيين وتقف إلى جانبهم”، بالرغم من تورطها في تمويل وتوظيف الميليشيات لتحقيق مصالحها في السودان.

نتيجة لهذه المواقف، فقدت “تقدم” ثقة الشعب السوداني، ويصعب تصور أن تتمكن من حكم البلاد، إلا في إطار صيغة تُفرض من قبل المجتمع الدولي والإقليمي لتحقيق مصالحهم، وهو احتمال لا يتمنى الشعب السوداني وقوعه.

كيف تنظرون إلى الانشقاقات داخل حزب المؤتمر الوطني المحلول؟ وما تأثير هذه الانشقاقات على مجريات الحرب؟

انشقاقات حزب المؤتمر الوطني المحلول ليست جديدة، لكنها تزايدت مع اندلاع الحرب الحالية. فقد انقسم الحزب إلى تيارين رئيسيين: الأول يدعم قوات الدعم السريع، ويقوده شخصيات بارزة مثل حسبو عبد الرحمن، نائب رئيس المؤتمر الوطني السابق، إلى جانب طه الحسين وعبد الغفار الشريف. أما التيار الثاني، فيدعي الوقوف مع الجيش ويشمل أسماء مثل علي كرتي، ونافع علي نافع، وإبراهيم محمود، بالإضافة إلى كتائب البراء، التي تقدم خدمات غير مباشرة لقوات الدعم السريع من خلال تعزيز مزاعمها بأنها تحارب “الفلول”.

رغم ادعاء هذا التيار دعمه للجيش، إلا أن الصراعات الداخلية بين أعضائه على قيادة الحزب اشتدت مؤخرًا، إذ يبدو أن بعضهم يطمح إلى استعادة السلطة عبر الجيش. ومع ذلك، يظل غياب تيار قوي وناقد لتجربة المؤتمر الوطني، يضع مصلحة الوطن فوق المصالح الشخصية والسلطوية، عائقًا أمام تقديم رؤية إصلاحية تفيد البلاد في ظل هذه الحرب.

هذا الغياب يجعل هذه الانشقاقات أكثر ضررًا على البلاد، إذ تُعمّق الأزمات بدلًا من تقديم حلول، مع استمرار استغلالها في الصراعات الدائرة بما يخدم أطرافًا مختلفة دون مراعاة المصلحة الوطنية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here