خبير حوكمة لـ”أفريقيا برس”: الجيش السوداني يواجه مؤامرة خطيرة

53
خبير حوكمة لـ
خبير حوكمة لـ"أفريقيا برس": الجيش السوداني يواجه مؤامرة خطيرة

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. قال عبد الله الطيب علي الياس، خبير الحوكمة وإدارة المخاطر المعتمد، إن هنالك دولا من ضمنها أمريكا و”إسرائيل”؛ خططت لحرب السودان، منوها إلى أنها موّلت قوات الدعم السريع لتدمير السودان وجيشه من خلال هذه الحرب.

ونبّه إلى أن “الجيش السوداني يمثل حجر عثرة في تحقيق أهداف أمريكا و”إسرائيل” في السودان، لذلك استخدموا ميليشيات الدعم السريع حتى تدخل في حرب استنزاف طويلة مع الجيش”.

ويرى خبير الحوكمة في حواره مع “أفريقيا برس” أن أمريكا و”إسرائيل” عملتا على تقوية الدعم السريع وإضعاف الجيش السوداني، وتمثل في عدد من المعطيات يوردها خبير الحوكمة في الحوار التالي:

القاهرة استضافت مؤتمرا للقوى السياسية السودانية.. إلى أي مدى يمكن أن يساهم المؤتمر في وقف الحرب.. وهل مصر حريصة على إنهاء القتال في السودان؟

لا أعتقد أن مصر كانت تنتظر من وراء مؤتمر القوى السياسية السودانية الذي عقدته في الفترة الممتدة من 6 الى 7 يوليو 2024، أن يساهم بصورة مباشرة في إيقاف الحرب التي تدور رحاها في السودان منذ الخامس عشر من أبريل 2023، بالرغم من حرص مصر على إيقاف هذه الحرب التي تهدد الأمن القومي المصري في حد ذاته، لكن مصر عقدت هذا المؤتمر لترسل من خلاله رسالتها الرسمية لكل الأطراف المعنية بأمر هذه الحرب، حيث أكدت كلمة وزير خارجيتها بشكل واضح لا لبس فيه؛ أن مصر داعمة وبقوة للقوات المسلحة السودانية الضامن الوحيدة لأمن السودان وسلامة أراضيه، كما أرسلت الحكومة السودانية راسلتها بشكل واضح وصريح من خلال وزير ماليتها الذي أكد أن السودان يكافح ضد عدوان عالمي وحرب كونية وقعت عليه وأنه لا يد له في إيقاف هذه الحرب بعد أن وقع اتفاقية منبر جدة في 23 مايو 2023، والتي تضمنت آلية واضحة لإيقاف الحرب، لكن يبدو أن ممولي الميليشيات لا يرغبون في إيقاف الحرب قبل ان تحقق هدفها الجوهري وهو تفكيك الجيش السوداني “العروة الوثقى” الأخيرة الضامنة لوحدة السودان وسلامة أراضيه.

لماذا طال أمد الحرب في السودان؟

هنالك العديد من الأسباب التي قادت لإطالة أمد الحرب في السودان، لكن سأورد لكم أهم سبب على الإطلاق:

الجهة التي خططت لهذه الحرب ومولتها هي التحالف الصهيوماسوني الذي تتزعمه “إسرائيل” مؤسسة الصهيونية في العالم، وتشاركها الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتيها بريطانيا وفرنسا مؤسسات الماسونية العالمية، وقد ظل هذا التحالف يناصب السودان العداء منذ أن غزاه لأول مرة عام 1821، تحت غطاء الدولة العثمانية، ثم دمر له اول دولة سودانية قومية أقامتها الدولة المهدية (1885- 1898)، وظل عداء التحالف الصهيوماسوني للسودان مستمرا بشكل دائم ومستقر الا في ظل حكومة الفريق إبراهيم عبود التي قبلت المعونة الأمريكية بعد أن رفضتها حكومة عبد الله خليل الديمقراطية، فعاقبتها الحكومة الأمريكية بأول عقوبات اقتصادية فرضتها على السودان في مطلع عام 1958 لرفضه الدخول في بيت الطاعة الأمريكي والذي هو أصلا بيت طاعة التحالف الصهيوماسوني بالأساليب الدبلوماسية، وحكومة الرئيس المشير جعفر نميري الذي قبل نقل اليهود الفلاشا من إثيوبيا إلى إسرائيل عام 1983.

بنى الاتحاد خطته لتدمير السودان على أحد حدي ميليشيات أولاد دقلو الإرهابية والتي كان متوقعا منها تدمير الجيش السوداني خلال ثلاثة أيام على أبعد تقدير، ومن بعده تدمير السودان ومؤسساته وتدمير الميليشيات ذات نفسها من خلال الفوضى الخلاقة التي يمارسها مرتزقة عرب الشتات الذين يمثلون ثلاث أرباع قوات الميليشيات والذين دمروا عام 1979 العاصمة التشادية فورتي لامي وهم أصلا قوم كالضباع الضارية يمزقون فريستهم وهي حية، فالجيش السوداني واحد من الجيوش التي تمثل حجر عثرة في طريق تحقيق أهداف التحالف الصهيوماسوني في السودان، أو من خلال حرب ضروس يكسر فيها الجيش السوداني الميليشيات في أول الحرب فتذهب في حرب استنزاف طويلة تدمر السودان بشكل كامل خلال عام أو عامين قبل أن يعاود التفكير في النهوض مرة أخرى، وهذا ما حققه التحالف في السودان حتى الآن.

ومن أسباب إطالة أمد الحرب ان التحالف الصهيوماسوني عمل على خلال خمس سنوات على تقوية ميليشيات اولاد دقلو الإرهابية وإضعاف الجيش السوداني وتمثل ذلك في الآتي: موّل التحالف الميليشيات خلال الفترة من الحادي عشر من أبريل 2019 تاريخ اسقاط الرئيس المشير عمر البشير وحتى الخامس عشر من أبريل 2023، بأسلحة ووسائل وأجهزة ومعدات عسكرية تجاوزت قيمتها مبلغ (300) مليار دولار، وواصل التحالف دعمه الميليشيات باسلحة وأجهزة ومعدات خلال عام الحرب تضاهي قيمتها (100) مليار دولار، وهي أسلحة لا يملك الجيش السوداني مثلها وهي مدافع 23 ورباعيات 14 وثنائيات وقناصات M16، إضافة للدوشكا والقرنوف وآر بي جي، وهي أسلحة فتاكة وذات كفاءة قتالية مرتفعة وكثافة نيرانية عالية، ولديها حوالي (30) الف سيارة قتالية رباعية الدفع، وتضم الميليشيات بين صفوفها في اليوم الذي فجرت فيه الحرب (225) الف عسكري مدرب، و(45) ألف عسكري في معسكرات التدريب منهم (200) ألف مرتزق أجنبي، ومنهم (70) ألف متمرد سوداني، من بينهم (45) ألف هم الدفعة (13) موزعين على خمس معسكرات في كل معسكر (9) آلاف مجند، وجندت الميليشيات أثناء الحرب حوالي (330) ألف عنصر وهم يمثلون نسبة (55%) من القوة الكلية الميليشيات والبالغة (600) ألف عنصر، نسبة المرتزقة بينهم (75%).

اما القوات المسلحة السودانية فعددها الكلي حوالي (20) ألف جندي وضباط منهم بالخرطوم حوالى (5) ألف عنصر، منهم حوالي (3) ألف عنصر أسلحة فنية (أطباء مهندسين إداريين محاسبين). يملك الجيش هيئة تصنيع حربي تم ايقاف الإنتاج بها منذ سقوط الرئيس المشير عمر البشير. وأفضل سلاح عند الجيش هو سلاح الطيران، جميع أسلحة الجيش الأخرى أقل كفاءة من أسلحة المليشيا، أحال الجيش السوداني عددا كبيرا جدا من أميز الكفاءات العسكرية شملت قيادات عسكرية مميزة، ضمت المليشيا عددا مقدرا منهم لصفوفها.

في حال تم تشكيل حكومة حرب من قبل البرهان.. هل هذه الخطوة يمكن أن تحسن من الأوضاع سيما المعيشية والأمنية؟

من المؤكد أن التخطيط الاستراتيجي الذي يتم لأي هدف تحت الضغط في الغالب لا يحقق النتائج المنتظرة منه، والرئيس البرهان ومن خلفه مجلس السيادة ومن خلفهم حكومة مؤقته كانت قائمة قبل الحرب بأكثر من عام ونصف لا يمكن أن تصلح لقيادة مثل هذه الفترة العصيبة التي يكابدها السودان دولة وشعب، كما أن الفريق البرهان منشغل جدا بإدارة الظروف اليومية للعدوان الكوني على السودان، وهذا حتما لا يمنحه الوقت الكافي لإدارة الشؤون اليومية للدولة السودانية وهي في حالة حرب، رأينا كثيرا من بلدان العالم تعمل فيها الحكومات بشكل طبيعي، أما في وقت الحرب تجد رئيس مجلس الوزراء يقوم بتشكيل حكومة حرب مصغرة ولا أحد من الناس يقول له لما فعلت هذا، فإذا كان السودان أصلا بلا حكومة منذ الخامس والعشرين من اكتوبر 2021، فمن باب أولى أن يكون رئيس مجلس السيادة حكومة حرب من كفاءات وطنية مشهود لها بالكفاءة النزاهة والاستقلالية، وهذا ما لم يحدث حتى يومنا هذا.

لماذا؟

في اعتقادي أن قيادة الدولة السودانية تنظر بشكل مستمر لإرضاء ما يسمى بالمجتمع الدولى لأي خطوة تخطوها وإنني أرى أن إرضاء المجتمع الدولى لا يتأتى إلا اذا خطت الحكومة الخطوة الخطأ، اما ما يحقق مصلحة السودان فهو لا يجلب على الحكومة الا سخط من يسمون أنفسهم بالمجتمع الدولي، فمصلحة الشعب السوداني قطعا ضد مصالحهم التي يؤسسون لها خصما على مصلحة الشعب السوداني.

هنالك تقارير إعلامية تتحدث عن تعيين رئيس وزراء جديد لإدارة البلاد.. هل هذه الخطوة ستتحقق في نظرك؟ وما هي المعايير التي يجب أن تتوفر في رئيس الوزراء القادم خاصة أن السودان يمر بظروف حرب معقدة؟

خطوة تعيين رئيس مجلس وزراء جديد وعد قطعه الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة على نفسه في بيانه الذي تلاه على الشعب السوداني عقب قيامة بالإجراءات التصحيحية في الخامس والعشرين من اكتوبر 2021، وهي خطوة لا بد منها وأن آخرها السيد رئيس مجلس السيادة بشكل أفقدها الكثير الوقت الذي كان يمكن أن تنجز فيه الكثير للسودان.

ماذا بشأن معايير رئيس الوزراء القادم؟

أهم المعايير التي يجب أن تتحقق في رئيس مجلس وزراء الفترة الإنتقالية القادمة أن يكون أكاديميا مميزا صاحب كفاءة مهنية عالية وقدرات ذهنية مشهود له بها، ورؤية ثاقبة تستند إلى برنامج واضح قائم على خطة محكمة تحقق للسودان نهضته الاقتصادية الشاملة في فترة زمنية وجيزة، يجب أن يكون له دراية كافية بالاستراتيجيات الدولية والإقليمية نحو السودان، يجب أن يتمتع بالاستقلالية، التي تعني أن رئيس وزراء الفترة الانتقالية القادم غير منتمي لأي حزب سياسي، وأنه يتمتع بالنزاهة، والشرف والأمانة وأنه يتمتع بجنسية واحدة فقط هي جنسية هذا الوطن الواحد السودان، وليس له أي جنسيات أخرى حتى ولو تنازل عنها، لكي نضمن ولاءه لهذا التراب وهذا الشعب ولاءً كاملا لهذا الوطن العزيز، وأنه غير متنازع الولاءات، وأنه لن يقدم نفسه في أول تنافس انتخابي يلي حكومته، أن حققنا هذا القدر من معايير اختيار رئيس مجلس الوزراء القادم لكفانا مؤنة التظاهر والمطالبة بتغييره.

البعض يتحدث عن تدخل دول أبرزها الإمارات بغية السيطرة على الأراضي الزراعية في السودان والموارد، ولعل هذه المؤامرة تتم بواسطة الدعم السريع المدعوم من الإمارات.. هل هذه الفرضية صحيحة؟ وكيف يمكن للحكومة السودانية أن توقف هذه المؤامرة؟

أعتقد أنه بات من المعلوم من العدوان على السودان بالضرورة انه عدوان تواطئت عليه دول التحالف الصهيوماسوني قبل استقلال السودان من المملكة المتحدة، والسبب الجوهري وراء هذا المكر الكبار على السودان هو موارده الطبيعية الهائلة التي تختزنها أراضيه البكر المعطاة من أراضي خصبة تمثل نحو (45%) من إجمالي الأراضي الزراعية الخصبة في العالم العربي، مع هذه الأراضي تتوافر مياه عذبة سحطية وجوفية تكفي لري مزروعات تطعم مليار نسمة، ينتج السودان نحو (85%) من أجود انواع الصمغ العربي الذي يدخل في أكثر من (180) منتج غذائي ودوائي ومستحضر تجميل.

تخزن أرض السودان نحو (33%) من جميع أنواع المعادن المكتسفة في العالم، (18%) من مخزون اليورانيوم في العالم، (15%) من مخزون النفط في العالم، إجمالا لا يوجد مورد من الموارد الطبيعية في الأرض، ولا يوجد للسودان منه نصيب، والأفضل من كل هذا إنسان السودان الذي يعتقد جازما أن البشرية خرجت من هنا وأن شمس الكون أشرقت من هنا من أرض الحضارات أرض البطولات، التي تختزن رأسمال الإنسانية داخل إنسان السودان وهي مكارم الأخلاق وحب الخير للبشرية جمعا.

فدولة الإمارات أقل قدرا من أن ترفع رأسها على السودان الذي بنى مجدها وعلم شعبها ابجديات الحضارة والتحضر، لكن العقلية البدوية التي تقود دولة الإمارات جعلتها تعتقد انه بمالها يمكن أن تشتري كل شيء وتفعل ما تريد، واعتقدت انها لو نفذت للتحالف الصهيوماسوني أهدافه في السودان ستحافظ على عرش حكمها المسروق، وهم لا يعلمون أنهم سلكوا طريق ضياع حكمهم والى الأبد، فحربنا الان ليست ضد الإمارات، وإنما حربنا ضد إسرائيل، أمريكا، بريطانيا وفرنسا في غزة والخرطوم ودار فور، وحربنا ضد نحو (500) ألف مرتزق جاءوا من نحو (25) دولة حول العالم، وضد نحو (170) ألف متمرد سوداني، وما الإمارات الا عبد بسيده يأمره فيمد الميليشيات بما سلم له ويأمره بالكف فيكف، ولا تثريب على مسلوب الإرادة فهي الآن في كف عفريت متى أمره التحالف الصهيوماسوني جعل عاليها سافلها، فالسكان الأصليين في الإمارات يمثلون 15% نسبهم مثل نسبة الاسرائيليين في الإمارات، اما الهنود فيمثلون نحو 70% من سكان الدولة وهم من ستؤول إليهم هذه الدويلة الفاسدة المفسدة في يوم من الأيام.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here