أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. أشار الكاتب الصحفي والمحلل السياسي محمد الماحي، إلى أن الهجوم الأخير من محمد حمدان دقلو “حميدتي” على المجتمع الدولي والولايات المتحدة، يُظهر تراجع الدعم الدولي لقوات الدعم السريع، خاصة بعد العقوبات الأمريكية على شقيقه القوني، المسؤول المالي. وأضاف أن هذا يُضعف الدعم المالي المتبقي لحميدتي. في الوقت نفسه، أوضح أن تحركات الرئيس التشادي بين فرنسا والإمارات تُظهر مساعي فرنسا للحفاظ على نفوذها في تشاد وسط التغيرات الإقليمية. كما أكد الماحي على أهمية الالتزام باتفاق جدة لتفادي انهيار البلاد، وشدد على ضرورة التوافق السياسي لفترة انتقالية تُمهد للانتخابات.
في خطابه الأخير، شنَّ حميدتي هجومًا على عدد من الجهات، لا سيما المجتمع الدولي، وأعرب عن استيائه من أمريكا تحديدًا. هل ترى في هذا مؤشرًا على تخلي هذه الجهات عن دعمه؟
يبدو أن الدعم السريع انتقلت إلى موقع مختلف عما كانت عليه في بداية النزاع. خطاب حميدتي الأخير، وربما هو الخطاب الأخير له فعلاً، يكشف عن تراجع الدعم الدولي، وخاصة من الولايات المتحدة، ما يعد مؤشرًا واضحًا على فقدانه للثقة والدعم من قبل تلك الأطراف.
الموقف الأمريكي تجاه قوات الدعم السريع ظهر بوضوح في الإجراءات ضد الشركات والأفراد المرتبطين بها، وكان آخرها العقوبات على القوني، شقيق حميدتي، الذي كان يُدير الشؤون المالية للدعم السريع من الإمارات. تم تحويل أموال الدعم السريع والممتلكات المسروقة، بما فيها غنائم بنكية وشخصية، إلى حسابات القوني، واستُخدمت لإدارة أكثر من 10 شركات عالمية بأهداف متنوعة تصب في دعم قوات الدعم السريع. العقوبات على القوني تشكّل ضربة قوية، ومن المتوقع أن تظهر آثارها بوضوح في المراحل القادمة.
كذلك تشهد تشاد تحولات ملحوظة في علاقاتها الإقليمية والدولية. فبعد زيارة الرئيس التشادي محمد كاكا لفرنسا وعودته عبر الإمارات، يتضح أن فرنسا تسعى للحفاظ على وجودها في تشاد عقب خسارتها لنفوذها في دول إفريقية أخرى كالنيجر ومالي. علاوة على ذلك، تزايد دعم الشعب السوداني عامةً، والدارفوري خاصة، للقوات المشتركة قد أثّر في بعض القبائل المشتركة بين السودان وتشاد، مما أثار قلق القواعد المؤيدة لكاكا. كما أقال كاكا مدير مكتبه، يوسف بوي، الذي كان مهندس العلاقات التشادية الإماراتية.
وماذا عن هجوم حميدتي لمصر؟
هجوم حميدتي على مصر يبدو محاولة للحفاظ على الدعم الإثيوبي، خاصة في ظل التوترات المصرية الإثيوبية حول ملف مياه النيل. ومع ذلك، من غير المرجح أن يؤثر هذا الهجوم بشكل كبير على موقف إثيوبيا، التي قد تتخذ قراراتها بناءً على مصالحها الإقليمية. كذلك، يبدو أن دعم بعض الدول الإفريقية لحميدتي جاء مقابل مكاسب مادية مباشرة، والتي قد تتلاشى خاصة بعد فرض العقوبات على شقيقه القوني، مما سيضعف الدعم المالي لقواته.
كيف تنظرون إلى مستقبل “تقدم” السياسي في السودان في ظل دعمها لقوات الدعم السريع، وغضب الشارع السوداني من ذلك؟
بلا شك، سيشهد المستقبل السياسي والاجتماعي في السودان تطورات كبيرة بعد عودة المواطنين إلى منازلهم، نظرًا للهول والمعاناة التي عاشها الشعب من نزوح وتعذيب، لدرجة أن الموت أصبح مألوفًا بعدما كان يُخشى. هناك استياء شعبي كبير تجاه “تقدم” باعتبارها الجناح السياسي للدعم السريع، ما تجلى في عدة مواقف وأحداث. مع العلم أن بعض أفراد “تقدم” قد غادروا البلاد بمساعدة الدعم السريع، ومنهم من نُقل عبر سيارة إسعاف تحمل ابن جمعة دقلو للعلاج في أم جرس، بدولة التشاد. ولا يمكن كما قلت لك؛ التنبؤ بأي تطورات إلا بعد عودة المواطنين لمنازلهم.
معظم المستنفرين والمقاومة الشعبية هم من الإسلاميين.. هل هذا مؤشر لعودتهم مجدداً للسلطة؟
رغم أن معظم المستنفرين من الإسلاميين، إلا أن هذا لا يعني بالضرورة عودة الإسلاميين للحكم. هناك أيضًا مستنفرون من تنظيمات أخرى، حيث قدمت منطقة المناقل مثالًا ممتازًا بتحالف الكيانات السياسية والمجتمعية كافة ضمن جهود الاستنفار، وهذا ما حدث في بابنوسة، والأبيض، والفاشر، ومدن سودانية أخرى. يُعد هذا التحالف رمزًا للتغيير الإيجابي والتحول نحو الأفضل، مما يعكس تضافر جهود المواطنين بمختلف توجهاتهم السياسية والمجتمعية لصالح الوطن.
الدعم السريع تلقت هزائم كثيرة.. هل تعيش مرحلة الانهيار؟
بلا شك، أن الانتصارات الأخيرة التي حققها الجيش تحمل بوادر لإنهاء هذه الحرب المؤلمة، وتوقف نزيف الدم المستمر. للوصول إلى هذه النتيجة، يظل الرجوع إلى اتفاق جدة ضروريًا. في النهاية، يمكن القول بأن قوات الدعم السريع ليست إلا فصيلًا كان تابعًا للجيش في الأصل، وليس في تاريخ الحروب ما يدل على انتصار فصيل تمرد على الجيش، حتى وإن طالت الحرب.
ماذا بعد وقف الحرب.. في رأيك، هل ستكون هناك فترة انتقالية أم انتخابات مبكرة؟
كما ذكرت، من الصعب التنبؤ بمستقبل الأحزاب السياسية بعد انتهاء الحرب. لكن من المؤكد أن هناك حاجة إلى اتفاق حول فترة انتقالية تحدد كيفية حكم السودان. فالانتخابات تظل الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذا الهدف بشكل شرعي ومستقر.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس