خبير عسكري لـ”أفريقيا برس”: عملية تحرير الجزيرة معقدة

9
خبير عسكري لـ
خبير عسكري لـ"أفريقيا برس": عملية تحرير الجزيرة معقدة

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. رسم الخبير العسكري عمر أرباب صورة قاتمة عن سير المعارك في السودان، إذا قال إن “مسألة الحسم العسكري غير واردة وأن أكبر الدول تواجه صعوبات في المعارك التي تخوضها”، مستدلا بأن “الجيش السوداني وهيئة العمليات والدعم السريع وقوات الاحتياطي المركزي عندما كانت مجتمعة لم تسحق حركات دارفور وقت تمردها على الدولة”.

وقال أرباب في حوار مع “افريقيا برس ” إن “تحرير مدني أمر معقد في ظل هكذا أوضاع على اعتبار أن كل محاور الجيش في حدود مدني غير كافية، كما انها تقوم بتأمين ولاية سنار والقضارف بدلا من مهاجمة الدعم السريع في الجزيرة”، واضاف “أي تقدم لهذا المحاور نحو الجزيرة سيضعف قوات الجيش وهذا يجعل قوات الدعم السريع تلتف حول ولاية سنار والقضارف مما يجعلها عرضة للسقوط”.

لنبدأ بما حدث في منطقة الجيلي حيث المعارك التي مازالت هناك تدور، في وقت يتحدث البعض أو بيان الدعم السريع عن قتله 300 جندي من الجيش وتدمير عربات قتالية.. ما حقيقة ذلك؟

أعتقد أن قوات الجيش والحركات المسلحة والمستنفرين قد تكبدوا خسائر كبيرة بغض النظر عن العدد، ولكن الواضح أن هنالك مشكلة في عملية الاستطلاع وعملية التأمين سيما للقوات المتحركة حيث هناك ضعف من جانب القوات المسلحة في عملية تأمين القتال أو أثناء الحركة مما يجعلها تتعرض للخسائر والكمائن كما حدث في متحرك الصياد وفي الجيلي نفسها، وفي متحرك شرق الجزيرة وقبلها كان في بحري.. لذلك هذه الطريقة تحتاج إلى وقفة من القوات المسلحة في كيفية تأهيل المتحركات سوى كان بعملية استطلاع متقدمة وبكل أنواعها وتوفير الغطاء الجوي بكافة قواته.

البعض يدعو الجيش السوداني لتدمير مصفى الجيلي بالكامل وذلك ثأرا وانتقاما لما قمت به قوات الدعم السريع من تصفية ضابط الجيش محمد صديق.. هل هذه الفرضية يمكن أن تحدث اقصد تدمير الجيش للمصفى؟ وماذا سيترتب على هذا القصف؟

ما تم في مصفى الجيلي لا يعتبر تدميرا كاملا برغم من أن هنالك أصوات قالت إن الجيش قام بتدمير المصفى، ولكن أعتقد أن القصف الجزئي له أهداف أخرى غير معركة الانتقام لمقتل الشهيد محمد صديق حيث يسعى الجيش لقطع الإمداد عن الدعم السريع، والإمداد هنا هو إمداد الوقود التي يوفره مصفى الجيلي، وكذلك الهدف من القصف هو ضرب القوات الموجودة التي تمثل تهديدا مباشرا لمنطقة نهر النيل وشندي تحديدا، وهذا جانب.. أما الجانب الآخر هو جانب معنوي وذلك من خلال الانتقادات الموجهة لقيادات الجيش بتقاعسها عن توفير الأمن والحماية وحالة الضعف عامة، وهذا يدعو لعمل يرفع من الروح المعنوية للقوات ويهدي الشارع المحتقن ضد قيادات الجيش.

نتجه إلى ولاية الجزيرة حيث تحرك الجيش بعدد من المحاور لتحرير عاصمة الجزيرة مدني، والشاهد أن هذه المحاور تراجعت في الآونة الأخيرة.. لماذا؟ وهل هنالك تكتيك آخر سيتخذه الجيش لتحرير الجزيرة؟

مسألة تحرير مدني مسألة معقدة في ظل هذه الأوضاع باعتبار أن القوات الموجودة هناك غير كافية لأنها تقوم بتأمين ولاية سنار، وتقدمها بنسبة كبير نحو تحرير الجزيرة قد يضعف القوات الموجودة في سنار ويمكن للدعم السريع الالتفاف عليها ومهاجمة المدنية “سنار”، وينطبق الحال على محور الفاو والقضارف وعن القوات الموجودة في المناقل لا سيما أن المنطقة هي منطقة محكومة بطرق محددة يمكن للدعم السريع وضع كمائن فيها، إضافة إلى أن المساحات الواسعة تسهل من عملية الحركة بالنسبة للدعم السريع الذي يتميز بخفة الحركة وإطلاقه نيرانا مكثفة، وهي التي تفتقرها القوات المسلحة التي دأبت على ممارسة العمل العسكري من خلال الصناديق القتالية وهي طريقة قديمة وثقيلة الحركة.

في الفاشر تحاصر قوات الدعم السريع المدنية وسط قصف مدفعي هنالك على مساكن المدنيين.. هل تسقط الفاشر في يد الدعم السريع؟ أم سيتمكن الجيش من التصدي لهم؟

تعتبر الفاشر مدنية مهمة للجيش وبالنسبة للدعم السريع، وجود الجيش في الفاشر يحجم ترحكات الدعم السريع لذلك يسعى الاخير بالقوى لإسقاط مدينة الفاشر، ولكن وجود قوات كبيرة من الجيش والحركات المسلحة والحواضن الاجتماعية ستصعب من هذه المهمة، ولكن إذ تمكن الدعم السريع من فرض حصار لفترة طويلة بذات الأسلوب والهجوم المستمر بالتأكيد فإنه سينقطع الإمداد عن الجيش، وفي النهاية سيؤدي لسقوطها ولكن هذه مسألة ستاخذ وقتا وهذا يتوقف على قدرة الجيش للحصول على فتح خطوط إمداد للمدنية أو مهاجمة قوات الدعم السريع حتى تتراجع.

وماذا سيترتب على سقوط مدينة الفاشر؟

سيترب على ذلك أحداث عدة أبرزها؛ سيكون الطريق سالكا للدعم السريع في مهاجمة الأبيض وبابنونسة وحتى الولاية الشمالية لاسيما أن شمال دارفور ترتبط بحدود دولية مع ليبيا ومع تشاد وهو الأمر الذي سيمهد لخطوط الإمداد ويعزز وجود قوات الدعم السريع في الخرطوم ويزيد من الضغط والخناق على الولايات الأخرى سواء كانت النيل الأبيض أو شمال كردفان أوغرب كردفان.

سادت حالة التذمر وسط السودانيين بسبب تأخر الجيش في حسم المعركة، وربما الكثير غير راض عن أداء الجيش في حسمها.. ما سبب التأخير في حسم المعركة؟ وماهي الخطط والتكتيكات التي يمكن أن يتبعها الجيش في حسم معركة الكرامة؟

مسألة حسم المعارك عموما أصبحت معقدة وصعبة حتى للدول ذات الإمكانيات العالية، والجيش نفسه والدعم السريع وقوات الاحتياطي المركزي وهئية العمليات لم تتمكن من سحق الحركات المسلحة عندما كانت تتمرد على الدولة، لذا مسألة الحسم العسكري غير واردة في هذه الحرب، ولكن الجيش الآن يسعى لإضعاف الدعم السريع حتى يرضخ لعملية تفاوضية يوافق فيها على شروط القوات المسلحة، وتأخر الحسم ناتج عن الانتشار الواسع للدعم السريع في عدد من الولايات بالإضافة لخطوط الإمداد المفتوحة له وقدرته على التجيند والاستنفار، وأيضا تلقي الدعم الخارجي، كل هذه الأسباب جعلت عملية الحسم عملية صعبة وأخرت منها كثيرا سيما أن الجيش واضح للدعم السريع وذلك على اعتبار أنه كان يعتمد على قوات الدعم السريع في الفترات الاخيرة في عمليات دارفور، الأمر الذي حد من عمليات التجنيد للجيش في الوقت الذي كانت فيه قوات الدعم السريع تواصل في تخريج الدفعات واحدة تلو الأخرى.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here