أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. خلال الأيام الماضية، أقدمت وزارة العدل السودانية على تعديل الوثيقة الدستورية الموقعة بين المدنيين والعسكريين عام ألفين وتسعة عشر، حيث حددت هياكل السلطة لتشمل مجلس السيادة، ومجلس الوزراء الانتقالي، والمجلس التشريعي، الذي تم وصفه بـ”السلطة التشريعية”. كما حذفت عبارة “قوات الدعم السريع” وقوى الحرية والتغيير من جميع الوثائق.
وحددت الوثيقة مدة الفترة الانتقالية بـتسعة وثلاثين شهرًا، تبدأ بالإعلان عنها في الجريدة الرسمية. كما زادت عدد أعضاء مجلس السيادة إلى أحد عشر عضوًا، بينهم ستة من القوات المسلحة، مقابل أربعة في الوثيقة السابقة، إضافة إلى ثلاثة أعضاء ترشحهم الأطراف الموقعة على اتفاق سلام جوبا، مع الالتزام بتمثيل المرأة والأقاليم.
في هذا السياق، حاورت “أفريقيا برس” الخبير القانوني والمحامي المعز حضرة، وناقشت معه تعديل الوثيقة الدستورية، والهدف من التعديل، والجهة المخولة بتعديله.
كيف ترى تعديل الوثيقة الدستورية؟
في الأصل، لا توجد وثيقة دستورية، لأنها تم تقويضها من قبل البرهان في انقلابه في أكتوبر عام ألفين وواحد وعشرين. وبالتالي، لا يمكن تعديل وثيقة غير موجودة، وما بُني على باطل فهو باطل.
برأيك، ما الهدف من تعديل الوثيقة الدستورية؟
الهدف من التعديل هو تكريس السلطة في يد العسكر، وتحديدًا في يد البرهان، الذي سيملك جميع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، مما يمنحه القدرة على تعيين من يشاء وإقالة من يشاء. وبالتالي، فإن تعديل الوثيقة الدستورية يهدف إلى تعزيز سيطرة البرهان على السلطة بالكامل.
ماذا يعني حذف البنود المتعلقة بالقوى السياسية والمدنية وقوات الدعم السريع من الوثيقة الدستورية؟
إن حذف جميع البنود المرتبطة بالقوى المدنية والسياسية وقوات الدعم السريع من الوثيقة الدستورية يشير إلى أن الوثيقة الدستورية تأسست في الأصل على يد قوى ثورة ديسمبر والقوى المدنية، إلا أن البرهان يسعى لإبعاد هذه القوى بالكامل.
كما يسعى البرهان إلى إقصاء لجان المقاومة واستبدالها بما يُسمى “القوى الوطنية”، مما يفتح المجال أمام إدخال عناصر من فلول المؤتمر الوطني ضمن هذه القوى.
إذًا، من يحق له تعديل الوثيقة الدستورية؟
وفقًا للمادة 8 من الوثيقة الدستورية، فإن حق تعديلها يعود إلى ثلثي مكونات الوثيقة الدستورية. وكما هو معلوم، فإن قوى الحرية والتغيير كانت تشكل الأغلبية، حيث تمثل 67% من القوى السياسية، وبالتالي هي الجهة الوحيدة التي تملك حق تعديل الوثيقة.
أما البرهان، فلا يملك حق التعديل منفردًا، ولا حتى بمشاركة مجلس السيادة، لأن التعديل محكوم بنص المادة 78. وبما أن الوثيقة لم تعد موجودة، وقوى الثورة التي صنعتها تم إقصاؤها، فإن أي تعديلات تُجرى حاليًا تعتبر غير مشروعة.
هناك من يقول إن الجيش يخوض حرب كرامة ضد قوات الدعم السريع، ويمثل حكومة الأمر الواقع، وبالتالي يحق له تعديل الوثيقة الدستورية. كيف ترد على ذلك؟
الجيش ليس من واجبه أن يحكم، كما أن الوثيقة الدستورية السابقة، التي عدلها البرهان، لا تمنحه هذا الحق. وفقًا للدستور، فإن دور الجيش هو حماية البلاد والدستور، لكن للأسف، الجيش في السودان، منذ تأسيسه، اعتاد تنفيذ الانقلابات وتقويض النظام الدستوري.
أما بخصوص هذه الحرب، فالسؤال الأهم هو: من أشعلها؟ هذا سؤال يحتاج إلى إجابات واضحة، ويجب تشكيل لجنة تحقيق دولية لمعرفة الجهة المسؤولة عن اندلاع الحرب، حتى تتم محاسبتها وفقًا للقانون. وبالتالي، فإن هذه الحرب لا تمنح الجيش أي شرعية للحكم.
بحسب القانون، فإن دور الجيش هو حماية الدولة من أي اعتداء داخلي أو خارجي، ولديه وظيفة محددة تتمثل في حماية البلاد والحدود. أما الوثيقة الدستورية، فهي من صنع الشعب والسيادة تعود إليه، وليس للجيش. ولذلك، ليس من حق الجيش أن يحكم، سواء كأمر واقع أو عبر انقلاب أو بأي وسيلة أخرى، كما ليس له الحق في تعديل الوثيقة الدستورية، لأن الدستور يصنعه الشعب وليس المؤسسة العسكرية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس