حوار أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. رسم اللواء الركن المتقاعد عبدالغني عبدالفراج عبدالله سيناريوهات لقوات الدعم السريع بعد الهجوم الكاسح الذي شنه الجيش السوداني عليها في جميع المحاور. وقال في حوار مع “أفريقيا برس” إن قوات الدعم السريع لن تكون لها مستقبل سياسي في السودان، مشيرًا إلى أن قوتها ستنهار وستنكسر، داعيًا عناصرها إلى الاستسلام.
كيف تنظر لعمليات الجيش الأخيرة، وإلى أي مدى يمكن أن تصنع الفارق؟
ما قامت به القوات المسلحة في اليومين الماضيين من عمل متزامن شمل عدة قطاعات ومواقع ومدن كان نتيجة تخطيط طويل الأمد. تم تجهيز القوات من خلال التعاون بين الوحدات المختلفة والمستنفرين والتجنيد لتوفير العنصر البشري، بالإضافة إلى الإمداد بالأسلحة والمعدات من الدول الصديقة، مما مكن القوات المسلحة من التدريب عليها.
أُعدت الخطط في سرية تامة، وكذلك التحركات التي تمت في الساعات الأولى من صباح اليوم الموعود. كل ذلك أدى إلى زعزعة وانهيار مليشيات الدعم السريع. ورغم تمسكها ببعض المواقع، إلا أن القوة القاسية ستطالها.
في اعتقادي الشخصي، إن الجيش قد صنع الفارق، وهو الذي أدى إلى تضعضع وضعف مليشيات الدعم السريع.
البعض يتخوف من تراجع الجيش مرة أخرى والتخندق في ثكناته، إلى أي مدى يمكن أن تحدث هذه الفرضية؟
إن المرارات التي أذاقتها مليشيات الدعم السريع للشعب السوداني من اغتيالات وقتل ونهب وسرقة واغتصابات للحريات، وتدمير ممنهج للبنية التحتية، ونهب للبنوك والمؤسسات الاقتصادية، ودمار طال حتى المتاحف، كل ذلك جعل مليشيات الدعم السريع هدفًا يجب القضاء عليه.
تراجع الجيش إلى مواقعه مرة أخرى غير وارد، وذلك بفضل القوات التي تم جمعها، والأسلحة النوعية التي وصلت. وخروج المدرعات للمرة الأولى للمشاركة في المعارك التي تدور، يعد دليلاً على أن هناك عمليات ناجحة قادمة، مما يمنع فرضية التراجع.
في ظل الهجوم الذي شنه الجيش السوداني على تمركزات الدعم السريع في الخرطوم، ما هي فرص الوصول إلى سلام عبر المفاوضات؟
دوماً، كل الأعمال العسكرية التي تُنفذ يكون ختامها عمل سياسي. كانت فرص السلام متاحة في منبر جدة، الذي تنصلت منه مليشيات الدعم السريع بإيعاز من حاضنتها “قحت”. ومن أهم ما ورد في المنبر الخروج من منازل المواطنين إلى مواقع متفق عليها مع تجريدهم من السلاح كمرحلة أولى، والنظر في بقية المراحل عبر المفاوضات. ومع ذلك، رفضت المليشيات كل ذلك وتمسكت بالبقاء في المنازل والمواقع التي احتلتها.
الآن، تعيش المليشيات في أضعف حالاتها بعد الهزائم المتكررة في الفاشر ومواقع أخرى، حيث فقدت الكثير من مركباتها وأسلحتها. كما أن المقاتلين الذين ينتمون لبعض القبائل في صفوف الدعم السريع عادوا إلى مناطقهم. إضافة إلى ذلك، تواصلت الوفيات المتتالية لقادتهم في المعارك المختلفة، مما أفقدهم القيادة. ورغم ذلك، إذا جنحوا للسلام، فعلى الأطراف المعنية أيضًا أن تجنح له.
بعد هجوم الجيش هل تلتزم الدعم السريع بإعلان جدة في حال اللجوء للمفاوضات؟
في كل المرات والاجتماعات التي تمت، كانت القوات المسلحة عبر مفاوضيها تنادي بضرورة خروج الدعم السريع من المنازل. غير أن مليشيات الدعم السريع كانت تتطاول وترفض ذلك، مبررةً موقفها بحكم أنها تسيطر على أجزاء كبيرة من ولاية الخرطوم وولاية الجزيرة وولايات دارفور، باستثناء شمالها وبعض مدن النيل الأبيض. هذا الوضع جعلها ترفض أي إشارة تدعو إلى الخروج الآمن والسير في طريق السلام، حيث كانت تعتمد اعتمادًا كليًا على الدعم اللوجستي من دويلة الإمارات عبر دول الجوار.
هل الدعم السريع تخطط لفصل دارفور؟
أعتقد أن الرهان على دولة دارفور وفصلها، حسب اعتقادي، قد تلاشى نظرًا للدعم الكبير الذي وصل إلى الجيش في الفاشر. وحسب ما رشح من أخبار، فإن الجيش سيطر على بعض مدن شمال دارفور وهو في طريقه لتحرير الجنينة. كل ذلك يخصم الكثير من آمال وتمنيات مليشيات الدعم السريع، مما قد يدفعها إلى فتح باب التفاوض وقبول الحد الأدنى، وهو الخروج من منازل المواطنين. ومع ذلك، لن يكون لها دور سياسي، هي و”قحت”، في المرحلة لما بعد الانتخابات.
ما هي السيناريوهات المتوقعة لوضع الدعم السريع في ظل الهجوم الذي يشنه الجيش؟
تمدد مليشيات الدعم السريع في عدة مدن متباعدة ومساحات شاسعة جعلها في جزر معزولة، مما يسهل السيطرة عليها ويقطع خطوط إمدادها، وهو ما يسهل القضاء عليها. إن الموت المستمر لقياداتها الصلبة أدى إلى تضعضعها، كما أن الاستمرار في فقدان قواتها نتيجة الهجمات الجوية المركزة، وفقدانها للكثير من الأسلحة والمركبات، والنقص الحاد والكبير في مواد تموين القتال والعنصر البشري، كلها عوامل أسهمت في زعزعة وضعها.
فقدان الفزع الذي كان يتم نتيجة العربات المتلاحقة لمتحركاتها سيكون له تأثير كبير، حيث سيؤدي كل ذلك إلى كسر قوة مليشيات الدعم السريع. وبالتالي، لن يكون لها أي قدرة على أي ردة فعل مستقبلية، وعليها الاستسلام.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس