أفريقيا برس – السودان. أصدرت المديرية العامة لأمن نظم المعلومات، التابعة لإدارة الدفاع الوطني، مذكرة تحذيرية بشأن برنامج تجسسي جديد يحمل اسم “BTMOB RAT”، يستهدف بشكل خاص أجهزة الأندرويد. ولتسليط الضوء على خطورة هذا الفيروس وسبل مواجهته، أجرينا هذا الحوار مع حسن خرجوج، خبير في الهندسة الإجتماعية والأمن السيبيراني.
بداية، ما مدى انتشار فيروس “BTMOB RAT” في المغرب؟ وهل هناك مؤشرات على استهداف مستخدمين محليين؟
لحسن الحظ، لم يسجل انتشار فعلي لهذا الفيروس على الصعيد الوطني. ويُحسب للمديرية العامة لأمن نظم المعلومات تدخلها السريع، من خلال مذكرة تحذيرية ساهمت في تجنيب البلاد كارثة حقيقية. كان من الممكن أن يتسبب هذا التروجان في اختراق واسع لو لم يتم التنبيه إليه في الوقت المناسب
ما هو هذا الفيروس؟ وما الذي يجعل هذا البرنامج التجسسي خطيرا؟
“BTMOB RAT” هو أحد أخطر أنواع البرمجيات الخبيثة، ويصنف ضمن فئة “أحصنة طروادة للتحكم عن بعد” (RAT). يتيح للقراصنة السيطرة الكاملة على هاتف الضحية دون علمه أو إذنه. يتم توزيعه عبر عدة وسائل مثل مواقع التصيد الاحتيالي، وروابط مزيفة، وتطبيقات خبيثة وحتى ملفات APK من مصادر غير موثوقة.
ما يزيد من خطورته هو اعتماده على استغلال “خدمات الوصول” في نظام أندرويد للحصول على صلاحيات متقدمة، بتجاوز أنظمة الحماية، وجمع بيانات حساسة معروضة على الشاشة، مثل كلمات المرور، الرسائل، والمعطيات البنكية، ومراقبة الحافظة (clipboard) لسرقة المعلومات المنسوخة مؤقتا، وتنفيذ أوامر في الخلفية دون علم المستخدم.
وللتمويه على أنظمة الحماية، يقوم هذا الفيروس بتقليد سلوك التطبيقات الشرعية، مما يصعب اكتشافه. كما يتميز بخطورته لأنه يمنح نفسه صلاحيات دون الحصول على إذن صريح، من خلال استغلال ثغرات في آلية عمل خدمات الوصول، بالإضافة إلى قدرته على إخفاء نفسه عن برامج الحماية وأنظمة الأمان.
ما هي الثغرات التي يستغلها هذا النوع من الفيروسات؟ ولماذا لا تزال قائمة رغم التحديثات المستمرة؟
الثغرة الأساسية التي يستغلها هي “خدمات الوصول”، والتي تستخدم من قبل المخترقين للحصول على صلاحيات مرتفعة. رغم التحديثات الأمنية الدورية، فإن القراصنة يبتكرون باستمرار أساليب جديدة لاكتشاف ثغرات غير معروفة، مما يعني أن أي نظام أو تطبيق يظل معرضا للاختراق.
هل يستطيع المستخدم العادي التمييز بين تطبيق آمن وآخر خبيث؟ وما هي أبرز الأخطاء التي يرتكبها وتجعل هاتفه عرضة للاختراق؟
في الحقيقة، من الصعب جدا على المستخدم العادي اكتشاف مثل هذه التهديدات، خاصة أن الفيروسات مثل “BTMOB RAT” تتقن التمويه وتقلد التطبيقات الشرعية. الحل العملي هو تثبيت برامج حماية موثوقة ومحدثة، وعدم تحميل أي تطبيقات من مصادر غير رسمية أو التفاعل مع روابط ورسائل مشبوهة.
أبرز الأخطاء تكمن في تحميل تطبيقات من خارج المتاجر الرسمية، النقر على روابط مشبوهة، أو الوثوق برسائل توهم المستخدمين بالربح أو الهدايا. هذه السلوكيات تفتح الباب أمام الفيروسات مثل “BTMOB RAT”. تثبيت برنامج حماية موثوق وتحديثه بانتظام يمكن أن يقلص من خطر الاختراق بنسبة تصل إلى 90%.
هل البنية الرقمية في المغرب، على مستوى الأفراد أو المؤسسات، مستعدة لمواجهة تهديدات من هذا النوع؟ وما مدى أهمية التوعية في هذا المجال؟
إلى حد ما، هناك اجتهادات ملموسة، لكن المطلوب هو تفاعل جدي وسريع من طرف جميع المؤسسات مع المذكرات التحذيرية التي تصدرها الجهات المعنية، مثل المديرية العامة لأمن نظم المعلومات. هذه المؤسسات تضم نخبة من المهندسين ذوي الكفاءة العالية، ويجب أخذ توصياتهم بعين الاعتبار.
التوعية ضرورة قصوى. لا يمكن لأي شخص، مهما بلغت خبرته، أن يدّعي الإلمام الكامل بجميع أساليب الاختراق، لأن هذا المجال يتطور بشكل يومي. لذلك، يجب أن تقوم المؤسسات، إلى جانب الإعلام، بدور أكبر في التحسيس بمخاطر الأمن السيبراني.
أخيرا، هل ترى أن المغرب بحاجة إلى استراتيجية وطنية أكثر صرامة في مجال التوعية بالأمن السيبراني؟
بكل تأكيد. نحتاج إلى استراتيجية وطنية واضحة وصارمة، خاصة على مستوى التعليم. للأسف، لا يوجد إدماج فعلي لمفاهيم الأمن السيبراني في المناهج التعليمية، رغم أن الطلبة والتلاميذ يتعاملون مع الأجهزة الذكية يوميا. يجب أن تتحرك الوزارات المعنية لإدراج هذا الجانب الحيوي ضمن برامج التكوين للشباب المغربي.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس