فيضانات السودان.. اتهامات لإثيوبيا بسبب سد النهضة

13
فيضانات السودان.. اتهامات لإثيوبيا بسبب سد النهضة
فيضانات السودان.. اتهامات لإثيوبيا بسبب سد النهضة

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. شهد السودان الأيام الأخيرة موجة فيضانات مدمرة تسببت في نزوح المواطنين من ديارهم، كما غمرت المياه الأراضي الزراعية وأغلقت الطرق، في وقت تهدد فيه الفيضانات عددًا من سدود السودان.

واجتاحت الفيضانات عددًا من القرى في ولايتي الجزيرة وسنار، والعاصمة الخرطوم، إذ اختفت المنازل والطرق تمامًا بسبب تدفق المياه وسط صعوبة في حركة التنقل. وبحسب المعلومات التي تحصلت عليها “أفريقيا برس”، فإن الفيضانات شردت عددًا من الأسر السودانية، بينما تعيش أسر أخرى في تحديات صعبة جراء المياه التي انهالت عليهم من كل الاتجاهات. يأتي هذا كله بينما يستمر ارتفاع منسوب النيل، ما يعني أن هناك أضرارًا أخرى محتملة.

ووثّق عدد من نشطاء التواصل الاجتماعي الأضرار الكبيرة التي سببتها الفيضانات، إذ أظهرت الصور والفيديوهات حالة غرق قرى ومزارع بأكملها. وتعود أسباب هذه الفيضانات، بحسب خبراء، إلى عملية الفتح المفاجئ لخزانات سد النهضة الإثيوبي.

وكانت وزارة الري والموارد المائية السودانية قد دعت المواطنين على ضفاف النيل إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية ممتلكاتهم وأرواحهم، وذلك بعد بلوغ عدد من المحطات والولايات والأنهار مستوى الفيضان.

وأكدت الوزارة في بيان استمرار ارتفاع مناسيب النيل خلال الأسبوع الحالي، وأشارت إلى انخفاض إيراد النيل الأزرق إلى 699 مليون متر مكعب يوميًا، وتخفيض تصريف سد الروصيرص إلى 613 مليون متر مكعب. وقالت الوزارة إن تصريف سد سنار بلغ 688 مليون متر مكعب يوميًا، بينما تجاوز تصريف جبل الأولياء 130 مليونًا، وتصريف سد خشم القربة 120 مليونًا، وتصريف سد مروي 730 مليون متر مكعب في اليوم.

وكشفت الوزارة عن أن هناك محطات وولايات وأنهارًا بلغت مستوى الفيضان، وهي محطات ود العيس (سنجة)، الخرطوم، مدني، شندي، عطبرة، بربر وجبل أولياء، إضافة إلى ولايات النيل الأزرق، سنار، الجزيرة، الخرطوم، نهر النيل، والنيل الأبيض، وأنهار النيل الأزرق (الديم–الخرطوم)، النيل الأبيض (الجبلين–الخرطوم)، والنيل (الخرطوم–دنقلا).

استسلام الحكومة السودانية

في هذا السياق، فإن خبير المياه الدولية وعضو ومستشار وفد السودان لمفاوضات حوض النيل (1995–2011) د. أحمد المفتي، أرجع أسباب الفيضانات التي اجتاحت السودان إلى إثيوبيا، والتي قال إنها فتحت أبواب سد النهضة من غير تنسيق مع السودان ومصر. وطالب المفتي وزارة الري بالاعتذار للمواطن السوداني وتعويضه على اعتبار أنها وعدتهم بعدم فيضان سد النهضة، مستدركًا: ولكن الآن حدث العكس تمامًا، حيث أطلقت إثيوبيا مؤخرًا مياهًا للأعلى بحوالي متر ونصف من فيضان 1988، منبهًا إلى أن وزارة الموارد المائية السودانية اعترفت بذلك وحذرت المواطنين الذين، بحسب المفتي، أصابهم ضرر بالغ، مشددًا على ضرورة أن تعتذر الوزارة لهم علنًا.

وأضاف: كذلك يجب أن يُفتح تحقيق حول الموضوع لمساءلة من أساء التقدير أو أهمل، خاصة وأن من بين أولئك من مُنح جوائز ضخمة لإجادة التفاوض حول سد النهضة. ويرى المفتي أن على الوزارة أن تلتزم، أو تُلزم إثيوبيا، بتعويض المتضررين تعويضًا عادلًا وعاجلًا.

كما شدد على أن يشمل التحقيق مسألة عدم مد السودان بالكهرباء الرخيصة التي وعدت بها الحكومة مواطنيها، وكذلك عدم تمكينه من ثلاث دورات زراعية، وغير ذلك كثير، لأن تلك الوعود ـ يقول المفتي ـ لم تتحقق.

وبالنسبة له، فإن مفاوضي السودان أضاعوا حقوقه المائية، مشيرًا إلى أن ذلك يُعد جرائم في حق الوطن. وأكد على ضرورة ألا تفوت هذه الواقعة من دون مساءلة جنائية ومدنية وإدارية تطال كل من تسبب فيها.

إلى ذلك، حث المفتي الحكومة السودانية على أن تشرع في تنفيذ ترتيبات هندسية تستوعب كل تدفق للمياه غير المرغوب فيها من سد النهضة. ويرى أن تحذير المواطنين من فيضانات سد النهضة، التي تطلقها وزارة الموارد المائية، يساعد المعنيين منهم على تقليل الخسائر.

وقال المفتي لموقع “أفريقيا برس” إن استسلام الحكومة للأمر الواقع والاكتفاء بالتحذيرات يعد قصورًا تتحمل الحكومة وزره، ولا يقل فداحة عن التفريط في حقوق السودان المائية، مؤكدًا أن السودان وحده يتحمل سلبيات سد النهضة.

وفي الصدد نفسه، أشار المفتي إلى أن تنفيذ الترتيبات الهندسية أعلاه سوف يجعل من الدكتور كامل إدريس أعظم الرجال الذين حكموا السودان، ويخلّد اسمه بأحرف من نور حتى ولو لم ينجز أي عمل خلاف ذلك.

فيضان متحكم

أما المحلل السياسي الفاتح محجوب، فيرى في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أن فيضان السودان متحكم به ولا يشكل حتى الآن خطرًا. ولفت إلى أن إدارة سد النهضة بدأت في تقليل تدريجي للمياه التي يضخها السد، حيث يقول الفاتح: هبطت المياه من 750 مليون متر مكعب إلى 630 مليون متر مكعب، وأكد أن إدارة السد عملت على تصريف 20 مليار متر مكعب من بحيرة السد، وهذا هو ـ بحسب الفاتح ـ سبب الفيضان.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here