أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. شنّ الجيش السوداني هجوما عنيفا على مواقع قوات الدعم السريع في جميع الجبهات، مما أدّى إلى انهيارٍ كبيرٍ في صفوف قوات حميدتي. سقطت مناطق كانت تحت سيطرة الدعم السريع، وهربت قيادات وجنود من الخرطوم باتجاه دارفور، حيث معقل قوات الدعم. فهل ستُلقي قوات الدعم السريع المنديل؟
وقد تمكَّن الجيش السوداني من فرض سيطرته على منطقة وسط الخرطوم، بعد أن شنَّ هجوماً برياً مباغتاً على تمركزات قوات الدعم السريع في محاور مختلفة من العاصمة الخرطوم.
كما تمكن الجيش السوداني من تحرير جبل موية، وهي منطقة استراتيجية تربط وسط السودان بشرقه وغربه، وكانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ عدة شهور.
أما في إقليم دارفور، فقد تمكن الجيش السوداني من دحر قوات الدعم السريع من مدينة الفاشر، التي كانت محاصرة من قِبَل الأخيرة. ولم يقتصر الجيش على فك الحصار عن الفاشر فحسب، بل حرر أيضًا العديد من المدن في ولايتي شمال وغرب دارفور. وفي الوقت نفسه، أفادت مصادر باقتراب الجيش من تحرير مدينة الجنينة، عاصمة غرب دارفور، التي كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب.
أما في ولاية الجزيرة، فقد دمّر الجيش السوداني تجمعات لقوات الدعم السريع في مدينتي الحصاحيصا ومدني. وحاولت قوات الدعم السريع المتواجدة في ولاية الجزيرة التحرك شرقاً نحو ولاية القضارف، لكنها تعرَّضت للإبادة الكاملة من قِبَل طيران الجيش السوداني.
في محلية شرق النيل التابعة لولاية الخرطوم، أفاد شهود عيان لموقع “أفريقيا برس” بأن عناصر من قوات الدعم السريع بدأت بمغادرة المنطقة خوفاً من هجوم محتمل من الجيش عليها.
ورصد شهود عيان حملات مكثفة من الشرطة العسكرية التابعة لقوات الدعم السريع، تقوم بإجبار عناصر الدعم السريع على القتال. ويُرجَّح أن هؤلاء العناصر أُرغموا على المشاركة في القتال في عدة جبهات، بعد أن كانوا قد اتجهوا لمزاولة مهن التجارة في الأسواق.
خيار واحد
في هذا الصدد، قال الناطق الرسمي باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، الرائد أحمد حسين مصطفى، لموقع “أفريقيا برس” إن “استسلام مليشيات الدعم السريع وارد، نظراً لأن هذه المليشيات ليست محاصرة فقط من قبل الجيش والقوات الأخرى، بل أصبحت تواجه انتفاضة شعبية ضدها”. وأضاف أن “المليشيات تعاني حالياً من نقص في الإمدادات اللوجستية والعسكرية والبشرية، بعد سيطرة القوات المسلحة السودانية والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح على شريان حياة هذه المليشيات وخط الإمداد الرئيسي عبر منافذ الصحراء في مثلث الحدود الليبية التشادية، ولم يعد أمامها سوى الاستسلام”.
رد مختلف
من جانبه، قال المحلل السياسي حسن عبد الحميد لموقع “أفريقيا برس” إن “مناطق سيطرة قوات الدعم السريع التي هاجمها الجيش ليست كلها على نفس الوضع”، مشيراً إلى أن “ردود فعل قوات الدعم السريع على هجمات الجيش ستختلف بحسب المنطقة”. وأوضح عبد الحميد أن “المناطق المحاصرة والمغلقة ليس أمامها سوى الاستسلام، بينما في المناطق المفتوحة، قد تختار قوات الدعم السريع بين المواجهة أو الهروب، وهو الخيار الأكثر احتمالاً ما لم يكن هناك تدخل خارجي أو مساومات إقليمية أو دولية”. وأضاف “مع ذلك، فإن مليشيات الدعم السريع تعيش أيامها الأخيرة، وليس لها مستقبل عسكري في السودان بإذن الله”.
فرضية جائزة
وفي رده على سؤال “أفريقيا برس” بشأن فرضية استسلام قوات الدعم السريع، قال الكاتب الصحفي ضرغام أبو زيد إن “فرضية الاستسلام جائزة ومقبولة وطبيعية بالنسبة للجيوش النظامية التي لديها قادة معروفون لهم كلمة وسلطة على جنودهم وعناصرهم”. لكنه استدرك قائلاً إن “القائد المليشيوي، عندما يصدر أمراً للعصابات بالاستسلام للجيش، قد يطيعه البعض ممن ينتمون إلى عرقه القبلي، بينما سيرفض البعض الآخر هذا الأمر، لعدم اعترافهم به كقائد”.
وتابع “حتى الذين يوافقونه على الاستسلام قد يجدون أنفسهم في خطر داهم من زملائهم في العصابة القبلية المناوئة لمطلق نداء الاستسلام، وقد يتم تصفيتهم بتهمة الخيانة. لذلك”، يرى ضرغام أن “الأمر ليس سهلاً، وبالتالي فإن التنظيف والتمشيط الميداني من قبل الجيش سيكون هو الخيار النهائي”.
وقال ضرغام “إنهم يواجهون واقعًا استثنائيًا تمامًا وغير مسبوق في تاريخ الحروب والحروب الأهلية”، موضحًا أن “المليشيات الآن ليست جيشًا نظاميًا، بل هي عبارة عن عصابة أو عصابات، هدف كل منها هو الحصول على المنهوبات، خاصة من المواطنين”. وأكد أن “هذه المليشيات لا تقاتل من أجل هدف سياسي، بل أصبحت أهدافها شخصية بحتة”. وأضاف أن “عناصر الدعم السريع قد نسوا دولة 1956، ونسوا الديمقراطية المغتصبة”. واعتبر أن “الشعب السوداني في نظر هذه العصابات الإجرامية يُعد “فلولاً”، وفي غياب أي تعريف دقيق لهذا المصطلح، يرون أن النهب والسطو أمر حلال ما دام المعتدى عليه يُعتبر فلوليًا، وفي خيالهم المعتل، الشعب بأكمله كذلك”.
من جانبه، يرى مستشار قائد قوات الدعم السريع، عمران عبد الله، في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أنهم سيقاتلون حتى النهاية، وأنهم ما زالوا يحتفظون بقواتهم والمناطق التي يسيطرون عليها. وأضاف: “لن نرمي المنديل ولن نستسلم، والحل يكمن في الحوار، فالبلد يجب أن تعيش في سلام”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس