محمد خليل
أهم ما يجب معرفته
تتطور صناعة السفر بسرعة بفضل وكيل الذكاء الاصطناعي، الذي يعد ثورة في كيفية تخطيط وتنفيذ الرحلات. يمكن لهذا الوكيل الذكي تنفيذ المهام بشكل مستقل، مما يسهل على المسافرين اتخاذ قراراتهم. وفقًا لتقرير ماكينزي، سيعيد وكيل الذكاء الاصطناعي تشكيل العلاقة بين المسافرين وشركات السفر، مما يجعل التجربة أكثر سلاسة وملاءمة لاحتياجات الأفراد. ومع ذلك، تواجه الشركات تحديات تتعلق بتوحيد البيانات وبناء الثقة مع العملاء في استخدام هذه التقنية الجديدة. تعتبر هذه التطورات خطوة نحو مستقبل أكثر تخصيصًا في عالم السفر.
أفريقيا برس – السودان. يتغير عالم السفر والسياحة سريعًا تحت تأثير التحولات التقنية المتلاحقة، إذ يبرز وكيل الذكاء الاصطناعي كعنصر ثوري يغير قواعد اللعبة في كل مناحي الحياة، ومنها بالطبع صناعة السياحة.
بينما يستطيع روبوت الدردشة التقليدي تقديم توصيات بشأن خطط السفر ووصفات الأكل، فإن وكلاء الذكاء الاصطناعي يذهبون إلى أبعد من ذلك، إذ يمكنهم تنفيذ المهام نيابة عن المستخدمين بحد أدنى من التدخل البشري.
ومن ثم، لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة تقتصر مهمتها على المساعدة التقنية، بل أصبح شريكًا استراتيجيًا يسافر مع الإنسان، يفهم عاداته وتفضيلاته بل ويتخذ العديد من القرارات نيابة عنه.
في هذا السياق، خلص تقرير صادر عن مؤسسة ماكينزي للاستشارات إلى أن وكيل الذكاء الاصطناعي سيعيد رسم العلاقة بين المسافر وشركات السفر، ليصبح جزءًا من كل تجربة سفر، ابتداءً من التخطيط لها مرورًا بالقيام بها، وحتى العودة من الرحلة.
وكيل السفر
وكيل الذكاء الاصطناعي هو منظومة ذكية حديثة قادرة على العمل بشكل مستقل دون انتظار التعليمات المباشرة من البشر، على عكس النماذج التقليدية.
يتصرف وكيل الذكاء الاصطناعي بمرونة ويحلل البيانات والسياق لاتخاذ قرارات فورية، ويمكنه متابعة تغييرات الرحلات، وتعديل أو إلغاء الحجوزات تلقائيًا، وأيضًا اقتراح بدائل للرحلة تناسب المسافر.
بل ويمكن لهذا الوكيل حتى التواصل مع الفنادق أو شركات الطيران لحل أي مشكلة أثناء الرحلة دون تدخل بشري مباشر.
تقوم تقنية وكيل الذكاء الاصطناعي بإنشاء ملف رقمي لكل مستخدم، يجمع فيه سلوكياته، وذوقه، وميزانيته، وتفاصيل تفضيلاته في السفر.
وبمرور الوقت، يصبح الوكيل الرقمي على اطلاع أكبر على شخصيتك، ويدير رحلاتك بدقة من الفكرة الأولى حتى العودة دون عناء البحث أو المتابعة المتعبة.
تجربة السفر
وفقًا لتقرير مؤسسة ماكينزي، فإن المستقبل القريب سيشهد تحولًا جذريًا في أسلوب التخطيط للسفر، فلن يحتاج المسافر لاستخدام عشرات التطبيقات أو المنصات الرقمية للمقارنة بين عروض وخيارات السفر، بل يكفي أن يخبر وكيل الذكاء الاصطناعي برغبته في السفر إلى وجهة معينة في فترة محددة، ليحجز الوكيل الرحلات ويختار الفندق الأمثل، ويقترح الأنشطة والمطاعم التي تناسب الذوق والميزانية، ويتابع كل التفاصيل الدقيقة حتى نهاية الرحلة.
لا يقتصر دور هذه التقنية الصاعدة على تقديم المعلومات فحسب، بل يمتد إلى اتخاذ قرارات مؤثرة بناءً على سجل المستخدم، ويوازن بين عوامل الراحة والتكلفة والوقت.
مكاسب للشركات
وقد باتت الفنادق وشركات الطيران تعتبر وكيل الذكاء الاصطناعي ضرورة وليس رفاهية، وتشير دراسة ماكينزي إلى أن استخدام الوكيل يساهم في خفض التكاليف التشغيلية ورفع كفاءة الخدمات، فهو يعالج بشكل تلقائي المهام المتكررة مثل إعادة الحجز، والردود الآلية على العملاء، وتسعير الرحلات في الزمن الحقيقي.
في قطاع الضيافة، يستطيع هذا النظام الذكي توزيع الغرف استنادًا إلى تفضيلات الضيوف وتوقع المشكلات قبل حدوثها.
مذهل..
كتجربة.. فعلاً ينجز لك أشياء بدون أن تخرج من التطبيق وكأنه سكرتيرك!
أعطيته هذا الأمر:
“احجز لي تذكرة ذهاب من الرياض إلى باريس يوم 5 مارس، ثم احجز لي رحلة قطار بعدها بيوم من باريس إلى جنيف.”
العجيب، راح يفتح موقع حجوزات ويصور لي الشاشة وهو جالس يحجز لي، ويرجع يسألني أسئلة…
أما شركات الطيران، فتستفيد من الوكيل في ضبط الأسعار وتطوير العروض بناءً على الطلب اليومي، كذلك بمقدور وكالات السفر إدارة آلاف الطلبات في وقت واحد دون أخطاء، وتقدم توصيات دقيقة تعزز ولاء العملاء وتقلل تكاليف التسويق.
تحديات التطبيق
لكن رغم الفوائد الهائلة لهذه القفزة التكنولوجية، فإن الشركات تواجه عدة تحديات، من أبرزها تفرق البيانات عبر منصات رقمية وشركات كثيرة. وهذا التشتت يصعب مهمة توحيد المعلومات والاستفادة منها بفعالية.
وهناك أيضًا تحديات تتعلق بثقة المسافرين، إذ لا يزال البعض مترددًا في تسليم قراراته لأنظمة ذكية، خاصة عند اتخاذ قرارات شخصية أو مكلفة.
ومن التحديات أيضًا أن الثقافة المؤسسية لكثير من الشركات ترى في الذكاء الاصطناعي ككل أداة مساعدة فقط، وليس عنصرًا أساسيًا في نموذج العمل المتبع في تلك الشركات، إضافة إلى وجود نقص في الكفاءات التقنية القادرة على تطوير ودمج وكيل الذكاء الاصطناعي في البنية القديمة لبعض الشركات.
خطوات التبني
توصي شركة ماكينزي الأمريكية بخمس خطوات رئيسية لتبني وكيل الذكاء الاصطناعي بنجاح وهي:
بناء بنية سحابية متطورة ومعالجة البيانات القديمة.
وضع استراتيجية رقمية موحدة تربط الأقسام التشغيلية والتسويقية.
تدريب الموظفين على التعامل مع الذكاء الاصطناعي كزميل عمل.
تجربة النماذج داخليًا لوكيل الذكاء الاصطناعي قبل إتاحتها للعملاء.
إعادة تصميم عمليات الشركة لتتلاءم مع الذكاء الجديد بدل حشر تلك العمليات في أنظمة قديمة.
الوكيل التقليدي
رغم الحماس العالمي لهذا التحول، فإن بعض القلق يسود في المنطقة العربية، خاصة منطقة الخليج، حيث أشار تقرير لمنصة “كونكتينغ ترافل” صدر في سبتمبر/أيلول الماضي، إلى أن 55% من وكلاء السفر التقليديين في دول مجلس التعاون الخليجي يخشون على وظائفهم من الذكاء الاصطناعي، رغم أن أصحاب الخبرة منهم يرون في هذه التقنية فرصة للتطوير وليس تهديدًا.
ويرى الخبراء أن التحدي الأساسي يكمن في تعزيز الخبرة البشرية بالذكاء الاصطناعي وليس استبدالها.
في حقيقة الأمر، فإن صناعة السفر في المنطقة العربية تعتمد على العلاقات الشخصية والثقة المباشرة بدرجة أكبر مما هو موجود في الأسواق الغربية، ما يجعل تبني آخر صيحات الذكاء الاصطناعي خطوة بحاجة لتدرج وتوعية مستمرة.
مستقبل السفر
ويبقى في النهاية أن نؤكد أن الذكاء الوكيل لن يستبدل العنصر البشري، بل سيمنحه مساحة أوسع للعيش والاستمتاع بالتجربة.
فبدلاً من الانشغال بتفاصيل الحجز والتنقل، يستطيع المسافر التركيز على الاستكشاف والتواصل والاستمتاع.
التغيير الأكبر لن يكون في “لماذا نسافر؟”، بل في “كيف نسافر؟”، فالرحلات ستصبح أكثر سلاسة، والخدمات أكثر تخصيصًا لاحتياجات المسافرين، واختيارات هؤلاء أكثر وعيًا.
وكما قلبت تطبيقات الحجز الإلكتروني معايير السفر رأسًا على عقب خلال العقد الماضي، يبدو أن العقد القادم سيكون عصر وكيل الذكاء الاصطناعي، الذي سيرافق المسافر ويرسم له الطريق، ليترك له مساحة أكبر للاستمتاع بكل لحظة في رحلته.تاريخيًا، شهدت صناعة السفر تغييرات جذرية مع تقدم التكنولوجيا، بدءًا من حجز الرحلات عبر الهاتف إلى استخدام الإنترنت. في العقدين الماضيين، أدت التطبيقات الرقمية إلى تغيير كيفية تخطيط السفر، مما أتاح للمسافرين الوصول إلى معلومات أكثر تنوعًا وسهولة. ومع ظهور الذكاء الاصطناعي، بدأت الشركات في استكشاف كيفية دمج هذه التقنية لتحسين تجربة العملاء. وكيل الذكاء الاصطناعي يمثل الجيل التالي من هذه التطورات، حيث يعد بتقديم خدمات أكثر تخصيصًا وفعالية. تعتبر هذه التقنية جزءًا من تحول أوسع في كيفية تفاعل البشر مع التكنولوجيا، مما يعكس الاتجاه نحو الاعتماد على الأنظمة الذكية في مختلف جوانب الحياة اليومية، بما في ذلك السفر.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس





