أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. استخدمت روسيا، كما كان متوقعًا، حق النقض (الفيتو) لإسقاط مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية في السودان.
مشروع القرار الذي أيده 14 عضوا في مجلس الأمن لم يعارضه سوى المندوب الروسي، استقطب انتقادات شديدة من مندوبي الولايات المتحدة وبريطانيا. لكن وزارة الخارجية السودانية رحبت بالفيتو الروسي وقالت إنّ “حكومة السودان ترحّب باستخدام روسيا الاتحادية حق النقض، وتشيد بالموقف الروسي الذي جاء تعبيرا عن الالتزام بمبادئ العدالة واحترام سيادة الدول والقانون الدولي ودعم استقلال ووحدة السودان ومؤسساته الوطنية”.
مشروع القرار تم إعداده من قبل بريطانيا وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا. وخلال إلقاء وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، كلمته، ظهر نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، ديميتري بوليانسكي، منشغلاً بتفحص هاتفه. لاحقًا، قال بوليانسكي: “لا ينبغي أن يفرض المجلس هذا الاتفاق بطريقة مشبعة بنكهة استعمارية”. من جهته، وصف وزير الخارجية البريطاني الفيتو الروسي بأنه “عار”.
خطوة روسيا لاقت استحسانًا بين بعض السودانيين، لا سيما أنصار الجيش، الذين اعتبروا أن روسيا تدعم السودان دبلوماسيًا وعسكريًا. في المقابل، قوبلت هذه الخطوة برفض من بعض القوى السياسية التي ترى أن الفيتو يعطل جهود السلام في السودان.
نقلة نوعية
قال القيادي السابق بحركة “حق”، مجدي عبدالقيوم كنب، في تصريح لـ “أفريقيا برس”، إن استخدام روسيا للفيتو يشير إلى تطور في علاقاتها مع السودان، وهو أمر بالغ الأهمية.
وأضاف كنب أن السودان ظل يدور في فلك الحلف الغربي منذ سبعينيات القرن الماضي، وهو حلف لم يجلب للسودان سوى الأزمات وإشعال الحروب. وأوضح أن استخدام روسيا للفيتو يمثل نقلة نوعية في المشهد السياسي، حيث أن الدول الكبرى لا تلجأ إلى الفيتو إلا في القضايا ذات الطبيعة المتشابكة، معتبرًا أن الحرب الحالية هي حرب استعمارية بامتياز. وأشار إلى أن الخطاب المصاحب لها، الذي يتمحور حول التحول المدني الديمقراطي وسيطرة الإسلاميين، ليس سوى قناع يخفي الأسباب الحقيقية للحرب، والتي تتعلق بشكل أساسي بنهب الموارد الضخمة التي تزخر بها البلاد عبر وكلاء إقليميين.
وأكد كنب أن الموقف الروسي سيؤثر بشكل كبير على المشهد العسكري، موضحًا أن روسيا لا تستخدم الفيتو إلا في إطار علاقة مع حلفاء حقيقيين. وأضاف أن هذه الخطوة تمثل مؤشرًا على نمو مضطرد في العلاقات بين البلدين.
وأشار إلى أن الفيتو الروسي سيساهم في تعزيز قدرة السودان على مواجهة الحرب، مما سيؤدي إلى تعديل ميزان القوى في الميدان العسكري لصالح الجيش.
ازدواجيه المعايير
صرّح الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر السوداني، نور الدين بابكر، أن استخدام روسيا للفيتو في مجلس الأمن يهدف إلى تعطيل قرارات كان يمكن أن تسهم في إنقاذ أرواح الأبرياء وحماية المدنيين. وأكد في تصريح لـ “أفريقيا برس” أن هذا القرار يتجاهل تمامًا المأساة الإنسانية التي يعيشها السودانيون والسودانيات في ظل كارثة إنسانية متفاقمة.
وأضاف نور الدين أن الأولوية يجب أن تكون للإنسانية وليس للمصالح السياسية، متسائلًا: “متى سيتوقف هذا الاستهتار بمعاناة الشعوب؟ ومتى سيعاد النظر في ازدواجية المعايير؟”
دفاع روسي
صرّح رئيس حزب بناة المستقبل، فتح الرحمن فضيل، أن استخدام روسيا للفيتو سيكون موقفًا ضد الميليشيات وضد المصالح الأوروبية في أفريقيا.
وأضاف في تصريح لـ “أفريقيا برس” أن استخدام الفيتو يشير بوضوح إلى أن روسيا مستعدة للدفاع عن السودان مهما كانت التكاليف، مشددًا على أن استخدام حق الفيتو ليس أمرًا سهلاً بل يعكس التزامًا استراتيجيًا من قبل موسكو.
إجهاض المشروع الاماراتي
صرّحت رئيسة قسم العلوم السياسية بجامعة الزعيم الأزهري، سهير أحمد صلاح، في حديثها لـ”أفريقيا برس”، أن الفيتو الروسي يكشف بشكل واضح توجه الحكومة السودانية نحو محور الشرق.
وأكدت أن العلاقات المبنية على الثقة المتبادلة بين الأطراف تحقق أكبر قدر من الفوائد للطرفين. كما أوضحت سهير أن الفيتو الروسي يعكس رفضًا واضحًا لإملاءات مشروع الإمارات ومن يقف خلفها، مشيرة إلى ارتباط هذه التحركات بما يُعرف بـ”صفقة القرن”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس