أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. معطيات في الميدان تدلل على دعم داخلي تتلقاه قوات الدعم السريع من قوى سياسية أبرزها القوة المدنية الديمقراطية “تقدم”، ولعل ذلك يتمثل في عدم إدانتها لجرائم الدعم السريع في كثير من الانتهاكات، فضلا على أن “تقدم” دائما ما تدافع عن الدعم السريع في المنابر الإعلامية، كما ترى تقدم أن الدعم السريع تدافع عن أهل الهامش وتريد جلب الديمقراطية للسودانيين، ولكن هذا في نظر كثيرين غير صحيح والغرض منه عودة “تقدم” للسلطة عبر هذه الحرب التي أشعلوها حسب خبراء.. مناصرة “تقدم” للدعم السريع، والدفاع المستميت عن هذه القوات، أفرز تساؤلا مهما فحواه؛ لماذا تساند “تقدم” قوات الدعم السريع؟
علاقة عضوية
المحلل السياسي مجدي عبدالقيوم “كنب” قال لموقع “أفريقيا برس” إن “تقدم أو بالأدق اللوبي المسيطر على مركز صنع القرار في تقدم _ وهي نفس الشخصيات التي كانت تختطف القرار في قحت سابقا لدرجة أن الخيال الشعبي اطلق عليها أربعة طويلة _ هذه المجموعة مرتبطة بتحالف مع دولة الامارات منذ ما قبل الثورة وهي تسعى للحفاظ على مصالح الإمارات الاقتصادية في السودان وبالتالي العلاقة عضوية بينها ومليشيا الدعم السريع”.
وتابع “بالنظر إلى الدعم السريع فهو آلية تنفيذ للمشروع الدولي الذي تنفذه الإمارات برعاية أمريكا وهو في مجمله مشروع لنهب الموارد التي تذخر بها البلاد”.
ويقول عبدالقيوم “إن الإمارات تسعى لتشكيل حكومة موالية لها لضمان تحقيق تلك المصالح بعد أن فشلت في تحقيقها عبر حكومتي الانتقالية في ما قبل الحرب”.
ويرى عبدالقيوم “أن الإمارات قدمت عرضا لميناء ابو عمامة على ساحل البحر الأحمر”، منوها إلى أنها “حاولت بشتى الطرق الاستحواذ عليه وفشلت، وكذلك حاولت السيطرة على مشروع وادي الهواد الذي تبلغ مساحته أكثر من أربعة مليون فدان”، مضيفا “كذلك استحوذت الامارات على مشروع الطريق القاري، بورتسودان- أدري في تشاد- وكذلك أراضي الفشقة وبالتالي لابد لدولة الإمارات من حليف في السلطة السياسية كي تمرر تلك المشاريع أو يصادق على تلك الاتفاقيات”، وتابع “عندما فشلت الإمارات أو بالأدق أمريكا في تمرير تلك الاتفاقيات بالحسنة ولجأت إلى القوة فدعمت انقلاب 25 أكتوبر والذي هو انقلاب مجتمع دولي”.
وفي تقدير عبدالقيوم فإن “الانقلاب خططت له أمريكا وساعدت في تنفيذه الإمارات ومصر”. مؤكدا “أقول إن انقلاب البرهان انقلاب مجتمع دولي لأن أي سياسي مبتدئ يدرك أن أي انقلاب لابد له من غطاء دولي وإقليمي ولا يمكن أن تعمل مصر والإمارات على تنفيذ انقلاب في السودان دون موافقة أمريكا، فمصر معلوم موقفها من التطور الديمقراطي في السودان ليس كما يروج البعض لخشيتها من انتقال عدوى الديمقراطية، فالنظام السياسي المصري بنى بيئته ويتحكم الموقع الجيوسياسي في تشكيله”، مستدركا “ولكن لأن الأنظمة العسكرية لا تمثل تهديدا لمصالح مصر في السودان على العكس من الأنظمة الديمقراطية التي يمكن تكون سياساتها الخارجية تقوم على الحياد والتوازن في العلاقات ويمكن التدليل على ذلك بالخلاف حول اتفاقية مياه النيل بين دول حوض النيل”.
ويقول عبدالقيوم “في إطار الصراع الدولي حول الموارد والممرات المائية، تريد أمريكا السيطرة على الموارد الضخمة والمتنوعة التي تذخر بها بلادنا وهي السبب الأساسي لهذه الحرب اللعينة التي دمرت البلاد وجعلت المواطن السوداني يبحث عن الملاذات الآمنة وبالتالي لابد لها من وكلاء إقليميين ومحليين والوكيل الإقليمي الحصري هو الإمارات”، فهي بحسب عبدالقيوم “مجرد دولة وظيفية لا أكثر، وبالنسبة لامريكا هي مجرد مركز لراس المال العالمي الذي يصب في النهاية في الخزانة الأمريكية ومن الممكن القول أنها مجرد مول كبير يستقطب رأس المال ثم يورد عوائده في الفدرالي الامريكي”.
وفقا للمعطيات أعلاه وبحسب عبدالقيوم “كان لابد للامارات من وكلاء محليين مدنيين وعسكريين لذلك رمت بثقلها خلف تحالف قوى تقدم بعد أن تم إبعاد كل القوى الثورية الحقيقية من صفوفه بل حتى الأحزاب الحقيقية التي تمتلك عمقا جماهيريا وتأثيرا في صناعة المشهد السياسي”، وربما هذا بحسب مجدي “الانقسام داخل حزب الأمة بين المجموعات التي ترتبط بالامارات وقاعدة الحزب التي تري أن حزب الامة حزب تاريخي وذو ثقل سياسي وجماهيرى وتاريخ ثري ولا ينبغي أن يبرهن كل ذلك لتحالف مصنوع من أحزاب ليس فقط لا وزن سياسي لها بل ولا منطلقات نظرية لممارسة السياسة، وكذلك نفس الحال ينطبق على الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي يتنازعه تيار مرتبط بتقدم وبالتالي عبر الإمارات وتيار وطني يمثل العمق الحقيقي للاتحادي كحزب ذو ثقل وتاريخ”.
ويرى عبدالقيوم “أن العلاقة العضوية بين الدعم السريع وتحالف تقدم مفهومة في السياق الذي ذكر أعلاه”، مؤكدا أن “هذه العلاقة أفقدت تحالف تقدم ثقة الجماهير وضرب حوله طوقا من العزلة، كان حزب الأمة الخاسر الأكبر من هذا الوضع فهو حزب اعتاد على صناديق الاقتراع ويحسب ألف حساب لها على بقية تنظيمات تقدم وهي مجرد لافتات في بازار سياسي ينتهي دورها بنهاية المزاد سيما التي صنعت في معامل أجهزة المخابرات دون الارتكاز على مشروع سياسي وعمق اجتماعي وهذا هو السبب الذي يجعل ما اصطلح علي تسميته بلوبي المركزي مصرّ على احتكار المشهد السياسي أو عصابة الأربعة، مع أنها في الحقيقة ثلاثة ورابعها جسم هلامي وهي كلها تنظيمات منزوعة الدسم تقف خلفها جهات خارجية وتديرها أصابع خفية في مسرح تحريك الدمى”.
علاقة مرفوضة
في السياق ذاته، يكشف مستشار رئيس الوزراء الأسبق أمجد فريد أسباب العلاقة بين “تقدم” والدعم السريع، إذ يقول لموقع “أفريقيا برس”؛ “إن تقدم تسعى لضمان وجود المليشيا كرافعة لصعودها للسلطة بعد انتهاء الحرب، في ظل تحالف المنبوذين شعبياً الذي يجمعهما مع الامارات التي تسعى لضمان وجود المليشيا لتنفيذ خططها ومطامعها الاقتصادية في موارد السودان”.
وقال فريد “إن تقدم تحاول ابتزاز السودانيين بالحرب والدمار، الذي تنزله مليشيا الدعم السريع على السودانيين في كل مكان تصل اليه -وآخرها ما حدث في سنجة بالأمس وما استمر يحدث في الجزيرة والخرطوم ودارفور- من اجل تحقيق اغراضهم هذه”.
وتابع “ابتزاز السودانيين بالحرب من تقدم والتي تبرر لحرب مليشيا بأنها محاولة تربطها بمظالم الهامش وبانكار وتبرير جرائمها وحتى باختلاق الأكاذيب عن الانتهاكات وباتفاقات الترويج السياسي والمشاركة في تكوين الإدارات المدنية، كلها من أجل مشاركتهم في السلطة”، مضيفا “حتى تقدم أصبحت تدافع إعلاميا عن مجريات الحرب وذلك عندما قال إن بكري الجاك الناطق باسم تقدم روج لكذبة سقوط سلاح المهندسين في يد المليشيا”.
ويرى فريد “أن تقدم وفّرت الدعم السياسي والدبلوماسي للدعم السريع”، وأضاف “كذلك الإمارات لم تقتصر شيئا في دعمها للمليشيا بالسلاح والعتاد وشارك الاثنان باجتهاد منقطع النظير في إعلام التدليس والتضليل لصالح المليشيا. مؤكدا أن دعم تقدم للدعم السريع مرفوض، وسيقف الشعب السوداني ضده وسيهزمه، طال الزمن ام قصر كما هزم كل الطغاة الذين مروا عليه في تاريخه”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس