أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. أثار اتهام قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان حميدتي، للحكومة المصرية بمشاركتها في الحرب وانحيازها للجيش السوداني، العديد من التساؤلات، أبرزها: لماذا وجّه حميدتي هذا الاتهام لمصر؟ وهل حقًا شاركت مصر في الحرب وانحازت للجيش السوداني؟
تُعتبر هذه الاتهامات خطوة ذات دلالات سياسية مهمة، إذ يرى البعض أن حميدتي يسعى من خلال هذه التصريحات إلى تبرير تراجع قواته أمام الجيش السوداني وتصعيد الضغط الدولي والإقليمي. بينما يعتقد آخرون أن اتهام مصر قد يكون جزءًا من استراتيجيته لتشتيت الانتباه عن التحركات العسكرية الفعلية والتغيرات على الأرض.
ماذا قال حميدتي؟
صرح قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان حميدتي، أن قواته تعرضت للهزيمة في جبل مويا بسبب هجوم “قاهر” مدعوم بطيران مصري من طراز سوخوي 29. وأضاف قائلاً إن مصر قصفت قواته أيضًا في منطقة كرري، مشيرًا إلى أن القاهرة تجاوزت في تدخلها وضربها لقوات الدعم السريع، متهمًا إياها بالانحياز المباشر إلى الجيش السوداني والمشاركة بشكل فعلي في المعارك.
موقف مصر
تعتبر مصر السودان جزءًا من عمقها الأمني الجنوبي، خاصة فيما يتعلق بالأمن المائي. لذلك، كان موقفها من الفصائل المسلحة واضحًا منذ البداية، بما في ذلك قوات الدعم السريع، حيث كانت ترى أن الجيش السوداني هو المؤسسة الرسمية العريقة التي تتمتع بالاحترافية، وأنه لا ينبغي إدماج أي مليشيات مسلحة داخله.
الموقف الرسمي المصري المُعلن دائمًا كان هو الوقوف إلى جانب سيادة السودان ووحدة أراضيه، مع التركيز على دعم استقرار البلاد والحفاظ على مؤسساتها الوطنية. مصر تسعى لضمان الحفاظ على هذا الاستقرار باعتباره عنصرًا أساسيًا للأمن الإقليمي، بما في ذلك أمنها المائي، الذي يشكل السودان جزءًا حيويًا منه.
رسالة سياسية
يرى المحلل السياسي مجدي عبدالقيوم “كنب” أن “اتهام حميدتي لمصر لا يعدو كونه رسالة سياسية تخدم أهدافًا تكتيكية لقوات الدعم السريع. حميدتي يستخدم هذه الرسائل لتوجيه رسائل معينة إلى الأطراف المعنية بالملف السوداني”.
وأضاف كنب أن “حميدتي وجه العديد من الرسائل في خطابه الأخير، حيث لم تترك تصريحاته أي جهة تتدخل في الشأن السوداني دون أن يوجه لها رسالة، باستثناء حليفه الأساسي، دولة الإمارات. وهذا يشير إلى أن حميدتي يحاول رسم خريطة سياسية جديدة في ظل الصراع، لتأمين موقعه وتعزيز تحالفاته”.
ويرى المحلل السياسي مجدي عبدالقيوم “كنب” في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أن “اتهام حميدتي لمصر بقصف قواته بالطيران في جبل موية كان محاولة لامتصاص صدمة الهزيمة التي تعرض لها، دون الاعتراف بأنه تلقى الهزيمة من الجيش السوداني”. وأوضح أن “حميدتي ظل يؤكد قدرته على هزيمة الجيش السوداني، ولكن في الواقع، كانت قواته تحت رحمة الجيش، تتلقى الهزيمة تلو الأخرى، مما أفقده التوازن”.
وأضاف كنب أن “حميدتي كان بحاجة إلى تبرير لهذه الهزائم، ولذلك جاء اتهامه لمصر في هذا السياق، ليصرف الانتباه عن ضعف قواته أمام الجيش السوداني وليجد مبررًا لفشله في تحقيق الانتصارات التي طالما تباهى بها”.
هزيمة نكراء
من جهته، اعتبر المحلل السياسي الفاتح محجوب أن اتهام حميدتي للحكومة المصرية بقصف قواته في جبل موية هو محاولة لتوجيه اللوم إلى جهة خارجية بعد هزيمته النكراء في هذا الموقع. وأكد الفاتح أن هذه الهزيمة تشكل “كسر العظم” لقوات الدعم السريع، حيث أن جبل موية يعتبر موقعًا استراتيجيًا، وفقدانه يجعل من الصعب على حميدتي الدفاع عن مواقع قواته في سنجة والسوكي والدندر.
وأضاف أن هذه الهزيمة تزيد من فرص الجيش السوداني في استعادة هذه المناطق، بما في ذلك ولاية الجزيرة بالكامل، ما يعزز موقف الجيش في الميدان ويضعف موقف قوات الدعم السريع بشكل كبير.
وأضاف الفاتح، في حديثه لموقع “أفريقيا برس”، أن الحكومة المصرية تحاول دائمًا عدم التدخل في الشؤون السودانية بشكل رسمي ومباشر. ومع ذلك، أشار إلى أن مصر تقدم دعمًا ملموسًا للشعب السوداني إلى جانب دعم سياسي للحكومة السودانية، ما ساهم في إفشال محاولات إثيوبيا لعزل الحكومة السودانية وجعلها غير معترف بها دوليًا.
جهل سياسي
وفي رده على سؤال “أفريقيا برس” بشأن اتهام حميدتي بمشاركة مصر في الحرب والوقوف مع الجيش السوداني، قال المحلل السياسي حسن عبدالحميد إن حميدتي يعبر عن موقف الكفيل الإقليمي ويسعى لتحقيق هدفين في رأيه. الأول هو تبرئة الكفيل الإقليمي من المشاركة في الحرب، والثاني هو تبرير الموقف في حال ثبت تورط الكفيل الإقليمي بأن مصر أيضًا تدعم الجيش السوداني.
وأضاف عبدالحميد أن هذه التصريحات تعكس غباء استراتيجيًا من حميدتي وجهلًا سياسيًا واضحًا، حيث فقد التوازن وأصبح يطلق تصريحات تضر بموقفه أكثر مما تفيده.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس