أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. انطلقت في العاصمة السويسرية جنيف محادثات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حول وقف إطلاق النار، برعاية الإدارة الأمريكية، غير أن وفد الجيش السوداني لم يصل إلى جنيف، مبررا بأن الإدارة الأمريكية لم تلزم قوات الدعم السريع بالخروج من المنازل، كما إنها أصرت على مشاركة الإمارات في التفاوض، وهو الأمر الذي الذي يستنكره الجيش السوداني باعتبار أن الإمارات أشعلت الحرب وتساند قوات الدعم السريع.
عدم مشاركة الجيش السوداني في مفاوضات جنيف أفرز تساؤلات عديدة.. أهمها؛ ماذا يترتب على عدم المشاركة؟ وكيف تتعامل الإدارة الأمريكية مع الحكومة السودانية؟ وما تأثير عدم المشاركة على مجريات الحرب؟
موقف الحكومة السودانية
وكانت الحكومة السودانية أعلنت مجددا تمسكها بضرورة تنفيذ اتفاق جدة الموقع مع الدعم السريع في 11 مايو 2023.
وقالت في بيان إن الوفد الأميركي في مفاوضات جدة، لم يقدم مبرراً لإنشاء منبر جديد، إثر الدعوة المقدمة من الولايات المتحدة للتفاوض في جنيف بالرابع عشر من أغسطس الجاري.
انتهت الأحد اجتماعات في جدة بين وفد من الحكومة السودانية والمبعوث الأميركي الخاص الى السودان توم بيريلو دون التوصل لتفاهمات بشأن أجندة التفاوض والمراقبين.
وإستنادا الى اللقاء التشاوري في جدة قالت الحكومة في بيانها إنها لاحظت عدم التزام الوفد الاميركي “بدفع المليشيات المتمردة للالتزام بتنفيذ إعلان جدة الذي يتضمن الالتزام بحماية المدنيين في السودان ويستند على القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان”.
وأشارت الى إصرار الوفد الأميركي على مشاركة دولة الإمارات العربية كمراقب في اللقاء. وأضاف بيان الحكومة “لم يقدم الوفد الأميركي ما يبرر إنشاء منبر جديد”، كما انه اعتمد على معلومات غير صحيحة في تقييم الموقف في السودان.
وتحدث عن أن الحكومة السودانية تعبر عن تطلعات وآمال الشعب السوداني الذي يتعرض لكافة أشكال العنف والانتهاكات الجسيمة وفقد على إثرها منجزاته وممتلكاته المادية والمعنوية والحضارية بواسطة المليشيات المتمردة.
وأكدت حكومة السودان تمسكها بتنفيذ إعلان جدة الموقع في 11 مايو 2023، ورفض وجود أي مراقبين أو مسهلين جدد، ومع ذلك لم يتحدث البيان عن موقف واضح بشأن المشاركة في محادثات جنيف من عدمها.
عواقب الرفض
يقول رئيس تجمع شباب السودان أيوب محمد عباس إن رفض الجيش للسلام سيضر به، منبها إلى أنه حتى الدول التي تساند الجيش سوف تتخلى عنه على اعتبار أنه يرفض السلام الذي يتفق معه كل العالم ويطالب به، ودعا أيوب الجيش للذهاب إلى جنيف والتفاوض وفق شروط الشعب.
وقال أيوب لموقع “أفريقيا برس” إن “هناك مخاطر داخلية وخارجية تحدق بالوطن في حال إستمرار الحرب وأن انتشارها سوف يهدد كيان الدولة”. في وقت لم يستبعد ايوب أن تتمدد الحرب حتى تصل إلى بورتسودان في حال لم يحدث سلام.
وحذر أيوب من عدم مشاركة الجيش في محادثات جدة، مؤكدا إن هذه الحرب سوف تدمر البلاد، وأردف “إذا لم نكن على وعي وحكمة سنبكي على الوطن ونقول كان هناك بلد إسمه السودان”.
وأضاف “بعد مرور أكثر من عام أتضح ما لا يدع مجالا للشك أن حرب السودان لم تحسم عسكريا بل سوف تحسم عن طريق التفاوض”، مستدركا “ولكن يجب التفاوض بقوة وعزة، وأن تخرج مليشيات الدعم السريع الإرهابية من منازل المواطنين والأعيان المدنية وأن تحترم سيادة ووحدة السودان”.
ويرى أيوب أن خطوة رفض السلام ستستغلها الدعم السريع لصالحها لتظهر بمظهر الحريص على الشعب وأن الجيش هو رافض ومتنعت. وتابع “السياسة فن الممكن لكن (ركوب الراس) والوهم والعنتريات التي لم تقتل ذبابة حتما ستقود السودان إلى الضياع والانهيار والتقسيم”.
موقف أمريكي متوقع
فيما يتوقع المحلل السياسي عبدالباقي عبدالمنعم في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أن تضغط الولايات المتحدة على الجيش السوداني، حيث يقول “سوف تستخدم العقوبات تارة والتلويح بكرت البند السابع تارة أخرى”، منبها إلى أنها ستصوت في مجلس الأمن بضرورة إدخال قوات أجنبية في السودان تحت ذريعة حماية المدنيين”.
وأردف “على الحكومة السودانية أن لا ترضخ للضغوط الأمريكية وأن تمضي قدما في دحر المليشيات والمرتزقة”، داعيا في ذات الوقت قوات الدعم السريع للخروج من المنازل وذلك استجابة لنداء المواطن السوداني الذي نزح وشرد.
رفض دبلوماسي
أما المحلل السياسي الفاتح محجوب، يقول لموقع “أفريقيا برس” إن “رفض الحكومة السودانية الذهاب إلى مفاوضات جنيف وفق الشروط الامريكية يعتبر رفضا دبلوماسيا مقبولا لأن الحكومة السودانية قدمت مبرراتها المنطقية” والتي بحسب الفاتح لن تستطيع الحكومة الأمريكية تجاوزها وذلك باتهام السودان إنه رفض التفاوض لأن الحكومة السودانية أصرت على تنفيذ اتفاقية جدة ورفض مشاركة من يمول تمرد الدعم السريع اي دولة الإمارات بصفة مراقب “دولتين”، منوها إلى أنها حجج منطقية وقوية والرفض الحكومي مشروع.
ويرى الفاتح أن الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، أي الصين وروسيا سيقفان في وجه أمريكا، وذلك في حال أي تصويت امريكي ضد الجيش السوداني.
وتوقع الفاتح أن تشتد الحرب في الأيام القليلة القادمة خاصة وأن الجيش بدأ حرب استعادة المدن بامدرمان التي يشن فيها حربا واسعة لطرد ما تبقى من قوات الدعم السريع فيها.
ويرى الفاتح أن دارفور قد تكون المحطة التالية للجيش السوداني بعد تحطم هجمات الدعم السريع على مدينة الفاشر.
ويقول الفاتح إن “أمريكا تسعى لحل وسطي يرضي الحكومة السودانية بدلا عن التصعيد ضدها لأن الظرف السياسي في الشرق الأوسط والعالم لا يشجع أمريكا على التصعيد”.
وتوصل الفاتح إلى أن “الحرب في السودان قد أوشكت على نهايتها سلما او حربا وقد لا تتجاوز منتصف الشهر المقبل على أية حال”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس