ما سر صمود الفاشر أمام الدعم السريع؟

50
ما سر صمود الفاشر أمام الدعم السريع؟
ما سر صمود الفاشر أمام الدعم السريع؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. على الرغم من الهجوم الذي تشنه قوات الدعم السريع بشكل شبه يومي على مدينة “الفاشر” عاصمة شمال دارفور، إلا أن قيادة الجيش في الفاشر والقوة المشتركة لحركة الكفاح المسلح بقيت صامدة ومتماسكة أمام مدافع قوات الدعم السريع.. كيف صمدت الفاشر؟

وتحاول قوات الدعم السريع السيطرة على مدينة الفاشر منذ شهور عديدة حيث تشن هجوماً من كل المحاور على المدينة، غير أنها تجد بسالة من قوات الجيش والقوات المشتركة لحركات الكفاح المسلح والمقاومة الشعبية والتي كبدت الدعم السريع خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، ولعلّ المعركة الأخيرة تلقت فيها قوات الدعم السريع ضربة موجعة حيث قتل عدد كبير من قياداتها.

وكانت قوات الدعم السريع سيطرت على كافة إقليم دارفور عدا مدينة الفاشر، وهو الأمر الذي جعل قوات الدعم السريع تصر على دخول المدينة بهدف السيطرة على الإقليم كاملا وتحقيق حكم ذاتي أو المساومة على الانفصال، وفقاً لمراقبين.

رسالة صامتة

ويرى خبير الحوكمة عبدالله الطيب علي الياس أن “صمود مدينة الفاشر في وجه هجمات مليشيات أولاد دقلو الإرهابية يرجع للعديد من الأسباب والعوامل، أهمها الخطة الاستراتيجية التي لجأ إليها الجيش السوداني مكرها، حيث قام بسحب قواته من عواصم ولايات دارفور الأربعة الأخرى وهي على التوالي مدينة الجنية عاصمة ولاية غرب دار فور، ومدينة زالنجي عاصمة ولاية وسط دار فور، ومدينة الضغين عاصمة ولاية شرق دار فور، وأخيرا مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، وذلك بسبب قلة مخزون الذخائر التي كانت لدى الجيش في تلك الولايات، فجمع الجيش قواته وذخائره في مدينة الفاشر العاصمة التاريخية لإقليم دارفور”.

وتابع “كذلك هنالك عامل ثاني؛ هي الرسالة الصامتة القوية التي أرسلها الجيش لحركات دارفور التي وقعت مع الحكومة إتفاقية جوبا والتي منحتهم حكم دارفور وإشراكهم في الحكومة المركزية”، مع هذا يقول الياس “كانت حركات دار فور تحتفظ بقواتها العسكرية وتقف في الحياد من الحرب بين الجيش والمليشيات المتمردة فكان مفاد رسالة الجيش لها أنه لن يقاتل منفردا لحماية دارفور التي تحكمها الحركات وقد نفذ ذلك عمليا بالانسحاب تكتيكيا من كل عواصم ولايات دارفور الأخرى عدا الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور مما دفع بالحركات المسلحة بالخروج من الحياد والانصمام للجيش لقتال المليشيات المتمردة”.

ويذهب الياس إلى أن “هنالك عوامل أخرى أدت إلى صمود الفاشر وهي جرائم الحرب المروعة التي ارتكبتها مليشيات الدعم السريع في حق المدنيين في مدن دارفور”.

وأضاف “كان دافع قوي لإلتفاف جميع أبناء دارفور بكل قبائلهم وسحناتهم وأعراقهم حول الجيش السوداني والقوة المشتركة التي كونتها الحركات المسلحة لقتال المليشيات تحت قيادة الجيش السوداني”، منبها إلى أنه “كانت هذه العوامل الثلاثة الجوهرية في صمود مدينة الفاشر أمام هجمات مليشيات الدعم السريع والتي فقدت أغلب كبار قادتها في معارك الخرطوم مدني وسنار، وأكملت مدينة الفاشر المهمة وأهلكت قادة كبار، مثل القائد علي يعقوب الذي يعد نفسه الرجل الثالث في الحركة ويعده الآخرون الرجل الرابع بعد حميدتي وأخيه عبد الرحيم والقائد عثمان عمليات”.

موقف واضح

الرائد أحمد حسين مصطفى الناطق الرسمي باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، قال لموقع “أفريقيا برس”؛ “بعد إندلاع حرب 15/أبريل، أعلنت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح موقفا واضحا وصريحا وهو الحياد من هذه الحرب، وهو حياد كان مشروطا، وذلك بعدم تعرض المواطنين وممتلكاتهم لأي خطر”، مستدركا “لكن بعد مرور قصير إتضح لنا بأن شعارات مليشيات الدعم السريع التي رفعتها ليست لها علاقة بأفعالها وخاصة بعد الهجوم على مدن دارفور؛ إرتكبت المليشيات جرائم خطيرة مثل الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ودفن الناس أحياء كما حدث بمدينة الجنينة وأيضا إغتصاب وإسترقاق الفتيات السودانيات في كل المدن السودانية التي دخلتها المليشيات”.

وتابع “مدينة الفاشر تاريخيا معروفة بصمودها وتضحياتها الجسام ومن خلال أفعال المليشيات في المدن السودانية إتضح لأهل الفاشر بأن هذه الحرب ليست بين الجيش السوداني ومليشيات الجنجويد بل بين مليشيات الجنجويد والمواطن السوداني، لذلك وحدوا كلمتهم جميعا بأن هذه الحرب هي حرب وجود وبقاء، وبناء على ذلك إصطف الجميع سواء كان الجيش السوداني أو القوة المشتركة أو المقاومة الشعبية وكل أبطال وميارم الفاشر أمام المليشيات وأكدوا بأن الفاشر(أداب العاصي) سوف تكون مقبرة للجنجويد.

حرب وجود

بالنسبة للخبير العسكري ياسر أحمد الخزين، فإن معركة الفاشر “تمثل لحركات الكفاح المسلح أو بالأحرى للقبائل الزنجية، حربا وجودية، فإذا إنتصرت مليشيات الدعم السريع فإن هذا يعني ذلك نهاية وجود قبائل الحركات من أرض السودان”، وأضاف لموقع “أفريقيا برس”؛ “كذلك تمثل الفاشر رمزية لولايات دارفور إذ تسمى فاشر السلطان وسقوطها في أيدي المليشيات يعني بداية إعلان إنفصالها من السودان مثلها مثل المدرعات”.

وتوقع الخزين ما اسماه كتابة نهاية مليشيات الدعم السريع على أبواب مدينة الفاشر، والتي في نظره صمدت وتصدت لأكثر من سبعين موجة هجوم إنتهت جميعها بالخسران المبين حسب تعبيره.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here