ما مدى إمكانية تقسيم السودان؟

50
ما مدى إمكانية تقسيم السودان؟
ما مدى إمكانية تقسيم السودان؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. في الوقت الذي كان يأمل فيه السودانيون بأن تنجح مفاوضات جنيف وتجلب لهم السلام، هددت قوات الدعم السريع بإمكانية تشكيل حكومة في الخرطوم. وبين انهيار مفاوضات جنيف، وتهديد الدعم السريع بتشكيل حكومة، يبرز سؤال وسط المراقبين مفاده: هل سيتم تقسيم السودان؟

وقال مستشار قائد قوات الدعم السريع، الباشا طبيق، إن استمرار الجيش في رفض التفاوض قد يدفع قوات الدعم السريع إلى إعلان حكومة في الخرطوم، بهدف حماية المدنيين وتقويض شرعية البرهان. كما أكد طليق أن تعنت قادة الجيش ورفضهم للتفاوض قد يدفع قوات الدعم السريع إلى اتخاذ خطوات تصعيدية، تشمل إعلان حكومة في الخرطوم تقوم بفتح علاقات دبلوماسية مع دول أخرى، وشراء أسلحة متطورة، وإنشاء نظام مصرفي في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

ولم يكن تصريح طبيق بشأن تشكيل حكومة في مناطق سيطرتهم هو الأول من نوعه، حيث سبق أن لوحت قوات الدعم السريع بتشكيل حكومة في دارفور والجزيرة.

حلقة تآمر

يقول خبير الحوكمة عبدالله الطيب علي الياس لموقع “أفريقيا برس” إن “حرب السودان في أصلها حلقة من حلقات تنفيذ خطة المستشرق اليهودي برنارد لويس، المؤرخ البريطاني المختص في الدراسات الشرقية، والتي أقرها الكونغرس الأمريكي عام 1983، حيث اعتمد فيها تقسيم (18) دولة في العالم العربي من بينها السودان، وكانت أبرز ملامح نجاح خطته فيه هو انفصال جنوب السودان عن شماله عام 2011، وإشعال الحرب في دار فور عام 2003، وأخيرا تفجير حرب مليشيات أولاد دقلو الإرهابية عام 2023، والتي كانت من أهم مهامها تفكيك الجيش السوداني آخر العقبات في طريق تنفيذ خطة برنارد في السودان وتقسيمه إلى خمس دويلات صغيرة متنازعة تهدم كل ما بناه الرئيس المشير عمر البشير خلال ثلاثين سنة، والعودة بالسودان إلى العصور الوسطى”، مستدركا “لكن لله قول والامريكان قول، والقول ما قال الله تعالى”.

ويرى الطيب أن “مشروع التقسيم الأمريكي للسودان كان يمكن أن يتم بواحدة من عدة سناريوهات أفضلها على الإطلاق هو حل الجيش السوداني وترك البلد بيد المليشيات تفعل فيها ما تشاء كما حدث في العراق وسوريا واليمن”، وهذا بحسب الطيب ما فشلوا في تحقيقه بالرغم من الإعداد الجيد والدقيق له.

وتابع “بعد فشل مخطط المليشيات انتقلوا إلى السناريو الليبي والذي يقسم البلد إلى حكومتين، وكان الاعداد له يجري على قدم وساق في ولايات دارفور الخمس، على أن تكون عاصمته مدينة الفاشر، وهذا ما فشلوا أيضا في تنفيذه”.

وبحسب الطيب “لم يتبقى للولايات المتحدة الأمريكية غير التهديد بإقامة حكومة في الخرطوم ومساحة المليشيات تضيق كل يوم في جميع ولايات السودان المضطربة، وأمريكا تحمل المليشيات على إطلاق مثل هذه التهديدات بهدف جر الحكومة السودانية لمحادثات تريد ان تحقق من خلالها ثلاث أهداف إستراتيجية، أولا؛ قطع الطريق أمام تطور العلاقات السودانية الروسية، ثانيا؛ إخراج الإمارات من ورطة الشكوى السودانية في مجلس الأمن وغدا في المحاكم الدولية وهي شكوى مؤكدة النتائج، ثالثا؛ الإبقاء على بقايا مليشيات أولاد دقلو الإرهابية في المشهد السياسي والعسكري والاقتصادي في سودان ما بعد الحرب، وإفلات قادتها من المحاكمات على جرائمهم النكراء التي ارتكبوها في حق الشعب السوداني”.

ويقول الطيب “في حالة صمود الحكومة السودانية أمام الضغوط الأمريكية الهائلة في الفترة القليلة القادمة وعدم الذهاب لأي نوع من المحادثات قبل تنفيذ مقررات جدة وتسريع وتيرة العمليات الحربية، -وهذا ما هو متوقع- فإن سناريو تقسيم السودان لا يجد الحد الأدنى من مقومات نجاحه قياسا إلى تجربة فصل جنوب السودان عن شماله”.

ويرى الطيب أن “الحكومة السودانية الحالية قرأت الخارطة السياسية الدولية أفضل بكثير من الإدارة الأمريكية المتخبطة” والتي بحسب الطيب “تعرض في شفقة مخجلة عروضها على الحكومة السودانية في شكل وعود مغرية، وهي التي فرضت على السودان عقوبات اقتصادية عمرها أكثر من ثلاثين سنة في مقابل نتائج مؤكدة، ويريدون من الحكومة السودانية أن تترك النتائج المنتظرة المضمونة والتي سدد السودان فاتورتها دماء غالية مقابل وعود أمريكية كذوبة، وقد قال كسنجرهم من قبل “أن أمريكا لا تدفع ثمن ما حصلت عليه بلا مقابل” والادارات الأمريكية لم تفي من قبل بوعد قطعته للسودان”.

شرعية حميدتي

في الصدد، يرى المحلل السياسي محمد عبدالجبار في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أن “السودان لن يتشظى، وحميدتي لن يقدر على فصل جزء عزيز من السودان لجهة أن الرجل فقد شرعيته وأصبح غير مقبول في المجتمع”، مؤكدا أن “أي محاولة لتشكيل حكومة يعني عدم القبول بها من الشعب”، متسائلا “من الذي يرضى أن يكون تحت حكم الجنجويد؟ قبل أن يجيب قائلا؛ كل المناطق التي سيطر عليها الدعم السريع مواطن المنطقة هرب ونزح وترك منزله لقوات الدعم السريع”، وأردف “من لم يترك منزله يواجه بطش وتنكيل من قبل قوات الدعم السريع يعني ببساطة فقد الأمن والامان”.

تجربة الدعم السريع

المحلل السياسي مجدي عبدالقيوم بدأ حديثه مع “أفريقيا برس” قائلا “لنفترض أن الدعم السريع يبسط سيطرته على كل الخرطوم بمدنها الثلاث، هل تجربته في التعامل مع المواطنين تجعله مؤهلا اخلاقيا حتى للحكم؟ هذا بصرف النظر عن الجوانب الفنية.

ولا يرى كنب أن “الدعم السريع يفكر في الحكم وذلك استنادا على الطريقة التي ظل يتعامل بها مع المواطنين – في إشارة للإنتهاكات التي مورسها ضدهم-

وتابع “العبرة ليست بتشكيل الحكومة إنما بالاعتراف الدولي والإقليمي والغطاء السياسي والشرعية السياسية من ناحية جماهيرية والشرعية الدستورية”. وتوصل عبدالقيوم إلى أن حديث الدعم السريع عن تشكيل حكومة ماهو إلا مجرد بروبغندا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here