أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. أثار حديث القيادي بالمؤتمر الوطني المحلول، أمين حسن عمر، عن تشكيلهم لجنة تحري قانونية للكشف عن من هو المسؤول عن سقوط الانقاذ، أثار استفهامات واسعة، أبرزها؛ من أسقط المؤتمر الوطني المحلول؟ هل هو الهدير الشعبي الذي تدافع صوب القيادة العامة؟ أم إن السقوط حدث من داخل منظومة الحزب البائد عبر ما يسمى بالخيانة؟
ضربة قاتلة

يقول الباحث السياسي عبدالقادر محمود صالح لموقع “أفريقيا برس”؛ “إن هنالك عدة عوامل محلية وخارجية تظافرت في اندلاع ثورة ديسمبر، أبرز هذه العوامل هي المرتبطة بالمستوى المحلي حيث أتيحت للنظام السابق أكبر فرصة للحكم زهاء الثلاثون عاما بترسانته الأيديولوجية ذات التوجه الإسلامي”، هذه الفترة يقول عنها صالح “لم تجلب للشعب السوداني الاستقرار السياسي والرخاء الاقتصادي بحيث بلغت الأوضاع السياسية والاقتصادية إلى درجة في غاية التعقيد، ويضيف، كذلك في تلك الفترة فقد السودان جزء أصيل من أرضه ودارت حرب أهلية في دارفور استمرت لسنوات وما زالت آثارها الاجتماعية والصراعات العرقية قائمة حتى يومنا هذا، بالإضافة إلى تكتم مناخ الحريات العامة وقمع الرأي الآخر للقوى السياسية المعارضة للنظام السابق”، إذ عمل النظام البائد بحسب صالح؛ “على تمزيق وتقسيم الأحزاب السياسية حتى يضمن ولاء بعضها ويضاعف من وهن وضعف تلك القوى السياسية”، وتابع “كذلك هنالك الانشقاق الأبرز للحركة الإسلامية والذي تمخض عنه حزبي المؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني واللذين عملا بكل جهد لإزالة الطرف الآخر حتى بلغ الأمر ذروته في تشتت التيار الإسلامي وحركته السياسية وجراء ذلك فقدت الحركة الإسلامية ثقة الشعب السوداني بصفة عامة وثقة المنتسبين إليها وأخذ الصراع السياسي بين مكونات الحركة الإسلامية طابع القبيلة الأمر الذي جعل المؤتمر الوطني نفسه يتجه إلى التكتلات القائمة على الاشخاص على سبيل المثال لا الحصر؛ مجموعة نافع ومجموعة علي عثمان ومجموعة البشير …الخ، وإذا نظرنا إلى الصراع في تلك الفترة نجد أنه في جوهره كان بين مجموعات قبلية كانت نتيجته الأخيرة السقوط المدوي لنظام الحركة الإسلامية في السودان”، وقطع صالح “بأنه لا أحد ينكر حقيقة أن بعض منتسبي النظام السابق ساهموا بشكل كبير في إسقاط النظام خاصة العناصر الأمنية التي كانت لها إتصالات بفواعل إقليمية ودولية لا تريد إستمرار حكم الحركة الإسلامية في السودان”، مستدركا “لكن أعتقد أن القشة التي كسرت ظهر النظام السابق هي الحراك الثوري الواسع الذي انتظم جموع أرجاء السودان وتكلل بالظفر في ديسمبر البداية وابريل النهاية التي أودت بالنظام السابق إلى مزبلة التأريخ”، ويمضي قائلا “هنالك من يحاجج بأن العناصر الأمنية هي التي أطاحت برفقاء دربها في الحزب والحركة الإسلامية وأن الثورة ما هي إلا فعل مصنوع صنعه المتآمرين في الداخل مع القوى الإقليمية”، وتابع “لا أجزم بصحة هذه الفرضية ولكن بها من الصحة ما يجعلها أقرب الحقيقة ولكن أعتقد أن العامل الأهم في إسقاط النظام البائد هو الإرادة الثورية للشعب السوداني الذي قرر مصيره مع قواه الثورية الحية التي كانت تناضل ببسالة رغم القمع والاعتقال والقتل والسحل حتى استطاعت تلك القوى تسديد الضربة القاتلة التي أنهت فترة أطول نظام حكم شهدها السودان منذ استقلاله”.
صعوبات بالغة
قيادي بارز بحزب المؤتمر الوطني المحلول قال لموقع “أفريقيا برس” ؛ “إن نظام الإنقاذ بدا قويا جدا اذ إنه تمكن من استنفار ملايين السودانيين في مشروعاته الجهادية والسياسية خاصة الطلاب والشباب وبلغ عدد عضوية حزب المؤتمر الوطني سبعة مليون عضو وحقق نجاحات اقتصادية كبيرة توجت باستخراج النفط وثورة التعليم العام والعالي، فأصبحت الجامعات والكليات والمعاهد العليا بحسب القيادي موزعة في كل مدن واقاليم السودان وبلغ عدد الطلاب في الجامعات بضعة ملايين يتخرج منهم نحو ثلاثمائة ألف طالب سنويا وهو وضع ترافق مع ثورة المعلومات والاتصال والشبكة العنكبوتية فنتج عنه عالم تناقصت فيه سلطة الحكومات لصالح المواطنين بعد ان انهارت سلطة الحكومات علي المعلومات”، وأستدرك القيادي الذي فضل عدم ذكر اسمه “أن انفصال جنوب السودان هو من ألحق الضرر الاكبر باقتصاد الدولة السودانية اذ حرمها من إيرادات النفط التي مكنت نظام الإنقاذ من دعم الخبز والوقود والكهرباء وغاز الطهي ودعم الصحة والتعليم والمواصلات العامة، وبانفصال الجنوب يقول القيادي وجد نظام البشير صعوبات بالغة في الحفاظ علي الدعم لكن البشير بعناد شديد واصل تقديم الدعم للمواطنين وبدلا عن تنحيه عن الترشح في انتخابات 2015 قدم نفسه وفاز علي وعد بان تكون تلك اخر فترة انتخابية لها لكن لم يلتزم بتعهداته وأراد الترشح مرة أخرى في 2020″، وأردف “وبما أن البلد كان آنذاك يعيش في أزمة اقتصادية خانقة تمثلت في نقص الخبز والوقود والكهرباء وغاز الطهي بسبب عجز الحكومة عن تلبية الطلب الكبير على سلع مدعومة تباع شبه مجاني للمواطنين إضافة لنقص السيولة النقدية وهو ما نتج عنه انفجار ثورة شعبية سببها الاقتصاد وجاء اعلان البشير عن رغبته في الترشح للانتخابات ليزيد الطين بله فقام قادة الجيش بالانقلاب العسكري عليه بعد ان مهدوا للانقلاب بفتح ساحات القيادة العامة للمواطنين المتظاهرين ليكونوا تحت حماية الجيش السوداني”، وعليه بحسب القيادي بالوطني، فإن “سقوط الانقاذ سببه الأساس هو عجز الإنقاذ عن تجديد دماء القيادة السياسية إضافة لعجزها عن توفير السلع المدعومة وأزمة نقص السيولة النقدية فتسبب ذلك في انفجار غضب الشعب السوداني ثم الانقلاب العسكري علي البشير”، اي ان الاقتصاد بحسب القيادي “هو العامل الاساس في انهيار نظام البشير ويأتي دور المظاهرات كعامل ثاني والانقلاب العسكري عامل ثالث في سقوط الانقاذ”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس