أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. أثار حديث نائب رئيس المجلس السيادي ، الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” عن وجود جهات داخلية في السودان، تسعى إلى تغيير النظام في جمهورية أفريقيا الوسطى ، إستفهامات كثيرة أبرزها ، من هي الجهة التي تريد تغيير النظام في أفريقيا الوسطى؟ ولماذا؟ وكيف يرى المتابعون تصريحات حميدتي؟
اتهام حميدتي
اتهم نائب رئيس المجلس السيادي السوداني، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، جهات داخلية في السودان، بالشروع في مخططات لتغيير النظام في جمهورية أفريقيا الوسطى ، وقال حميدتي، خلال خطاب ، إن “جهات ارتدت أزياء قوات الدعم السريع، عملت على التخطيط لتغيير النظام الأفرو أوسطي من داخل الحدود السودانية”، متهما جهات لم يسمها بحشد عسكريين سابقين وقوات من عدة قبائل لتنفيذ المخطط.
صراع دولي
الباحث السياسي عبدالقادر محمود صالح يعلق على معرض الطرح ، ويقول لـ”أفريقيا برس” إن النظام السياسي في أفريقيا الوسطى يتسم بالصراع الديني والطائفي ، حيث تشهد البلاد منذ فترة طويلة صراعا بين مليشيات الدفاع الذاتي المسيحية المؤيدة للرئيس السابق فرانسوا ، ومليشيات السليكا المسلمة ، منبها إلى أن كلا الطرفين يجدا الدعم من أطراف إقليمية ودولية، واستدرك، لكن هنالك عامل أكثر تأثيرا في تأجيج الصراع الدائر هناك، حيث يستند على الموارد والصراع حولها بين أقطاب النظام الدولي، فرنسا وروسيا والصين. ففرنسا بحسب صالح تدعم مليشيات (الانتي بلاكا) بينما روسيا وبعض الأطراف الإقليمية تدعم مليشيات السليكا وكل طرف يحاول السيطرة على مناطق الموارد المعدنية، ويرى عبدالقادر أن الذي يريد أحداث التغيير السياسي في أفريقيا الوسطى هو مجموعة المصالح التي تحرك وتأجج الصراع حول الموارد. ولم يستبعد الباحث السياسي أن يكون للدعم السريع دور في إزاحة نظام الحكم في أفريقيا الوسطى لاعتبارات أنها تتداخل مع العامل الدولي والإقليمي خاصة وأن الدعم السريع والقوات المسلحة تربطهم علاقات كبيرة مع روسيا في مجال التعدين والموارد الأخرى في السودان وأفريقيا الوسطى.
ونفى حميدتي ضلوعه في محاولة تغيير النظام في أفريقيا الوسطى ، مؤكدا إن تلك المخططات تأتي ضمن محاولات البعض “لزرع الفتن بين السودان وأفريقيا الوسطى من خلال استخدام بعض المجموعات الخارجة عن القانون للزي الرسمي للدعم السريع بغرض تحقيق أجندة ، وشدد على أن “قواته ظلت تواجه محاولات متكررة لتلفيق التهم ضدها، في أحداث عديدة، منها حادثة فض الاعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة في 3 يونيو/ حزيران 2019′′.
وبشأن حديث حميدتي يقول عبدالقادر، أريد منه أن يبعث برسائل تطمين للنظام الحاكم هناك وأيضا يريد أن ينفي تهمة أن الدعم السريع ضالع في إرسال قوات لإسقاط النظام في أفريقيا الوسطى. وأضاف ، إن الصراع السياسي الدائر في أفريقيا الوسطى هو في الأصل صراع دولي حول الموارد وأطراف الصراع الداخلي بالضرورة تتلقى الدعم والمساندة سواء كان ذلك الدعم من الدعم السريع أو من جهات أخرى لها مصالح في داخل أفريقيا الوسطى.
أمر خطير
في ذات السياق يقول محلل سياسي فضل حجب هويته لـ “أفريقيا برس” إن حديث الفريق أول حميدتي قائد الدعم السريع ونائب رئيس مجلس السيادة عن اكتشاف مخطط لتغيير نظام الحكم في أفريقيا الوسطى ينطلق من السودان ويستخدم زي الدعم السريع يعتبر حديث خطير جدا لكن في ظل السيولة الأمنية الحالية لن يتوقف عنده أحد من المسؤولين ويصعب التحري حول حقيقة ما حدث بالضبط في ظل الوضع السياسي والامني الحالي. ويضيف ، أفريقيا الوسطى ظلت منذ استقلالها من فرنسا خاضعة للنفوذ الفرنسي عدا فترة بسيطة خضعت فيها للقذافي بالتنسيق مع السودان ثم الفترة الحالية التي تخضع فيها لنفوذ روسيا منذ ان نسقت لمد نفوذ موسكو هناك بالتنسيق مع نظام البشير .
وتقع دولة أفريقيا الوسطى على الجانب الجنوبي الغربي للسودان، حيث يمتد طول المنطقة الحدودية بين البلدين 108 أميال، تتضمن أجزاء من إقليم دارفور. وتشهد الدولة اضطرابات عديدة أبرزها المشاكل القبلية والنزاعات حول الموارد ، كما توجد قبائل مشتركة بين السودان وأفريقيا الوسطى تعيش في الدولتين.
وبشأن الجهة التي ترغب في تغيير النظام في أفريقيا الوسطى يقول المحلل السياسي الذي فضل حجب هويته : إنه من المؤكد أنها تفعل ذلك لمصلحة فرنسا بشكل خاص وأمريكا والغرب بشكل عام لاخراج روسيا من ذلك البلد الغني بالمعادن النادرة، مستدركا ، لكن الخطورة هي أن السودان حاليا غير مؤهل للدخول في صراع القوى العالمية الجيوسياسي في أفريقيا وعليه تجنب اغضابها ، مما يعني هناك مخابرات أجنبية داخل السودان تريد تغيير نظام أفريقيا الوسطى.
صراع الموارد
وفي رده على سؤال” أفريقيا برس” بشأن من الذي يريد تغيير النظام في أفريقيا الوسطى يقول المحلل السياسي مجدي عبدالقيوم “كنب” : من يريد تغيير النظام في أفريقيا الوسطى هي جهة لا ترضى عن النظام وتتقاطع مصالحها مع سياسات النظام في أفريقيا الوسطى وهذا بالضرورة يقود إلى معرفة طبيعة وتوجهات هذا النظام لتعرف ما هي هذه الجهة. ويضيف ، معلوم أن هناك صراع نفوذ في كثير من دول أفريقيا في إطار صراع الاستحواذ على الموارد وهنا تتقاطع مصالح عدة جهات بينها الرسمي بين الدول أو بالوكالة عن طريق تشكيلات عسكرية. وتابع ، كذلك معلوم أن مناطق كثيرة من أفريقيا أصبحت مسرحا للتجارة غير المشروعة كتجارة السلاح والمخدرات و السجائر والتي بحسب كنب تمثل موارد للكثير من التشكيلات المصنفة إرهابية باعتبار أن هذه الدولة تعاني من هشاشة أمنية ، إضافة إلى اتساع الحدود وبالتالي من الصعوبة بمكان أن تتكهن بالجهة الضالعة في محاولة تغيير النظام في أفريقيا الوسطى.
وأعلن حميدتي أن قواته ستغلق كل الحدود مع أفريقيا الوسطى لمنع ما تسعى لتنفيذه القوات التي يجري تشكيلها وتدريبها للانطلاق من الأراضي السودانية، لمساندة الحركة المدعومة من فرنسا لاسقاط النظام القائم في أفريقيا الوسطى والمدعوم من روسيا. وقال حميدتي أن تلك القوات تم مدها بزي قوات الدعم السريع حتى يتم إلباس التهمة بأي أعمال عسكرية تقوم بها، لقواته.
ويرى عبد القيوم “كنب” أن حديث الفريق حميدتي بهذه الدقة يعني إنه يملك معلومات وقد أشار لذلك بصراحة ، مؤكدا إنه حديث على درجة من الموثوقية. ويمضي كنب قائلا “هناك تواجد لقوات فاغنر الروسية وتعمل على حماية النظام في هذه الدولة والتسريبات تقول إن هذه القوات في دارفور نفسها أو في الشريط الحدودي بين الدولتين ومع هكذا واقع لا أعتقد انه من الممكن أن يكون للدعم السريع صلة بهذه المحاولة لسبب منطقي هو أن كثير من المعلومات تتحدث عن صلات وعلاقات بين الدعم السريع وروسيا التي رغم نفيها لصلتها الرسمية بشركة فاغنر -وتقول إنها قوات تتبع لشركة حماية خاصة- الا أن قرائن الاحوال لا تجعل لمثل هكذا تبرير اي نوع من المصداقة. ويرى عبدالقيوم أن فاغنر نسخة روسية متطورة من البلاك ووتر الامريكية التي ذاع صيتها في كثير من النزاعات سيما في العراق إبان التواجد الامريكي هناك. وأضاف، إذا سلمنا جدلا بصحة هذا التحليل فليس من المنطقي ان تتحدث عن ضلوع الدعم السريع في مثل هكذا عمل مع ملاحظة أن الفريق دقلو قال إن الزي الخاص بالدعم السريع متوافر في مصانع بالخرطوم ، كذلك مع ملاحظة أن أفريقيا الوسطى لم تتحدث عن اي محاولة انقلاب كما في حالة تشاد التي تزامن اعلانها عن احباط محاولة انقلابية مع حديث الفريق دقلو والذي في ثناياه اشارة لعناصر او جهات من الداخل ولم يشر بأصابع الاتهام لجهات خارجية ، وتوصل كنب إلى أن ” المسألة برمتها يكتنفها الكثير من الغموض وهي أقرب لصراع عدة أطراف تمثل تقاطع مصالح عدة محاور إقليمية ودولية”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس