هل أمريكا جادة في حل الأزمة السودانية؟

64
هل أمريكا جادة في حل الأزمة السودانية؟
هل أمريكا جادة في حل الأزمة السودانية؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. في خطوة اعتبرها كثيرون بأنها تعجل في إنهاء الحرب، دعت الولايات المتحدة الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع للمشاركة في محادثات لوقف إطلاق النار بوساطة واشنطن، تبدأ في 14 أغسطس، في سويسرا. وأصدر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بيانا، قال فيه إن الاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات والأمم المتحدة سيشاركون في المحادثات بصفة مراقب، منوها إلى أن السعودية ستشارك في استضافة المناقشات. وأضاف بلينكن أن “حجم الموت والمعاناة والدمار في السودان مدمر، و يجب أن ينتهي هذا الصراع العبثي”، داعيا القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لحضور المحادثات والتعامل معها بشكل بناء.

ترحيب سوداني

ما إن أعلن وزير الخارجية الأمريكي دعوته لأطراف القتال في السودان، حتى سارعت القوى السياسية السودانية بالترحيب بالخطوة الأمريكية، حيث رحبت تنسيقية القوة المدنية الديمقراطية “تقدم”، فضلا عن قوى سياسية داعمة للجيش السوداني، كما أعلن قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي” مشاركتها في المحادثات. بينما لم يصدر الجيش السوداني حتى كتابة هذا التقرير بيانا يوضح فيه موقفه من الدعوة الأمريكية.

أمريكا.. أساس الأزمة

وفي رده على سؤال” أفريقيا برس” بشأن مدى جدية أمريكا في وقف الحرب، يقول خبير الحوكمة عبدالله الطيب علي، إن أمريكا لا تريد حل الأزمة السودانية، متهما إياها بأنها ظلت تخطط للأزمة منذ أمد بعيد، واردف “آخر حلقة من حلقات التخطيط الأمريكي كان في عام 2014 حيث انضمت لحلفائها الأوروبيين في اتفاق معلن مع مليشيات الدعم السريع الإرهابية لتقدم إليها المساعدات والمعونات علنا باسم مكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر”.

وكانت قوات الدعم السريع إبان حكومة البشير تتلقى، أموالا ودعما من الاتحاد الأوروبي نظير ما تقوم به من حراسة حدود السودان مع ليبيا وتشاد منعا من تسلل الأفارقة إلى أوروبا.

وتابع “ظلت أمريكا عبر التحالف الصهيوماسوني هي التي تخطط لهذه الحرب المدمرة للدولة والشعب السوداني، وهي التي تكفلت بنفقاتها بالاشتراك مع إسرائيل وبريطانيا وفرنسا بنحو (300) مليار دولار، خلال السنوات الخمس المنتهية في 15 أبريل 2024”.

ويذهب الطيب إلى أن أمريكا لديها هدفين استراتيجيين في هذه الحرب، الأول؛ يتمثل في الاستيلاء على السلطة في السودان من خلال انقلاب عسكري خاطف، وفي حالة فشله تسعى المليشيات لتحقيق هذا الهدف من خلال حرب طاحنة، وفي حالة فشل الحرب في تحقيقه تنتقل المليشيات لتحقيق الهدف الثاني وهو بحسب الطيب تدمير السودان بشكل كامل وتأخيره لسنوات ضوئية قبل أن يعاود محاولة الانعتاق من رقبة الرق الأمريكي والانطلاق إلى آفاق التقدم والازدهار وتحقيق نهضته الاقتصادية الشاملة.

ويمضي الطيب قائلا “عندما فشلت المليشيات في استلام السلطة في السودان، أنشأت أمريكا بالتعاون مع السعودية منبر جدة والذي كان يرمي لمنح المليشيات مزيدا من الوقت لإنجاز مهمتها الأولى”.

ويرى الطيب، أن المفاوض السوداني أكثر ذكاء من المفاوض الأمريكي حيث يقول “كان يفاوض أمريكا صاحبة الأمر مباشرة ومن زاوية القانون الدولي الإنساني فقط، وهو يعلم أن هدف أمريكا من المفاوضات هو إعطاء المليشيات مزيدا من الوقت لإنجاز مهامها، ويعلم أن المليشيات لن تستطيع الالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني”.

ويقول الطيب “إن أمريكا وقعت ومن ورائها المليشيات في شباك القانون الدولي وتمترس السودان في مربع تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في منبر جدة، والمليشيات تعلم أن نهايتها في تنفيذ هذا الاتفاق الورطة”.

وبحسب الطيب، فإن آخر مرة اتصل فيها وزير الخارجية الأمريكي بلنكين بالرئيس البرهان كانت قبل نحو ثلاثة أشهر، يقول الطيب “طلب من البرهان في هذا الإتصال العودة لجدة لاستئناف المفاوضات”، مستدركا “لكن الرئيس البرهان اشترط عليه تنفيذ ما تم الاتفاق عليه اولا”.

ويقول الطيب إن “أمريكا حاولت استغلال الوضع الإنساني عبر رمطان العمامرة في جنيف نفسها للعودة للمحادثات لكن الوفد الحكومي رفض التفاوض في جنيف وتمسك بمنبر جدة، وتمسك بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه اولا”.

ويواصل الطيب حديثه قائلا “ظلت أمريكا تشاهد السودان وهو يخطو خطوات ثابتة ومتسارعة في اتجاه مسح المليشيات الإرهابية المدعومة أمريكيا وأوروبيا من الوجود، ويتجه في ذات الوقت بعلاقاته الدبلوماسية نحو التحالف الشرقي بخطى حثيثة، ويضع وراء ظهره أمريكا وأوروبا ويواجه دويلة الشر وكيل التحالف في المنطقة في مجلس الأمن أهم ادوات للتحالف بقوة، ويتسلم أسلحة وذخائر روسية وصينية وتركية وايرانية متقدمة جدا، ويستعد لحماية سيادته وصون استقلاله”.

وهذه الخطوات أعلاه بحسب الطيب دفعت بأمريكا لترمي المليشيات وراء ظهرها وتضغط على دويلة الشر لإيقاف دعمها لها، وتعتذر للسودان وتوافق على تعويضه.

واردف الطيب “جاءت أمريكا تبحث عن السودان بعد أن ضاع من بين يديها بسبب جشع شركاتها وسياساتها المتخبطة”. ولا يعتقد الطيب أن الشعب السوداني سيسمح لأي حكومة أن تقطع السودان عن العالم وتربطه بأمريكا بتلك الطريقة التي ظلت تتبعها الدولة السودانية منذ فجر استقلالها وأمريكا تحاربها بكل شراسة.

ويرى الطيب أن كل المؤشرات تؤكد أن السودان على وشك الانتصار الساحق على الدعم السريع التي يدعمها التحالف، كما أنه قال اقترب كثيرا من التوافق بشكل كامل مع الحلف الشرقي والذي بحسب الطيب ظل ثاني أقوى دولة فيه تتبادل المصالح مع السودان وهي الصين.

وشدد الطيب على ضرورة أن يتوجه السودان للمحاكم الدولية لاسترداد حقوقه من “دويلة الشر” حسب وصفه. كما طالب الطيب من دول التحالف الغربي الوقوف في الصف حتى يفرغ السودان من ترتيب علاقاته الشرقية لينظر بعد ذلك في علاقاته الغربية، وويرى الطيب إنه وفي حال استجاب السودان للمحادثات في جنيف إنما يستجيب لها من أجل كسب مزيد من الوقت.

لماذا الدعوة الأمريكية؟

بينما يذهب القيادي بحزب الأمة القومي عروة الصادق بعيدا عن حديث عبدالله الطيب إذ يقول لموقع “أفريقيا برس” إن “أمريكا استجابت أخيرا وبعد فوات الأوان لتدخل أيديها الفعالة في أزمة السودان”.

وأضاف “رغم أن الجهود السعودية في منبر جدة إستعانت بالأمريكان، إلا أن التدخل كان في مستويات دنيا بين استهانة الإدارة الديمقراطية بالأزمة في السودان والناظر إلى اهتمامهم بالصراع في غزة يتأكد من ذلك”.

ويكمل عروة حديثه قائلا “بعد اجتمعات المبعوث الأمريكي ببعض الفاعلين السودانيين في كمبالا، بتّ أشك في أنهم يهتمون بالفعل بالشعب السوداني؛ وإنهم يريدون فقط استعراض عضلاتهم والتظاهر بأنهم المخلص الأوحد، لذلك جرفوا منبر جدة لصالح سويسرا، وهي ليست خطة ناجمة عن دراسة وتمحيص وإنما عن رغبة شخصية للمبعوث الخاص للإدارة السيد توم بيرييلو الذي نعى لإدارته وبعض الفاعلين السياسيين منبر جدة وعكف على تصميم منبر جديد بفاعلين جدد يصمم بعضهم بصورة منتقاة”.

ويرى الصادق أن الولايات المتحدة تحاول استباق الجميع واحتكار التدخل في الشأن السوداني، مستدركا “ولكن لنكن واقعيين، سجلهم يتحدث عن نفسه، لقد كانوا دائمًا مهتمين بتأكيد هيمنتهم أكثر من المساعدة، ومن المرجح أن تفشل دعوتهم هذه للمفاوضات في جنيف، كما حدث من قبل لأنهم يدخرون أدوات الضغط الفعالة ويخشون استخدامها لئلا تنجب لهم 11 أيلول/سبتمبر أخرى”.

ونبه إلى أن أمريكا تجتهد عبر مبعوثها الخاص في خلق واقع سياسي جديد أملا في استصحاب للنظام البائد وواجهاته الإخوانية في هذه الجولة والمحطة السويسرية، رغم يقينهم التام أنهم سبب الحرب وهم يقفون وراء استمرارها.

وبالنسبة لدور الاتحاد الأفريقي والإمارات ومصر في هذه المفاوضات، يقول عروة “هؤلاء يتدخلون بصورة غير فعالة فهم محض (كومبارس)، أما المساعدة التي تقدمها السعودية فهي مجرد تغطية وإرضاء خجول للمملكة بعد أن تم الاجهاز على منبر جدة بواسطة بيرييلو”.

وبشأن إستجابة الجيش لمنبر جنيف، يقول الصادق إن “الجيش إذ حرر رقبته من التنظيم المحلول سيمضي دون أدنى شك نحو السلام، لأنه أنهك إنهاكا شديدا وأضحى عرضة للانهيار التام أو الابتزاز من دول تريد دعمه مقابل الاستيلاء على الثروات والتحكم في القرارات”، وأردف “لا يوجد ضابط ابن بلد يسمح بحدوث هذا لوطنه مهما كانت المغريات أو بلغت المخاوف”، مستدركا “ولكن إذا ظل مسلما أمره لعصابة التنظيم الإخواني حتما ستستمر الحرب وتدمر البنى التحتية وتتسع دائرة الانتهاكات وتزيد أسعار المساومة على تراب الوطن وسمائه ومياهه وموارده”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here