أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. تسببت زيارة الوفد العسكري الكبير المرافق لنائب وزير الخارجية الروسي في زيارته للسودان، تسبب في إثارة جدل كبير حول طبيعة وحجم الدعم الروسي العسكري للجيش السوداني.
ووفق بعض التقارير الصحفية، فإن الوفد الروسي عرض على الحكومة السودانية شراكة استراتيجية كاملة بين الدولتين، ويشمل ذلك تقديم دعم عسكري كبير للحكومة السودانية، ودعم بالنفط والقمح مقابل قاعدة روسية في البحر الأحمر واستثمارات روسية كبرى في مجال المعادن والنفط وغير ذلك.
الشاهد أنه وبعد مغادرة الوفد الروسي الكبير بثلاثة ايام فقط جاء إلى بورتسودان وفد أمني أمريكي على عجل وهو الأمر الذي اعتبره خبراء محاولة من أمريكا لإيقاف توجه السودان إلى الشرق بدلا عن الغرب كما كان يحاول طيلة الخمس سنوات الماضية من دون جدوى.
وتعليقا على زيارة الوفد الأمريكي للسودان إن كان بهدف قطع الطريق على روسيا، يقول المحلل السياسي الفاتح محجوب لموقع “أفريقيا برس”؛ “لا أحد يعلم بالضبط ما ذا إن كان قد حاول الوفد الأمني الأمريكي أن يقدمه من وعود مقابل انسحاب السودان من مشروع الشراكة مع روسيا”، مستدركا “ولكن غالبا لن تحظى وعود أمريكا بأي مصداقية لدى قادة الحكومة السودانية لأنها غير جادة ولها أجندة عقائدية تريد تنفيذها في السودان”.
تقارب استراتيجي
ولا يستبعد المحلل السياسي مجدي عبدالقيوم “كنب” في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أن يتم تسليح الجيش السوداني من قبل روسيا، مستدلا بأن تسليح الجيش السوداني في كل الأوقات يتم من روسيا، وعليه وبحسب مجدي فإن روسيا أهم الدول التي يستورد منها السودان الأسلحة وذلك وفقا لمحددات الشراء التي يمكن أن تتم في أي صفقة تجارية بين الدولتين.
ويعزز كنب موقف الدعم الروسي للجيش السوداني بالطلب الذي قدمته روسيا قبل سنوات وهو السماح لها ببناء قاعدة عسكرية في قاعدة ” فلامنجو” الواقعة في ولاية البحر الأحمر، منبها إلى أنه قد تم توقيع اتفاق مبدئي مع نظام الإنقاذ ولم تتم شرعنته دستوريا – بمعنى إنه كان في طور الحصول على موافقة المجلس التشريعي وبعد ثورة ديسمبر تم الغاء الاتفاقية تأسيسا على أنها لم تعرض على المجلس التشريعي-.
وبحسب مجدي فإن طلب روسيا للقاعدة كانت محاولة رسمية من قبل روسيا للتواجد الرسمي المقنن. وأضاف “بحسب المعلومات المتوافرة لدينا فإن روسيا لم تجدد طلب القاعدة، لذلك لا يمكن القول بأن روسيا قدمت دعما للجيش في مقابل التواجد على الأرض”.
وفي تقدير مجدي فإن طلب روسيا للقاعدة يعد مجرد دعاية تتصل بالصراع الدولي على الممرات المائية في العالم وهي جزئية ذات صلة بالمسالة الاقتصادية وصراع المحاور في المنطقة لأهمية البحر الأحمر الذي تمر به حسب الخبراء 13% من التجارة العالمية.
وبشأن السؤال حول إن ما كان هنالك دعم روسي للسودان وبإمكانه أن يغيّر من موازين الحرب لصالح الجيش السوداني أم لا؟ يقول كنب “قطعا روسيا كدولة عظمى تملك ترسانة أسلحة متنوعة فإن أي دعم عسكري منها لأي دولة سواء أن كانت في حالة حرب أو في إطار الجاهزية يؤثر بالتأكيد في قدرات الدول من ناحية عسكرية”.
وتابع كنب “إن التقارب بين السودان وروسيا بالنسبة للأخيرة إستراتيجي ولا شك بالنظر للموقع الجيو سياسي للسودان من ناحية وتأثيره في العمق الأفريقي وما يمكن أن تسميه بسياسة ملء الفراغ التي تنتهجها روسيا بعد الصراع الاورو امريكي في أفريقيا وخروج فرنسا من أفريقيا، لذلك المسالة أكبر من موضوع الحرب مع اوكرانيا والتي تبدو أنها تتجه نحو نهاياتها”.
ولا يرى كنب أن “الدعم العسكري الروسي للسودان له علاقة بأوكرانيا على اعتبار أنها لا تمتلك نفوذا في أفريقيا ولا تواجد لها في السودان”.
لماذا التواجد الروسي في السودان؟
في الصدد، يرى المحلل السياسي محمد عبدالجبار أن “التواجد الروسي في السودان بهدف قطع التقارب بين أوكرانيا والسودان، مؤكدا أن هنالك دعم عسكري أوكراني قد تم للجيش السوداني خلال الحرب الدائرة، بجانب تدريب ضباط وجنود سودانيين بواسطة اوكرانيا”.
ويضيف عبد الجبار لموقع “أفريقيا برس”؛ “اوكرانيا تريد خنق روسيا خارجيا وتجفيف منابع مواردها في بعض الدول المتقاربة معها وذلك عن طريق عقد صفقات تجارية واقتصادية مع هذه الدول بمساعدة الدول الغربية”.
ويرى عبدالجبار أن زيارة الوفد الروسي للسودان كانت بغرض حد نفوذ اوكرانيا في السودان والتي بحسب عبدالجبار لها علاقات كبيرة مع السودان؛ تشمل الأنشطة الاقتصادية والعسكرية. مؤكدا أن هذه الأنشطة من اوكرانيا تتم بمساعدة الدول الغربية لها.
وكان رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان قد التقى الرئيس الأوكراني على هامش أعمال الجميعة العامة للأمم المتحدة، وقتها أعلن الرئيس الأوكراني تضامنه مع السودان.
فاغنر على الخط
إلى ذلك، قال السفير والخبير الدبلوماسي الصادق المقلي لموقع “أفريقيا برس” إن “روسيا محاصرة من الغرب وعليها عقوبات اقتصادية ومصرفية، فضلا عن دعم الغرب ماليا و لوجستيا لأوكرانيا في حربها مع روسيا، كلها مسائل تعقد من مهة روسيا في أفريقيا”.
ويقول المقلي “كلما اقتربت روسيا عسكريا من السودان كلما ضاق عليها الخناق غربا ولعل تصريح السفير الروسي في القاهرة ياتي في هذا السياق”، حيث قال بحسب المقلي إن بلاده تدعم منبر جدة و دعت طرفا النزاع للعودة للمفاوضات بجده”.
ويرى المقلي إن إنتهاء مهمة تعاون فاغنر مع الدعم السريع خاصة _في استخراج الذهب وترحيله إلى روسيا قبل وانضمام عناصرها طوعا للجيش الروسي – يطلق يد روسيا و الاستفادة أكثر من فاغنر كمخلب قط في أفريقيا حيث يقول المقلي “تعمل فاغنر في مقايضة الماس والذهب مقابل حراسة الأنظمة الأفريقية من جهة و مواجهة المد الفرنسي والصيني و للحد من الوجود الامريكى في القارة الأفريقية”.
هذا، وقد قالت وسائل إعلام سودانية أمس، إن الاتفاق الروسي مع حكومة البرهان الذي تم التوقيع عليه الأسبوع الماضي، تطرق إلى عودة قوات فاغنر للسودان مرة أخرى، واستئناف عملها مع الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش، والذي كان قد توقف بعد الثورة وتشكيل الحكومة الانتقالية في أغسطس 2019.
و لا يرى المقلي إن هنالك دعما عسكريا روسيا للسودان في ظل تواجد اوكرانيا – المسنودة من الغرب- في أفريقيا، واضاف “البرهان نفسه قرر إبان الفترة الانتقالية الموؤودة تعليق الاتفاقية التي أبرمها البشير مع بوتين إبان زيارته في أيام الإنقاذ الأخيرة بإنشاء مركز لوجستي على البحر الأحمر لتزويد سفن تحمل رؤوس نووية، وهو ما يعني لا وجود دعم عسكري روسي للسودان”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس