هل تطول اتكاءة عرمان تحت ظل الجبل “عقار”؟

16
هل تطول اتكاءة عرمان تحت ظل الجبل “عقار”؟
هل تطول اتكاءة عرمان تحت ظل الجبل “عقار”؟

عبد الناصر الحاج

أفريقيا برس – السودان. حينما تمرد ياسر عرمان على كل المنظومة السياسية والثقافية الحاكمة للمركز في منتصف الثمانينات، وسلك طريقه الوعر وصولاً إلى (الغابة) في جنوب السودان، وقتها كان عرمان شاباً في مقتبل العمر، وأقل ما يمكن أن تُوصف به حالة عرمان المزاجية السياسية الفكرية انذاك، بأن الرجل كان (مقاوماً) شرساً وشجاعاً يحمل بذرة (المقاومة) في دمه قبل أن تتفتق هذه البذرة وتصبح الآن شجرة وريفة تهوي إليها افئدة كل شباب السودان (الفارين) من السجن داخل براويز الأحزاب السياسية السودانية، الطائفية منها والعقائدية والمُؤدلجة، وكل الرافضين لوصفات سياسية (مُعلبة) داخل قصدير التسويات الملغومة!!

* وقتها لم يكن مُتاحاً لـ(عرمان) جيلاً يحمل ملامح (توباك) ولا عبقرية (كشة)، ولا جسارة (شعيرية) و (الننة)، ولا يوجد من يمشي ثابتاً على لهيب الرصاص مثل (مضوي) و(الريح) و (حب الدين) وكل اوركسترا الشهداء العظماء في هذا الجيل المقاوم!!

* كان عرمان يمضي بين احراش المقاومة المسلحة يحمل قلباً مُضيئاً بـ(الإنسانية)، وعقلاً مزوداً بطاقة عبدالخالق محجوب والشفيع احمد الشيخ وجوزيف قرنق الذهنية، وروحاً مُترعة بجمال إبداعات (وردي) واكتوبريات محمد فضل الله!!

* تربى عرمان (الجديد) في كنف صدق أهل الجنوب ووضوح مطالبهم و(دغرية) القيادة المُلهمة للقائد (قرنق)!!

* سكب عمراً نضراً في دهاليز القضايا الكبرى، وانتهل رحيقاً خالصاً بمعرفة التفاصيل الدقيقة لتاريخ المناطق والثقافات والاعراق وومضات الاستنارة في كل شُعب السودان الكثيفة!!

* وحين بلغت الثورة السودانية مداها، وبرقت بروق زمانها الذي تأخر كثيراً منذ نهاية عهد الخليفة (التعايشي) وإلى عهد الدولة الإرهابية التي دشنها نظام الاخوان المسلمين بقيادة عسكرية اختطفت الجيش السوداني ومرغت كرامته في وحل الدجل والاظلام، جاء عرمان عائداً الخرطوم، ووجدها جيلاً جديداً كله (عرمان) الأول – إن لم يكن جيلاً أشد نبوغاً وأقوى شكيمة ومقاومة – فصار عرمان هائماً مثل عُقابٍ هرم لا يجد ظلاً كريماً ليستريح، ولا تقوى جناحيه للتحليق فوق الغابات الكثيفة من جديد!!

* لم يعد الزمان قابلاً لـ(إلهاء) الناس بحديث المقاومة المُسلحة وبطولاتها النادرة، فقد نصبت ثورة ديسمبر مسرحاً واقعياً لمقاومة سلمية لا يحمل فيها الثوار سلاحاً، لكنهم قدموا فيها كل مُبهرات الشجاعة والاقدام والثبات، مواجهين فيها ذات الترسانة الحربية التي من عنفها، صُنعت الابطال من قيادات الكفاح المسلح – أصحاب الجيوش والسلاح والنياشين العسكرية!!

* وتحت ظلال ثورة ديسمبر، جلس قيادات من الكفاح المُسلح في مقاعد الحُكام، بينما اختار الثوار الشوارع التي لا تخون، حينما اسعفتهم فطرتهم الذكية، بأن دولة الطغاة والإرهاب لا زالت قائمة، ولا زالت تبحث عن جماجم واشلاء جديدة لتُقيم مُلكها العتيد!!

* ولكن – عرمان- الذي يجد هوى نفسه لا يريد أن يتزحزح من بهو (المقاومة) العتية، تنتاشه سهامٌ صدئة تخرج من (كنانة) رفقاء السلاح، تُصوب نحو بهو ( المقاومة) التي يعشقها عرمان ويستمتع بـ(فُرجة) حيثياتها وقصصها الاسطورية، ولا يجد موطئ قدم بأن يكون بينهم مثله مثل اية (مكنة) مسدول الشعر و(ناشف) الضلوع!!

* وعرمان الذي عرفناه وحفظنا مقاطع صوته وتفحصنا ملامح وجهه، كيف له أن يرمي الآن (ريموت) متابعة رواية الجيل الراكب راس، ثم يمضي للاتكاءة مجدداً تحت ظل القائد مالك عقار، بعد أن أفرط في وصف هذا الجيل بالارهابيين الأطفال!!

* هل سيغمض عرمان جفنيه مجدداً تحت هذا الظل الضخم “عقار”، أم يستيقظ عرمان مذعوراً من وهم السنين العجاف التي قضاها تحت ظلٍ لا فرق بينه وبين ظل البشير والبرهان وعبدالحي يوسف والطيب مصطفى وكل الغارقين في شتيمة جيل الثورة؟؟

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here