هل تغير معارك “كسر العظم” في غرب السودان الخريطة العسكرية؟

6
هل تغير معارك
هل تغير معارك "كسر العظم" في غرب السودان الخريطة العسكرية؟

أفريقيا برس – السودان. الخرطوم- اتسع نطاق المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في ولايات إقليم كردفان الثلاث، ويرى خبراء أن قيادة الدعم السريع تسعى لقطع الطريق أمام الجيش المندفع نحو إقليم دارفور، حتى لا تدافع عن مدنه داخل محيطها. ويعتقد مراقبون أن معارك غرب كردفان يمكن أن تغيّر موازين القوة والخريطة العسكرية في غرب السودان.

وعقب انتصار الجيش في وسط السودان خاصة في ولايات سنار والجزيرة والخرطوم، بدأ الزحف نحو إقليم دارفور عبر ولايات كردفان الثلاث، وهي شمال وجنوب وغرب كردفان، لتأمين الخرطوم ووسط البلاد وإبعادها عن دائرة الخطر.

ونجح الجيش في التوسع في الجزء الجنوبي من ولاية شمال كردفان، بعد استعادته مدينتي “أم روابة” و”الرهد” وإنهاء حصار “الأبيّض” عاصمة الولاية، بينما لا تزال محليات شمال الولاية -وتشمل “بارا” و”غرب بارا” و”الحمرة” و”سودري”- تحت سيطرة قوات الدعم السريع وانتشارها.

خريطة السيطرة

يتقاسم الجيش وقوات الدعم السريع السيطرة على مناطق ولاية غرب كردفان المتاخمة لإقليم دارفور، حيث تخضع للدعم السريع مناطق “الفولة” و”المجلد” و”أبو زبد” و”السنوط” و”غبيش” “وودبندا” و”الإضية” و”كيلك” ولقاوة”.

من جهة أخرى، يسيطر الجيش في غرب كردفان على بعض المدن مثل “بابنوسة” التي توجد بها قيادة الفرقة 22 مشاة، و”الخوي”، و”هجليج” الغنية بالنفط.

وفي ولاية جنوب كردفان يسيطر الجيش على معظم مدن الولاية الكبيرة مثل “كادوقلي” عاصمة الولاية، و”الدلنج” و”أبو جبيهة” و”العباسية” و”تقلي” و”كالوقي”، كما استعاد يوم الخميس بلدة “الدحيليب” من مقاتلي الحركة الشعبية- شمال بقيادة عبد الحلو، التي تقع في شرق “كادوا” معقل الحركة.

بالمقابل، تسيطر الحركة الشعبية منذ أكثر من 3 عقود على الجزء الجنوبي الغربي من ولاية جنوب كردفان، وتشمل محليات “البرام” و”أم دورين” و”هيبان، التي تضم مدينة كاودا العاصمة الإدارية للحركة وأنشأت إدارات مدنية فيها.

أما قوات الدعم السريع فتنتشر في شمال ولاية جنوب كردفان، في محلية “القوز” التي تشهد مواجهات دامية بين الطرفين بعد تقدم الجيش قبل يومين.

واستعاد الجيش السيطرة يوم الأربعاء الماضي على مدينة “الحمادي” التي ظلت تحت سيطرة الدعم السريع من أول أيام الحرب، كما يقترب من استعادة السيطرة على مدينة “الدبيبات” آخر معاقل الدعم السريع بالولاية.

كسر العظم

تقول مصادر عسكرية للجزيرة نت إن الدعم السريع يستشعر الخطر من القوات المتجولة “متحرك الصياد” (المتحرك قوة عسكرية) التي تضم قوات عالية التدريب من الجيش والقوة المشتركة لحركات دارفور وكتائب الإسناد، ولديها أسلحة نوعية وأجهزة وعتاد لمجابهة كافة مراحل القتال وخطوط إمداد لوجستية تمكنها من الوصول إلى دارفور.

ودفعت قوات الدعم السريع منذ أسبوعين بتعزيزات عسكرية ضخمة نحو مدينة النهود العاصمة المؤقتة لولاية غرب كردفان، والتي تضم قيادات أبرزها رئيس المجلس الاستشاري لقوات الدعم السريع حذيفة أبو نوبة، والمتحدث باسم القوات الفاتح قرشي، حسب المصادر العسكرية.

واستطاعت قوات الدعم السريع في مطلع مايو/أيار الجاري السيطرة على مدينة “النهود” التي تعد منطقة إستراتيجية تربط بين كردفان ودارفور، وبها أكبر بورصة للفول السوداني والصمغ العربي، وتضم أبرز أسواق الماشية في غرب السودان.

كذلك تقدمت الدعم السريع وسيطرت على منطقة “الخوي” غرب النهود، وهي في طريقها إلى الأبيّض عاصمة ولاية شمال كردفان، غير أن الجيش استعاد المنطقة وكبدها خسائر فادحة عدّتها المصادر العسكرية التي تحدثت للجزيرة نت أنها تماثل الضربة التي تلقتها قوات الدعم السريع في جبل موية بولاية سنار في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتعتقد المصادر نفسها أن ضربة جبل موية كانت قاصمة ظهر للدعم السريع في وسط السودان، وفتحت الباب أمام تحرير ولايتي سنار ثم الجزيرة.

من جانبه، وصف حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، في منشور عبر صفحته على موقع “فيسبوك”، ما حدث في “الخوي” وما حولها بأنها “معركة كسر العظم”، بعدما دفعت قوات الدعم السريع بمعظم احتياط قواتها وعتادها الحربي، وقال إن الطريق الآن بات سالكا من كردفان إلى الفاشر.

وفي المقابل، قالت قوات الدعم السريع إنها أوقعت خسائر كبيرة في صفوف الجيش وحلفائه، وخلفت مئات القتلى وغنمت عشرات المركبات، مشيرة إلى أنها عازمة على التقدم ميدانيا في كردفان ودارفور.

موازين القوة

وتعليقا على تطورات الأوضاع في ولاية غرب كردفان، يقول الخبير العسكري عميد عمر باشري إن قوات الدعم السريع في سبيل تأمين وجودها في مدينة النهود واستعادة الخوي سحبت عددا كبيرا من قواتها التي كانت متمركزة حول مدينة الفاشر، ومن الضعين في شرق دارفور، ومحور شمال الصحراء في مناطق الراهب والعطرون عبر حمرة الشيخ.

وحسب حديث الخبير العسكري للجزيرة نت، فإن هذه الحشود قصدت منها قوات الدعم السريع إنشاء خطوط دفاعية تبدأ من الخوي والنهود، ثم تتواصل غربا في مناطق بروش وجبل حلة وأم كدادة، وصولا إلى الكومة شرقي الفاشر.

ويعتقد المتحدث أن الهزيمة القاسية التي تلقتها قوات الدعم السريع تمهد الطريق للتقدم لاسترداد النهود والتقدم نحو الفاشر، بعدما صارت قواتها مبعثرة في اتجاهات عدة مع تقدم الجيش جنوبًا أيضا عبر “متحرك الصياد” بالاتجاه الآخر، وتحريره منطقة الحمادي واقترابه من الدبيبات حاضرة محلية القوز في جنوب كردفان.

أما الباحث والخبير العسكري أبو بكر عبد الرحيم فيرى أن معارك غرب كردفان تمثل للجيش مفتاحا للتوغل نحو إقليم دارفور، وتأمين ظهر الأبيض حاضرة شمال كردفان، بينما تعني لقوات الدعم السريع نقطة لتأمين سيطرتها على مواقع بكردفان ودارفور والزحف نحو الأبيض.

ويوضح الباحث للجزيرة نت أن معارك غرب كردفان تعد نقطة سيطرة إستراتيجية على خطوط الحركة بين الأبيّض والفاشر، وبين ولايات دارفور وولاية شمال كردفان المتاخمة لولاية الخرطوم.

ومن يسيطر على غرب كردفان يسيطر فعليا على طرق الإمداد ونقاط التدخل نحو دارفور وشمال كردفان، وحتى أطراف جنوب ليبيا، أما سياسيا فالسيطرة على الخوي والنهود تعني إحداث تحول في ميزان القوة، وفقا للباحث.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here