أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. شهدت الساحة السودانية خلال الأيام الأخيرة حركة واسعة في الأوساط السياسية والمجالس بشأن المبادرة التي طرحتها مصر لحل الأزمة السياسية، في وقت يتسائل فيه الكثيرون عن مصير مبادرة بعثة “يونتامس” ورئسها فولكر بيرتس، سيما وإنها حتى الآن لم تنجح في تحقيق التوافق السياسي بين الفرقاء السودانيين، فهل تكون المبادرة المصرية بدلا عن مبادرة البعثة الدولية؟ وهل فشل فولكر في مهامه؟ وكيف يُقيم الخبراء عمل البعثة الاممية في السودان بعد مرور ثلاثة أعوام على عملها؟ وأين تكمن أسباب الأزمة السودانية؟
تحفظات على منهج فولكر
يقول المحلل السياسي مجدي عبد القيوم “كنب” لـ “أفريقيا برس” إن دخول مصر على خط الأزمة السودانية كان متوقعا على اعتبار أن الاتفاق الإطاري لم ينجح في خلق قاعدة عريضة من الالتفاف حوله. وأضاف، أن الاتفاق أساسا قائم على رجل واحدة باعتبار أن مصر استبعدت منه وتم تحت رعاية الرباعية والتي يرى أنها مقدوح في مرجعيتها بحيث ضمت دول تتقاطع مصالحها مع مصالح مصر في السودان سيما في ظل ما تعانيه مصر من أزمة اقتصادية جراء تداعيات الحرب الاوكرانية التي أثرت في مستوى التجارة العالمية وبالتالي على عائدات قناة السويس. ويضيف كنب، صحيح لا يمكن القول أن فولكر فشل في مهامه لكن هناك تحفظات على منهج إدارته للازمة وقد خلق انطباعا سلبيا لدى قطاع عريض من الفاعلين السياسيين، مؤكدين إنه يفتقر للحياد الذي يتطلبه الموقع والمسؤولية وإنه يتدخل في قضايا لا تندرج تحت مهامه. ويرى عبد القيوم ، إن أسباب الازمة السودانية معلومة، لكن الفشل في حلها هو نتيجة طبيعية لمنهج القفز فوق الواقع الذي ظل يدعم المجلس المركزي من جانب، ومن جانب آخر رفض لجان المقاومة وقوى مركز الحل الجذري وحتى رفض وتحفظ تنظيمات داخل “قحت” للاتفاق الاطاري. وجزم بأن الصيغة المطروحة للحل لن تجد قبولا، مشددا على ضرورة إدخال تعديلات جوهرية فى مسودة مشروع الدستور الانتقالي الذي بنيت عليه وتعديل الاتفاق نفسه. ويرى عبدالقيوم، أن البعثة الاممية لم تنجح حتى الان في مهامها على الوجه المطلوب فهذه المهام يقول كنب لا تنحصر فقط في تسهيل الحوار بين الفرقاء وهو ما أنجزته حتى الان وعليه تحفظات، مؤكدا أن فولكر أشار في لقائه الأخير مع قناة الحرة لمهام اللجنة بالتفصيل والتي لم تبدأ فيها البعثة حتى الان ورهنها بتشكيل الحكومة. ويقول كنب، اذا تم ذلك وفقا لمصفوفة زمنية معلومة عندها نستطيع الحكم على البعثة.
إنحياز فولكر
ويرى الكاتب الصحفي محمد الماحي في حديثه لـ “أفريقيا برس” أن الأزمة السودانية التي يشهدها السودان منذ تغيير نظام الإنقاذ ظلت تتجدد عبر مراحل زمنية فكانت الخلافات الأولى بين شركاء التغيير في إثيوبيا ثم تلاحقت الخلافات بعد لقاء الإمارات الأمر الذي جعل الثوار بحسب الماحي ينظرون إلى هذه اللقاءات بمنظور مختلف عن قيادات المرحلة بمعنى إنهم خطفوا جهود الشباب، مستدلا بإهتمام القيادات بالإعتماد على الدعم الخارجي في الوقت الذي يروا فيه أن التغيير جاء بجهد شعبي خالص. وشدد الماحي على ضرورة أن يكون الحوار داخلي لحل الازمة ويضيف، وجود فولكر كان بطلب من حكومة حمدوك وبرغم الإختلاف أو الإتفاق حول نجاحه وفشله إلا أن الواقع يؤكد أن حكومة حمدوك إنتهت بعد قرارات البرهان في أكتوبر والأحداث التي صاحبتها ولذلك فولكر وبعثتته يعملون الآن في أجواء غير تلك التي أتت بهم، منبها إلى إنه حاول أن يتعامل مع جهة واحدة وبإنحياز كامل معها. ويقول الماحي إن فولكر فشل تماما في مهمته والتي في الأصل ذهبت مع حكومة حمدوك ويبقى الدور المهم لدولة مصر في السودان وذلك لعوامل عديدة أهمها بحسب الماحي الموقع الجغرافي للدولتين وكذلك الروابط التاريخية ، لكن هناك من يحاول وضع المتاريس أمام الجهود المصرية لحل الأزمة في السودان. وبالرغم من ذلك يقول الماحي إن مصر تقبى هي الأقرب لحل الازمة ليس بالحدود وحدها بل هي تتعامل بمفهوم الأمن القومي للبلدين والمصير المشترك، مشددا على ضرورة وضع استراتيجية لهذه العلاقات التاريخية والابتعاد عن كل مايمكن أن يعرض هذه العلاقات للمخاطر. وفي رده على سؤال عن أسباب الازمة يقول الماحي: تظل الأزمة السودانية مستمرة لرفض الرأي الآخر وعدم الاحتراف بالآخر، بجانب الخلافات الحادة بين الأحزاب وداخلها.
تقارير مضللة
ولم يختلف كثيرا عن الماحي، قال القيادي بحزب الأمة القومي عروة الصادق، لـ “أفريقيا برس” : إن دخول مصر على خط الأزمة أتى من باب أنها غير متواجدة في ملف التعاطي مع الأزمة السودانية الذي تيسر الآلية حواراته، وتقف الرباعية الدولية عليه، وتراقب عملياته، ويرى عروة إن مصر غيبت نفسها لأنها عمدا دعمت الانقلاب حيث يقول عروة أن قنصليتها في الخرطوم رفعت تقارير مضللة للإدارة المصرية جعلتها تدعم الانقلاب في 25 أكتوبر 2021، لذلك ترددت في دعم جهود الآلية عبر الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومؤسسات مصر الإعلامية، بل يقول عروة جعلت من أراضيها منصات تنطلق منها أنشطة هادمة للانتقالية ومسيئة للحكومة وداعمة للانقلاب. ويرى عروة أن مساعي الثلاثية تجري على قدم وساق بتيسير فعاليات أنشطة العملية السياسية وصولا للاتفاق السياسي، وقد وصلت جهود هذا الاتفاق بحسب عروة إلى انطلاق فعاليات الورش التحضيرية للمؤتمرات القضايا المؤجلة. ويقول عروة إن التماطل الذي يجري الآن أسبابه معلومة، حيث هنالك تأخر أطراف من الحركات المسلحة عن الالتحاق بالاتفاق الإطاري، وهناك قوى اقليمية كمصر تريد أن تدخل عناصر تأتمر بأمرها وتستمع لتوجهاتها وهو ما سيعيق العملية السياسية لأن هناك من صرح بأن أي عملية لا تستصحب مصر ستجهض. ويقول عروة إن أعمال البعثة رغم ما أحرزته من إيجابيات إلا أنها فشلت في جانب مهم وأساسي وهو حماية الانتقال والمدنيين الذين نصت اتفاقية التعاون معهم على ذلك، كما أن مكاتبها في مناطق الصراع بحسب عروة مقيدة الحركة نسبة للتوتر الأمني وربما أدى ذلك لانسحابها من تلك الأقاليم. وأضاف، هناك جانب التدريب والدعم التقني للمؤسسات الذي تأخر كثيرا واقتصر على بعض المؤسسات الاتحادية، فضلا عن قصور إعلامي للبعثة في السودان اقتصر على صفحة البعثة وبعض اللقاءات والمؤتمرات، وهو ما سهل الهجوم على البعثة وحشد الأصوات ضدها.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس