أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. أثار إعلان رئيس الوزراء كامل إدريس عن عزم بلاده تقديم مشروعات شراكة إلى السعودية بقيمة 100 مليار دولار جملةً من الاستفهامات، أهمها: ما طبيعة هذه المشاريع؟ وهل يمكن للسعودية إنعاش الاقتصاد السوداني عبر هذه المشاريع؟ وما العقبات التي تقف عائقًا أمام جذب الاستثمار الأجنبي في السودان؟
زيارة عظيمة
وصف كامل إدريس زيارته إلى السعودية بأنها “أعظم الزيارات”، مشيرًا إلى أنه قدم خلالها 100 مشروع شراكة بقيمة كلية تبلغ 100 مليار دولار. وأوضح أنه أبلغ السعودية بأن مستقبل البلدين في الشراكات المنتجة، مشددًا على أن استغلال كنوز البحر الأحمر، الذي يُعد ممرًا مائيًا استراتيجيًا وحيويًا، يمكن أن يجعل السودان والسعودية أغنى دولتين في العالم. وأضاف: “زيارة السعودية ركزت على مشاريع ذات جدوى عالية، وسترون في مقبل الأيام نتائجها”.
إمكانيات السودان
والمعلوم أن السودان يتمتع بعدد من الثروات الطبيعية، أبرزها المياه الجوفية العذبة التي تتمدد في اثنتين من أكبر البحيرات الجوفية في العالم. كذلك يملك السودان مياهًا سطحية تجري في عشرات الأنهار، فضلًا عن ثروة سمكية نيلية وبحرية يصعب تقديرها، وموانئ طبيعية تقع على شاطئ يُعد واحدًا من أطول الشواطئ على البحر الأحمر.
ويمتلك السودان أراضي زراعية خصبة ومناخات زراعية متنوعة، وغابات زاخرة بالتنوع الأحيائي البري، وثروة حيوانية هائلة، وحياة برية تعج بمختلف أنواع الحيوانات والطيور، ومعادن متنوعة مثل النحاس، والذهب، والبلاتين، واليورانيوم بكميات ضخمة.
خطوة محفزة
إلى ذلك وصف الخبير الاقتصادي د. عبد المنعم حميدة خطوة رئيس الوزراء بشأن المشاريع الاقتصادية التي طرحها للسعودية بالجيدة والمحفزة، وقال لموقع “أفريقيا برس” إن التصريح الذي أدلى به الدكتور كامل إدريس حول جذب الاستثمارات السعودية نحو السودان بحيث تتحقق الاستفادة للدولتين الشقيقتين يمكن أن نطلق عليه (جيد) و(محفز)، إذ إنه يدفع باتجاه الاستقرار الاقتصادي والتنمية الاقتصادية في السودان على المدى البعيد.
مستدركًا: ولكن هذا التصريح يبدو غير واقعي حاليًا، كما أنه يبدو إعلاميًا أكثر من كونه اقتصاديًا حقيقيًا، فالزيارة الأخيرة للسعودية لا أعتقد أن الزمن الذي استغرقته يسمح بطرح هكذا مشاريع.
كما قال حميدة إن الوفد الذي اصطحب السيد رئيس الوزراء للسعودية لم يرافقه وفد اقتصادي أو استثماري أو من رجال الأعمال والغرف التجارية.
ويرى حميدة أن طرح المشاريع الاستثمارية على الأجانب يحتاج إلى خطط وبرامج تدخل فيها جميع تفاصيل المشاريع المقترحة. وتابع: كل الدول لديها ما يسمى بـ(خرائط الاستثمار)، وأن الخارطة الاستثمارية عبارة عن كتيب شامل يحوي كل صغيرة وكبيرة عن مقترح المشروع المعني، ويشمل ذلك الموقع المقترح ورأس المال المتوقع والأرباح أو المنافع المتحققة مستقبلًا.
وتوصل عبد المنعم إلى أن “مائة مشروع استثماري بتكلفة مائة مليار جنيه يبدو هذا غير منطقيًا بالمرة”، متسائلًا: كيف استطاع متخذ القرار مساواة المائة بالمائة؟ بل كيف ومتى تم الإعداد لهذه المشاريع المقترحة بهذا العدد الضخم في وقت وجيز، وهو الوقت الذي تسلم فيه كامل إدريس رئاسة الوزراء؟
وبحسب عبد المنعم: لم نسمع بمؤتمر للاستثمار كانت من مخرجاته هذا العدد الضخم من المشاريع، كما أننا لم نسمع كذلك بمناقشة هذه المشاريع المقترحة في زيارة كامل إدريس الأخيرة للمملكة السعودية.
وأردف: كذلك لفت انتباهي إشارة كامل إدريس للسعودية في نفس التصريح حين قال (على ضوء ما يمتلكه السودان من موارد سيكون السودان والسعودية من أغنى دول العالم). فالجميع يعلم أن أرض السودان هي أرض الموارد والكنوز التي تحتاج إلى الاستغلال الأمثل، وأن السودان عجز عن استغلالها منذ الاستقلال، عكس السعودية التي استطاعت الاستفادة من مواردها بصورة مثلى وكاملة وأصبحت الآن على مصاف دول العالم ثراءً ورفاهية.
تخوف السعودية
مصدر حكومي فضّل حجب هويته قال لموقع “أفريقيا برس” إنه حتى الآن لم يجلس الجانبان السعودي والسوداني لدراسة تلك المشروعات والتباحث حولها، ولم يتخذ الجانب السعودي حتى الآن أي قرار بشأنها لأنه لم يدرسها بعد. مشيرًا إلى أنه من المبكر الحديث عن سؤال: هل ستنعش تلك المشروعات المقترحة الاقتصاد السوداني أم لا.
وبحسب المحلل السياسي عبد الباقي عبد المنعم، الذي تحدث لموقع “أفريقيا برس”، فإنه يصعب معرفة ما سيحدث في ظل توجس القطاع الخاص السعودي من الاستثمار في السودان، وعدم تنفيذ الحكومة السعودية ما سبق لها أن اتفقت عليه مع الحكومة السودانية من استثمارات زراعية تصل إلى مليون فدان، واستثمار مشترك في التعدين في البحر الأحمر.
لهذا، بحسب عبد الباقي، لا يجب البناء على ما طرحه الجانب السوداني فقط، بل يجب معرفة مدى تقبل الجانب السعودي لها، ومن بعدها ـ يقول عبد الباقي ـ ندرس الآثار المتوقعة لهذه الاستثمارات على الاقتصاد السوداني.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس
            




