هل يوحد هدف القضاء على الثورة، الإسلاميين والعسكر؟

35
هل يوحد هدف القضاء على الثورة، الإسلاميين والعسكر؟
هل يوحد هدف القضاء على الثورة، الإسلاميين والعسكر؟

أفريقيا برس – السودان. بالتزامن مع تظاهرة لأنصار النظام السابق، أمام مقر بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي «يونيتامس» طالبت بمغادرة البعثة، وعدم التدخل الأجنبي في الشأن السوداني، وصف المجلس السيادي الذي كونه قائد الانقلاب عبد الفتاح البرهان، نشاط بعض البعثات الدبلوماسية والسفارات – لم يسمها- بأنها انتهاك للأعراف الدبلوماسية وسيادة البلاد.

وعقب انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من تشرين الأول/اكتوبر الماضي، عاد عدد من المحسوبين على النظام السابق للخدمة المدنية.

وأعلن المجلس السيادي الذي كونه البرهان في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، تعيين القيادي الإسلامي السابق أحمد إبراهيم مفضل، مديراً جهاز المخابرات العامة، ضمن مجموعة من التعيينات والتنقلات والإعفاءات في الأجهزة الأمنية.

وبالتزامن، أعاد قائد الجيش، هيئة العمليات بجهاز المخابرات العامة، وصلاحيات القبض والاعتقال والاستجواب والتفتيش التي جمدتها الحكومة الانتقالية.

وشغل مفضل منصب والي ولاية جنوب كردفان جنوبي السودان، وكان رئيس حزب المؤتمر الوطني بنفس الولاية في العام 2018.

فيما أصدرت وكيلة وزارة العدل المكلفة مؤخرا هويدا عوض الكريم الخميس، قرارا أعاد مفصولين، أعفتهم لجنة تفكيك وإزالة تمكين نظام 30 حزيران/يونيو 1989 واسترداد الأموال العامة – نظام الرئيس السابق عمر البشير.

ونص القرار الذي أصدرته الوكيلة بالرقم 9 لسنة 2022 الخاص بطلب مراجعة فتوى المحامي العام لجمهورية السودان رقم 64/2021 حول طبيعة قرارات لجنة تفكيك نظام الثلاثين من حزيران/يونيو 1989 واسترداد الأموال العامة بطلب من محافظ بنك السودان المركزي والخاص بالقرار رقم 492/2021 بإنهاء خدمة موظفين مذكورين فيه.

وأعلن قائد الجيش، عقب الانقلاب تجميد عمل لجنة إزالة التمكين، التي شكلتها الحكومة الانتقالية لتفكيك نظام الرئيس السابق عمر البشير، الذي أطاحت به ثورة شعبية في العام 2019 بعد 30 عاما سيطر خلالها على الحكم.

والأربعاء، تظاهر المئات من أتباع النظام السابق الموالين للعسكر، أمام مباني بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال الديمقراطي في البلاد بالخرطوم.

وطالب المتظاهرون بطرد البعثة الأممية من البلاد وعدم التدخل الأجنبي في الشأن السوداني، مشددين على الحفاظ على السيادة الوطنية، حسب المطالب التي أعلنوها، في بيان أطلقوا عبره مبادرة أسموها، سودانيون من أجل السيادة الوطنية.

فيما تمضي، عملية المشاورات غير المباشرة لحل الأزمة السودانية التي أطلقتها البعثة الأممية نحو أسبوعها الثالث، حيث التقت بعدد من الأحزاب والمجموعات المدنية الفاعلة شملت نساء وشبابا.

وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان فولكر بيرتس في تغريدة على حسابه في تويتر، إن المظاهرات أمام مقر البعثة الأربعاء الماضي، نظمها حزب المؤتمر الوطني وأصدقاؤه.

وقالت البعثة الأممية، في بيان الأربعاء، إن مجموعة من المتظاهرين نظموا تظاهرة أمام مقر البعثة بالخرطوم، وطالبوا بطردها.

وأكدت «يونيتامس» أنها تدافع عن حرية التجمع والتعبير وعرضت عليهم استقبال وفد في مقرها لكنهم رفضوا ذلك، مشيرة إلى أنها موجودة بناءً على طلب السودان وبتفويض واضح من مجلس الأمن وفق القرار رقم 2524.

وتعد التظاهرات الأخيرة، أول نشاط علني بارز لأنصار النظام السابق، منذ سقوطه في نيسان/أبريل 2019 وتجميد نشاط حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقا.

وفي كانون الأول/ديسمبر 2018 انطلقت الثورة السودانية التي أطاحت بنظام البشير، عبر احتجاجات في مدن السودان المختلفة قتل خلالها العشرات، انتهت باعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة، في نيسان/أبريل 2019.

ورجح الصحافي والمحلل السياسي ماجد محمد علي أن يكون هناك اتفاق بين المجلس الانقلابي والمؤتمر الوطني، في إطار مواجهة استمرار الثورة وإصرار الشارع على استعادة المسار الديمقراطي، بجانب مقابلة الجهود الدولية الضاغطة والداعمة لمطالب الشعب.

وأشار إلى أن هذه التحركات ستؤدي لتشديد القبضة الأمنية وتوسيع دائرة المواجهة بين الانقلاب والشعب، بحيث تنتقل من الشارع إلى مساحات أكبر.

ولفت علي إلى أن كل المؤشرات تذهب إلى أن التحالف بين العسكريين والمؤتمر الوطني تكتيكي، لكنه قد يتحول إلى تحالف استراتيجي حال تم كسر المقاومة في الشارع وإفشال مبادرة الأمم المتحدة للحوار بجانب اختراق الموقف الأفريقي الداعم للمدنية.

ورأى أن المبادرة التي تتبناها الأمم المتحدة تحظى بدعم دولي كبير، والذي يقدم ضمانات دولية قوية على تنفيذ ما يتم التوصل إليه من اتفاق بين الأطراف السودانية من دون تلاعب أو التفاف، ورجح أن يكون ذلك سبب استهداف الأمم المتحدة ومبادراتها.

وقال علي إن طرق استهداف المبادرة الأممية قد تتعدد بما يشمل طرح مبادرات محلية شبيهة ورفع درجة العنف والقمع ضد المتظاهرين السلميين بما يدفعهم لرفض الحوار تماما.

من جانبه، يرى المحلل السياسي أنور سليمان، وجود علاقة اعتماد تبادلي واضحة بين أنصار النظام السابق والعسكر، على خلفية علاقة طويلة عمرها أكثر من ثلاثة عقود هي مرحلة حكم الإسلاميين، مشيرا إلى أنه في تلك الفترة كان من المستحيل رؤية حدود فاصلة بين تنظيم الحركة الإسلامية والجيش والقوات النظامية بصفة عامة. وأضاف: «كلها كانت تبدو ككيان واحد (الحركة الإسلامية والقوات النظامية)».

ولفت إلى أن الإسلاميين في هذه المرحلة يريدون من العسكر أن يحموا ظهرهم من الملاحقات ومن تفكيك التمكين المالي والوظيفي لكوادر تنظيم المؤتمر الوطني على حساب الدولة، وبالمقابل يحاول الإسلاميون توفير حاضنة سياسية وقبول شعبي للحكم العسكري الانقلابي.

ورجح سليمان أن تكون العلاقة بين العسكر والإسلاميين، علاقة تكتيكية مرحلية، مشيرا إلى أن الطرفين ليس لهما خيار غير الاعتماد على بعضهما في هذا التوقيت، الأمر الذي قد يتغير في المرحلة المقبلة.

ورأى أن الهجوم وانتقاد البعثة الأممية هو محاولة لتقليل الضغط الدولي على السلطة الانقلابية ولتقليل أثر أو إفشال مبادرة يونيتامس الرامية لاستئناف المسار الديمقراطي واستئناف الانتقال المدني، مشيرا إلى أن أهداف المبادرة الأممية لا تتوافق مع ما يريده العسكر والإسلاميون.

وقال سليمان إن العسكر وحلفاءهم الإسلاميين عادوا لنفس الطريقة التي كان يدير بها النظام السابق علاقته بالمجتمع الدولي وبالغرب خاصة وأنهم استأنفوا إجراءات النظام السابق في الصدد من حيث انتهت.

وأضاف: «ليس مستبعداً أن نسمع انتقادات شديدة من طرف السلطة الانقلابية للبعثة الأممية أو لسفارات غربية واتهامات للأخيرة بانتهاك سيادة السودان والتدخل في شؤونه الداخلية».

وتابع: يمكن أن نرى إجراءات طرد لدبلوماسيين وإغلاق بعثات وسفارات، مشيرا إلى أن هذا المسار سيقود لإعادة السودان إلى مربع الحصار والعقوبات الاقتصادية والدبلوماسية.

وأكمل: ستواصل السلطة الانقلابية التصعيد الخارجي بالتوازي مع التصعيد الداخلي والتنكيل بالمتظاهرين وقتلهم.

ولجهة أن الأوضاع الاقتصادية في البلاد لا تحتمل مثل هذا التصعيد ضد المجتمع الدولي، رجح سليمان أن يكون قادة الانقلاب تلقوا وعوداً بدعم من جهة ما إقليمية أو دولية تدعم الانقلاب.

وأضاف: قادة الانقلاب ليس لديهم خيار غير الاعتماد على تلك الوعود أو الدعم الذي ربما تلقوه، مشيرا إلى أنهم يخوضون معركة بقاء شاقة وعسيرة في ظل الرفض الداخلي الواسع وعدم ترحيب دولي وغربي بالانقلاب.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here