أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. بشكل مفاجئ، أعلن قائد قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة، أبو عاقلة كيكل، انضمامه إلى صفوف الجيش السوداني. في بيان لها، رحبت القوات المسلحة بهذه الخطوة ووصفتها بالشجاعة، مؤكدةً أن أبواب الجيش ستظل مفتوحة لكل من ينحاز للوطن.
من هو كيكل؟
يُعد أبو عاقلة كيكل من أبرز قيادات الدعم السريع، حيث لعب دورًا كبيرًا في توسيع نفوذ قوات الدعم السريع إلى ولايات الوسط مثل الجزيرة، سنار، والنيل الأبيض. يتمتع كيكل بشعبية كبيرة، خصوصًا في شرق ولاية الجزيرة، ما أدى إلى انضمام العديد من أبناء المنطقة إلى قوات الدعم السريع بفضل كاريزمته وشخصيته المؤثرة. لذا، فإن انضمامه إلى الجيش يمثل ضربة موجعة لقوات الدعم السريع.
سيطرت قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة منذ مطلع يناير 2024 عقب انسحاب الجيش السوداني، وقامت بتشكيل إدارة مدنية. إلا أن هذه الإدارة فشلت في تحقيق أهدافها، حيث لم توفر الأمان لسكان الجزيرة. بل شهدت المنطقة أعمال عنف شديدة من قبل قوات الدعم السريع، تضمنت مجازر وعمليات نهب واغتصاب، مما زاد من معاناة سكان الجزيرة.
بعد إعلان أبوعاقلة كيكل انضمامه للجيش، رصدت “أفريقيا برس” تسلل عدد من أفراد الدعم السريع إلى محلية شرق النيل بولاية الخرطوم، حيث يُرجح أنهم رفضوا خطوة انحياز كيكل للجيش. قابلت قوات الجيش هذا التحرك بملاحقة جوية، أدت إلى تدمير عدد من مركباتهم القتالية.
عملية انتحارية
يرى المحلل السياسي محمد عبد الجبار أن انحياز أبوعاقلة كيكل للجيش السوداني يعزز من فرص تحرير ولاية الجزيرة بسرعة، نظرًا لنفوذ كيكل الواسع في المنطقة، خصوصًا في محلية شرق الجزيرة التي ينتمي إليها. ويشير عبد الجبار إلى أن هذا التحرك قد يشجع بقية أفراد الدعم السريع المتواجدين في الجزيرة على الانضمام للجيش، مما يسهم في تعزيز سيطرة الجيش واستعادة الاستقرار في المنطقة.
وقال عبد الجبار لـ”أفريقيا برس”، إنّ قوات الدعم السريع ستجد صعوبة في التعايش مع سكان الجزيرة؛ بسبب رفض سكانها الواسع لها، وخصوصاً بعد انضمام كيكل للجيش. وأوضح أن سكان الجزيرة كانوا يتفاعلون إيجابياً مع كيكل، مما سيجعل قوات الدعم السريع فاقدة للبوصلة وتواجه مزيداً من التحديات في ظل هذا الانحياز، ما قد يعجل برحيلها من المنطقة.
عبد الجبار يرى أن انحياز كيكل للجيش سيترك أثرًا نفسيًا وعسكريًا كبيرًا على ما تبقى من قوات الدعم السريع، ويضيف أن أمامهم خيارين لا ثالث لهما: إما الاستسلام والانضمام للجيش أو الانخراط في عملية انتحارية لمواجهة القوات العسكرية التي تحاصر ولاية الجزيرة من جميع الجهات.
لقمة سائغة
الخبير العسكري اللواء الركن المتقاعد عبدالغني عبد الفراج عبدالله صرّح لـ”أفريقيا برس” بأنه مع انحياز كيكل، ستصبح ولاية الجزيرة خالية من أي ميليشيات دون الحاجة إلى قتال. وأشار إلى أن قوات الدعم السريع ستصبح محاصرة بشكل محكم، مما يجعلها “لقمة سائغة” للقوات المسلحة. وأضاف عبد الفراج أن الهروب قد يعرض أفرادها للهلاك بسبب سيطرة القوات الجوية على المنطقة، مؤكدًا أن الخيار الأفضل المتبقي لهم هو إلقاء السلاح والاستسلام.
الخبير العسكري عبدالغني يؤكد أن الجيش مصمم على تحرير الجزيرة، رغم العقبات، وخاصة مع وجود قناصات في مداخل مدني. وأضاف أن التقدم يسير وفق خطة محكمة، قد يبدو بطيئًا لكنه متماسك ويتماشى مع الأهداف المراد تحقيقها.
فيما يتعلق بمحاور تحرير الجزيرة، أوضح عبدالغني أن المحور الشرقي يتطلب دقة عالية بسبب وجود العديد من الموانع التي تحتاج للتأمين بعد السيطرة عليها، وهذا يستلزم دخول عناصر إضافية. أما المحورين الجنوبي والغربي، وبالنظر إلى أهمية مشروعي الجزيرة والمناقل ووجود الكباري، فإن السيطرة تتطلب أيضًا عمليات تأمين مماثلة. أشار عبدالغني إلى أن محور المناقل تمركز سابقًا في قرية ود ربيعة لفترة، حيث نفذ عمليات ناجحة قبل العودة لمواقعه الأصلية، بينما يسير المتحرك الجنوبي بنفس النهج لتحقيق أهداف الخطة.
عبدالغني يرى أن واضعي خطط التحرير في الجزيرة هم الأدرى بتفاصيلها، مشيراً إلى أن وجود الفريق أول الكباشي في محاور الجزيرة خلال الأيام الماضية يمثل دفعة معنوية كبيرة للجيش. كما أضاف أن وجود الكباشي يسهم في معالجة التحديات بسرعة، ويقدم حلولاً لكل العقبات، ما يدعم تحقيق النجاح الكامل وفق الخطط الموضوعة.
مؤشرات التحرير
المحلل السياسي الفاتح محجوب، في حديثه مع “أفريقيا برس”، يرى أن انحياز أبو عاقلة كيكل وتقدّم الجيش السوداني في محاور متعددة يشير إلى اقتراب تحرير ولاية الجزيرة وولاية الخرطوم. ومع ذلك، استدرك محجوب مشيراً إلى أن مقاومة قوات الدعم السريع قد تستمر لفترة أسبوع أو أسبوعين قبل أن تنهار بشكل كامل.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس