أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. في مسعاه نحو تحقيق السلام في السودان، شكل الاتحاد الأفريقي آلية رئاسية رفيعة المستوى بقيادة رئيس الدورة الحالية لمجلس السلم والأمن الأفريقي الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، وعضوية رئيس من كل منطقة من مناطق القارة الأفريقية الخمس، بهدف ترتيب اجتماع مباشر بين قيادة طرفي حرب السودان للتفاوض على وقف عاجل لإطلاق النار.. فهل سيلعب الرئيس الأوغندي دورا مها في جمع الفرقاء السودانيين؟ وهل تدخل موسيفيني بهدف إنقاذ حميدتي سيما إنه كانت تربطه علاقة معه في بداية الأزمة؟ أم جاء تدخل موسيفيني هذه المرة لحل الأزمة السودانية؟
دلالات سياسية
القيادي بحزب الأمة القومي عروة الصادق غير متفائل بتحقيق موسيفيني إختراقا في الأزمة السودانية، إذ قال لـ”أفريقيا برس”؛ “في حال انطلاق موسيفيني لوحده حتما سيفشل”، مستدركا “ولكنه مفوض من خلفية اجتماع واجماع لمجلس السلم الإفريقي”، ولفت إلى “أن تدخل الاتحاد الأفريقي في حل الأزمة السودانية يحمل دلالات سياسية وأمنية مهمة وجيوسياسية أيضا”، مؤكدا “أن تدخله في حل الأزمة السودانية يعكس جهوده في تحقيق الأمن والسلام في القارة الأفريقية وتعزيز القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان”.
وتابع الصادق “يسعى الاتحاد الأفريقي لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني في القارة، وبالتالي فإن تدخله في حل الأزمة السودانية يعتبر جزءاً من جهوده للحفاظ على الاستقرار في المنطقة. وهو مسعى يمكن أن يساهم في استعادة الديمقراطية وحقوق الإنسان في السودان، ومن خلاله يمكن لموسفيني النجاح في دعم عملية انتقال سياسي سلمي واستئناف الحوار بين الأطراف المتصارعة والتدخل بقوة في حل الأزمة السودانية”.
كما قال الصادق إنه “يمكن للاتحاد الأفريقي أن يبرهن على قدرته في التدخل الفعال في القضايا الداخلية للدول الأعضاء، وبالتالي يمكن أن يزيد من هيبته كهيئة إقليمية”.
ويرى الصادق أن “الاتحاد الافريقي هذه المرة يريد أن يعكس تدخله في حل الأزمة السودانية التزامه بمبدأ تحقيق الوحدة الإفريقية وتحقيق التعاون والتضامن بين دول القارة الإفريقية، لتجاوز الخلافات التي كادت أن تعصف بوحدة الكيان الأفريقي ومؤسساته وليس ببعيد الخلاف الذي نشب على خلفية دعوة الإيقاد لحميدتي، في ذلك ليس للاتحاد عصا غليظة لاستخدامها إلا التوصية لمجلس الأمن الدولي بالتدخل بموجب الفصل السابع”،مستدركا “ولكن للاتحاد الأفريقي محفزات أهمها فك عزلة النظام القائم في بورتسودان حال مضيه نحو اتفاق سلام عادل وشامل”.
وتابع الصادق “مهما امتلك موسيفيني من مؤهلات وعلاقات مع الغرب و”إسرائيل”، ليس بمقدوره حمل الطرفين على شيء ولكنه يتحرك من منطق التفويض الأفريقي الذي بينت مراميه آنفا لذلك التعويل على التفويض الأفريقي وليس على شخص الرئيس”.
دولة براغماتية
وفي رده على سؤال، ما مدى تاثير تأييد موسيفيني لحميدتي على حل الأزمة السودانية؟ وهل يريد الرئيس الأوغندي إنقاذ قائد قوات الدعم السريع أم أنه تدخل لحل الازمة؟ يجيب عروة قائلا “يوغندا دولة براغماتية وتاريخها السياسي يوضح أنها تعاملت في كثير من الحقب مع الحكومة والمعارضة، فهي التي استضافت لفترات الراحل جون قرنق، وهي التي قدمت الرئيس المخلوع للتطبيع مع “إسرائيل”، لذلك لا أعتقد أن قرب العلاقة أو بعدها من قائد الدعم السريع لها علاقة بما سيحدث لأن التفويض أتى من الاتحاد الأفريقي الذي كان قد فوض الرئيس الكيني الذي رفض الجيش وساطته وأساءها وقتئذ مساعد قائد الجيش”.
واضاف الصادق “الآن هي مبادرات الاتحاد الافريقي ذاتها، ولكن برئيس جديد وهو الرئيس موسيفيني لأن عمر قيلي رئيس جيبوتي رفض الدخول في الأمر لما وجده من احراج سابق”.
وتابع الصادق “اذا اتجه الجميع نحو المفاوضات بصدق حتما ستحقق مقاصدها أما إذا اتخذت للمناورة فسوف نخسر وقتا وجهدا وأرواحا ودمار كبيرا للبلاد وتخريبا وتهريبا لمواردها وربما انقساما وتدخلا دوليا”.
دبلوماسية ماكرة
أما المحلل السياسي مجدي عبدالقيوم كنب يقول لموقع “أفريقيا برس” إن “تحركات الاتحاد الأفريقي في هذه المنابر يمكن إدراجها تحت الدبلوماسية الماكرة والمخادعة والتي هي ركن اساسي في إستراتيجية الجيل الرابع من الحروب، وهي تهدف لإدارة الأزمة وليس حلها، لذلك ليس هناك أي منبر يمكن التعويل عليه، والقضية ليست متصلة بضعف هذه المنابر وعدم امتلاكها آليات لتنفيذ قراراتها مع أن هذا صحيح”، مستدركا “لكن هذه الحروب في كل المنطقة هي جزء من الإستراتيجية الغربية وبالتالي حلها مرتبط بمدى إنفاذ الأهداف الموضوعة”.
وتابع كنب “الرئيس يوري موسيفيني له ثقله الشخصي كرجل متمرس وضليع وصاحب قدرات إضافة إلى أنه عرّاب السياسة الأمريكية في أفريقيا، ومع ذلك لا أظنه سينجح في مهمته وتكليفه لا يعدو كونه أكثر ارتباطا بأمريكا سواء الإدارة أو CIA”.
ويرى كنب أن “أوغندا كانت قريبة من حميدتي ليس لارتباطات شخصية إنما لأن سيناريو الحرب في السودان هو مشروع أمريكي في الأساس، لذلك من الطبيعي أن تكون أوغندا أقرب لحميدتي على خلفية ما أشرنا إليه حول موسيفيني وعلاقته بأمريكا”.
ويضيف كنب بالقول “واضح أن الجيش يحقق تقدما في الميدان والدعم السريع يتراجع على جميع المستويات عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا، وربما يكون ذلك نتيجة ضغوط من الجهات التي كانت تدعمه بسبب تسليط الضوء والحديث صراحة حول دورها في الحرب وخشيتها من آثار ذلك”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس