يوسف الشنبلي: التنمية العادلة وخطة شاملة لإنقاذ السودان

8
يوسف الشنبلي: التنمية العادلة وخطة شاملة لإنقاذ السودان
يوسف الشنبلي: التنمية العادلة وخطة شاملة لإنقاذ السودان

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. في حواره مع «أفريقيا برس» أكد يوسف الصادق هارون الشنبلي، القيادي بحزب الأمة القومي، أن نجاح حكومة إدريس مرهون باختيار كفاءات حقيقية وتوزيع التنمية والسلطة بشكل عادل بين المركز والولايات. وقال إن تقليص الوزارات خطوة إيجابية لتقليل الصرف البذخي وتحويل الموارد للتنمية.

وأضاف الشنبلي أن على رئيس الوزراء توسيع المشاورات والانفتاح على جميع الولايات. وشدد على أهمية تطبيق الفيدرالية ودعم الزراعة والصناعة والاستفادة من تجارب الدول المجاورة، مؤكدًا أن الإنقاذ الحقيقي يتطلب خطة مدروسة وبرنامجًا جامعًا ينهض بالسودان من أزماته الراهنة.

ما رأيك في فكرة كامل إدريس، إذ بحسب مصادر سيطرح حقائب الوزارات للتنافس العام؟

فكرة طرح الحقائب الوزارية للتنافس العام فكرة غير عملية وخطوة غير موفقة وبدعة جديدة في العمل السياسي، وكما وصفها البعض بأنها تشبه «مزاد البيع العلني»، ولن تأتي بنتائج إيجابية في هذا الظرف العصيب الذي تمرّ به البلاد، وتفتح الباب لكل صاحب طموح سياسي لأن يقدّم نفسه وقد لا تحقق العدالة في توزيع الوزارات، إذ يمكن أن تأتي جميع الترشيحات من ولاية واحدة أو من دول المهجر، والبلاد في هذه المرحلة لا تحتاج لأصحاب الشهادات العليا فحسب، بل تحتاج إلى الكفاءات والخبرات المجرّبة والمؤهلة والتي لها سابق تجربة عملية وسبق لها أن عملت في البلاد وتدرّجت في الخدمة المدنية إلى أن وصلت إلى الدرجات القيادية العليا في مجال تخصّصها العلمي والعملي المحدد.

بل كان يجب على رئيس الوزراء أن يحدّد آلية يختار بها الكفاءات، مثل أن تأتي الترشيحات من الكتل السياسية المختلفة في البلاد كالتنظيمات السياسية والكتلة الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات المهنية المختلفة وأساتذة الجامعات وغيرهم من منظمات فكرية معروفة في البلاد.

ويُحمد لرئيس الوزراء أنه حدّد معايير عامة لهؤلاء الوزراء، وهي عدم الانتماء الحزبي والابتعاد عن المحاصصة الحزبية، وكذلك اعتماد شرط الخبرة والكفاءة والنزاهة وغيرها من المعايير التي حدّدها رئيس الوزراء في خطابه الأخير. ومعلوم للجميع أن الفترات الانتقالية تحكمها أربع مؤسسات: الخدمة المدنية، والسلطة القضائية، والكفاءات الوطنية، والقوات النظامية.

لماذا تأخر كامل إدريس في تشكيل حكومته طيلة الفترة الماضية؟

التأخير سببه المشاورات التي انخرط فيها رئيس الوزراء، ولكنه للأسف الشديد حصرها في أطراف محددة وهي مجلس السيادة وحركات الكفاح المسلح، والتي للأسف الشديد تتمسك بأهم سبع وزارات محددة وتريد أن تبقي عليها ولا ترغب إطلاقًا في مغادرتها ولا حتى استبدالها بوزارات أخرى، علمًا بأن هذه الحركات تتقلد هذه الوزارات لفترة زادت على خمسة أعوام بموجب اتفاقية سلام جوبا التي كان أحد مهندسيها قائد الدعم السريع وقيادات من تحالف «تأسيس» حليف الدعم السريع. والمدهش أن حركات الكفاح المسلح لا ترغب حتى في تغيير هذه الوزارات بغيرها من وزارات كالصحة والتربية والتعليم والإعلام، وإنما تصر على وزارات محددة في هذه الفترة الانتقالية التي تعيش فيها البلاد ظروفًا استثنائية حرجة وبالغة التعقيد. وإن لم تتخلَّ هذه الحركات عن هذا الموقف المتعنت فإن ذلك سوف يؤدي إلى فشل هذه الحكومة. ورئيس الوزراء تحدّث عن عدم المحاصصة الحزبية، فكيف يستقيم ذلك وحركات الكفاح المسلح ما زالت مصرّة ومتمسكة بأهم سبع وزارات؟ وإذا فشلت في هذه الوزارات السبعة فإن ذلك الفشل سوف يؤدي إلى فشل الحكومة ككل ورئيس الوزراء. ونأمل أن يتم تشكيل الحكومة في أسرع وقت لأن البلاد تعيش في ظل فراغ دستوري امتدّ لأكثر من عامين ويزيد، مما تسبب في التدهور الاقتصادي الكبير الذي تعيشه البلاد، ولن ينصلح الحال إلا بالإسراع في تشكيل هذه الحكومة التي يجب ألا تطول مدتها، لأن الشرعية في البلاد لا تُحسم إلا بالانتخابات الحرة النزيهة التي طال انتظارها لأكثر من خمسة أعوام ويزيد، وهي الآلية الوحيدة لحسم الصراع على السلطة.

حكومة الأمل كما أطلقها كامل إدريس… هل يمكن أن تُخرج البلاد من أزماتها؟

هذه الحكومة سوف تنجح إذا التزمت بما وعدت به الجماهير من اختيار كفاءات وخبرات وطنية حقيقية، وإذا تم منحها الصلاحيات الكافية من غير تدخل أو وصاية من أي جهة أخرى، هذا بجانب ترتيب الأولويات والتركيز على تقديم الخدمات للمواطنين من مياه وكهرباء وصحة وتعليم وتوفير معاش الناس وتمويل الزراعة وتعمير كل البنى التي دمرتها الحرب، وكذلك محاربة الفساد وتفعيل الأجهزة الرقابية والقضائية والتركيز على مفوضية مكافحة الفساد والخدمة المدنية وديوان المراجع العام والتقييم اليومي والشهري لأداء كل الوزراء وكافة المسؤولين في الدولة، بجانب ترشيد الصرف الحكومي على الوزارات، ولو تم ذلك في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد.

تقليص الوزارات في حكومة إدريس إلى ٢٢ وزارة.. ماذا يعني لكم؟

تقليص الوزارات في هذه الحكومة يُعتبر خطوة إيجابية مهمة، لأن الترهل الإداري في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد كان من أسباب الفشل في الفترة السابقة، وهذا العدد الكبير من الوزارات كان الهدف منه المحاصصة الحزبية والترضيات في الحكومة السابقة. وتقليص هذه الوزارات يمكن أن يوفر للبلاد الكثير من الأموال والصرف البذخي الذي يمكن أن يُحوّل إلى التنمية والخدمات، والبلاد أحوج ما تكون إلى هذه الأموال بعد الخراب والدمار الذي حدث في هذه الحرب. والأفضل أن يتم دمج عدد من الوزارات مع بعضها البعض أو إنشاء مجالس أو مفوضيات لتكون أقل تكلفة من هذه الوزارات، وهذه الخطوة سوف تقلل الصرف الحكومي وتوفّر أموالًا كانت تُصرف على منسوبي هذه الوزارات.

إن كان هنالك ثمة رسالة لرئيس الوزراء.. ماذا تقول له؟

يجب عليك أن تطبّق مبدأ الفيدرالية واللامركزية في الحكم وأن تنفتح على الولايات، وأن تُمثّل كل الولايات في الحكومة المركزية، وأن توزّع التنمية بين المركز والولايات توزيعًا عادلًا للسلطة والثروة. وإذا أردت أن تشيّد 18 مصنعًا فليكن ذلك في 18 ولاية، وأن تركّز على دعم الزراعة والصناعة، وأن تستفيد من تجارب الدول المجاورة وخاصة دولة مصر العربية في الكهرباء والمواصلات والبنى التحتية المختلفة، وأن تُسخّر علاقاتك مع المجتمع الدولي من أجل دعم السودان والاستثمار فيه وتطويره، وأن توسّع المشاورات لتشمل الجميع، وأن تقف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية، وأن تبتعد عن الشللية، وأن تحدّد برنامج الحكومة وتأخذ كل الأفكار والمبادرات التي تسهم في إخراج البلاد من هذا المنعطف الخطير.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here