بقلم : بدرالدين خلف الله
افريقيا برس – السودان. وضع اتفاق إعلان المباديء الذي تم توقيعه بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية شمال فصيل عبد العزيز الحلو الساحة السياسية السودانية أمام سيناريوهات مفتوحة للمواجهة السياسية والفكرية، ضد المشروع العلماني الذي تحاول الحركة الشعبية وقوى اليسار المتحالفة معها جعله شرطاً لمعالجة الأزمة السودانية عبر هيكلة الدولة السودانية وفصل الهويات الثقافية والإثنية والدينية عن الدولة في إشارة إلى أن لاتتبنى الدولة ديناً رسمياً. وفي المقابل يحاول المكون العسكري تحقيق انتصار سياسي جديد يفضي إلى استكمال مشروع السلام في ملفي دارفور و النيل الأزرق وإنْ كان على حساب أكثر القضايا تعقيداً.
حساسية علمانية الدولة أثارت جدلاً واسعاً حول الاتفاق حيث وجد الاتفاق ترحيباً من مجلس الشركاء ومن قوى سياسية ترى أن الاتفاق يسهم في إكمال ملف السلام ويمهد لاتفاق شامل مع كافة القوى السياسية. فيها رفضته مكونات وأحزاب سياسية وتيارات إسلامية مختلفة لوحت بمناهضته بسبب أن الأمر متعلق بالمؤتمر الدستوري وليس من مهام الفترة الانتقالية. ورغم الترحيب الكبير بالاتفاق إلّا أن المخاوف لا تزال قائمة تُنذر بتصعيد جديد يعصف بقضايا الفترة الانتقالية وسياساتها تجاه قضية السلام.
أبرز بنود الاتفاق
جاء في المادتين ۳-٣ من الاتفاق تأسيس دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية في السودان تضمن حرية الدين و حرية الممارسات الدينية والعبادات لكل الشعب السوداني وذلك بفصل الهويات الثقافية و الإثنية و الدينية و الجهوية عن الدولة وأن لا تفرض الدولة ديناً على أي شخص ولا تتبنى ديناً رسمياً و تكون الدولة غير منحازة فيها يخص الشؤون الدينية وشؤون المعتقد والضمير كما تكفل الدولة و تحمي حرية الدين و الممارسات الدينية ، على أن تُضمن هذه المبادي في الدستور. كما يجب أن تستند قوانيين الأحوال الشخصية على الدين و العرف و المعتقدات بطريقة لا تتعارض مع الحقوق الأساسية. كما تم التوافق على إسقاط النص على حق تقرير المصير والحكم الذاتي للمنطقتين.
ترحيب بالاتفاق
رحب مجلس شركاء الفترة الانتقالية باتفاق المبادئ بين الحكومة والحركة الشعبية وقال المجلس في بيان له إن الاتفاق يعتبر خطوة إيجابية في اتجاه المرحلة الثانية من السلام و التي وضعت إطاراً مهماً للسلام وأضاف البيان أن المجلس أمن على الدروس المستفادة من اتفاق جوبا.
حزب الأمة القومي
أعلن حزب الأمة القومي ترحيبه بخطوة توقيع إعلان المبادئ بين الحكومة والحركة الشعبية وقال الحزب في تعميم صحفي ، إن الإعلان الذي وقع يمثل خطوة إيجابية مهمة لإستكمال مطلوبات السلام ووقف الحرب وتحقيق الأمن والاستقرار وأضاف الحزب أنه يرحب بالخطوة وسيعلن موقفه الرسمي حول تفاصيل الإعلان عبر مؤسسات المعنية لاحقا.
بعثة يونتاميس
رحبت بعثة یونیتامیس باتفاق اعلان المبادئ وقال فولكر بيرتيس في تغريدة على صفحته الرسمية أهمية الخطوة لتحقيق السلام الشامل “وأضاف” مبروك للسودان على إعلان المبادئ اليوم بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو خطوة مهمة نحو سلام بجانب عدد من المكونات السياسية السودانية التي رحبت بالاتفاق ووصفته بالمهم في إستكمال استحقاقات السلام وطي صفحة الحرب.
رفض واسع
كما وجد الترحيب آثار أيضاً اتفاق المبادئ الموقع بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية في العاصمة جوبا موجة انتقادات و تحذير من خطورة الخطوة في تماسك الفترة الانتقالية.
المؤتمر الشعبي
أعلن حزب المؤتمر الشعبي رفضه التام لاتفاق المبادئ الموقع بين البرهان والحلو في مدينة جوبا. و حذر الحزب في بيانه الذي تلقى موقع أفريقيا برس نسخة منه من أي محاولة لاقصاء الدين عن الحياة العامة يمكن أن تقود لتمزيق اجتماعي وإفساد لحياة الشعب السوداني.
الحزب الشيوعي
رفض الحزب الشيوعي السوداني اتفاق المبادئ و قال الحزب في بيان صادر إن الاتفاق من اختصاص الحكومة المدنية و ليس العسكرية و أكد عضو الحزب الشيوعي السوداني كمال كرار أن الاتفاق على عملية السلام متوقعاً الأخطاء التي صاحبت اتفاق جوبا وأضاف أن ماتم من اتفاق لايسمن ولايغني من جوع.
اتحاد الأئمة
كما أصدر اتحاد الأئمة والدعاة بياناً شديد اللهجة وقال الاتحاد في بيانه إن الفريق عبدالفتاح البرهان رئيس المجلس الانتقالي تجاوز حدود ما أنزل الله وذلك بتوقيعه على ما يُسمى بإعلان المباديء و الذي ينص على فصل الدين عن الدولة وهو المعروف بنظام العلمانية.
هيئة شؤون الأنصار
كما رفضت هيئة شؤون الانصار اتفاق المبادئ بين الحلو و البرهان وقالت الهيئة في بيان لها إن الدين الإسلامي لا يقر الاكراه و لا يفرض شعائره و أحكامه على غير المؤمنين به، وبنفس القدر لا يقبل أن تفرض على المؤمنين به مفاهيم وأحكاماً تتصادم مع عقيدتهم وقيمهم وتسلبهم حقهم الديني والثقافي والتشريعي. واعتبرت القرار من اختصاص المؤتمر الدستوري.
منبر السلام العادل
قال منبر السلام العادل في بيان تلقى موقع أفريقيا برس نسخة منه أنه يعلن رفضه الصارم والحاسم لاعلان المباديء ووصف البيان القرار بأنه فردي دكتاتوري لم يشرك الحاضنة السياسية الحاكمة (مجلس شركاء الفترة الانتقالية) وأكد البيان أن المنبر يؤكد أن قضية الدين والدولة اكبر من أن يقرر فيها حكم انتقالي عابر لا يمثل ارادة الشعب السوداني ، ولا يحق للنظام الانتقالي الحالي غير المنتخب شعبياً أن يتخذ قرارا بشأنها الا من خلال استفتاء شعبي نزيه يضم كل الشعب السوداني صاحب الارادة الحقيقة في كل شأن عظيم كما دعا المنبر الشعب السوداني للخروج لمناهضة القرار بكافة الطرق السلمية.
حركة الإصلاح الآن
أعلنت حركة الإصلاح الآن رفضها التام لاتفاق إعلان المبادئ ووصفت الحركة في بيانها التوقيع بالطريقة المبتذلة التي تعرض بها مسألة الدين عن الدولة كأنها جثة يتشاجر قاتلوها حول دفنها بحسب وصفها. كما أعلنت تجديد رفضها للطريقة التي ظل يتبعها رئيس مجلس السيادة ومسؤولي الحكومة بشأن استسهال توقيع مثل هذه الاتفاقات ذات النتائج الكارثية على مستقبل السودان.
جملة تحديات
قطع المحلل السياسي خالد الفكي بأن جملة تحديات ستعترض اتفاق المبادئ بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية ولم يستبعد مخاوف الحركات على حصتها في التي مُنحت لها. ونبه الفكي في حديثه لموقع أفريقيا برس إلى جملة من التعقديات السياسية ربما تشكل هاجس وبداية اعتراض للاتفاق. وتوقع أن ترفض بعض مكونات قوى الحرية للاتفاق لجهة أنه لا ينسجم مع المباديء العامة للتغيير وشدد على أن الاتفاق يجب أن يخضع لمؤتمر دستوري قومي ولفت إلى أن عناصر النظام السابق من الإسلاميين سوف يتحركون بقوة لرفض الاتفاق.
نكوص عن الاتفاق
الناطق الرسمي باسم حركة جيش تحرير السودان جناح عبدالواحد محمد نور محمد عبدالرحمن أعتبر اتفاق المبادئ الذي تم توقيعه خطوة جيدة في اطار الإعتراف بالقضايا الحقيقية وطرق معالجتها وقال لموقع أفريقيا برس إن العبرة بتنفيذ ما اتفق عليه، لجهة أن التأريخ السياسي السوداني مليء بدروس نقض العهود والمواثيق مما فاقم من الأزمة وساهم بشكل كبير في فقد الثقة في الحكومات. وأضاف أن إعلان المبادئ خطوة أولية رغم اهميته ولا يزال الطريق طويلا وشاقاً للوصول إلى سلام نهائي.