خلايا إرهابية بالخرطوم .. كلاكيت مرة أخرى

321

بقلم: خالد الفكى

افريقيا برسالسودان. لم يدر بُخلد السودانيين، أن جماعات الإرهاب والغلو والتكفير التي وجدت ملاذاً آمنا لها خلال حقبة الرئيس المخلوع البشير، وكانت سبباً في تصنيف السودان كدولة راعية للإرهاب، مما فرض عليها قيوداً سياسيةً واقتصاديةً ودبلوماسيةً من قبل المجتمع الدولي، لم يدر بخلدهم أن تلك المجموعات الإرهابية ستجعل العاصمة محوراً لأخبار العالم بعد إزالة السودان من تلك اللائحة، وتمت عمليات دهم وملاحقات خلفت ضحايا من النظاميين والمدنيين، وذلك قبل توقيف عدد من أولئك الإرهاربيين خاصة في ضاحية جبرة جنوبي الخرطوم التي انتشروا فيها بكثافة.

عمليات تفكيك

تكهنات متعددة بشأن عودة نشاط المجموعات الإرهابية، وتساؤلات كثيرة حول منصات الانطلاق؛ هل هي نصرة الشريعة أم داعش أم مجموعات مرتبطة بالنظام البائد الذي له ارتباطات عقائدية بتلك المجموعات وفقاً لمراقبين.

هذا وأشار وزير الداخلية الفريق أول عز الدين الشيخ لرصد بعض المجموعات الإرهابية منذ 28 سبتمبر الماضي بمنطقة جبرة ومحاصرتها ودخول تلك الخلايا الإرهابية في مواجهة مع القوة المشتركة.

يعتقد البعض أن وراء عودة خلايا الإرهاب في السودان مجددا مؤشرات، ويقول الخبير في الاستراتيجيات الدكتور تيراب أبكر، إن عدم وجود الهجمات الإرهابية في السابق لا يعني عدم تموطن الخلايا الإرهابية في السودان.

الدكتور تيراب أبكر تيراب – خبير في الاستراتيجيات الأمنية

وأضاف الخبير في الاستراتيجيات الأمنية الدكتور تيراب أبكر تيراب لـ’’أفريقيا برس’’: “لكن الأوضاع الأمنية في السابق وتماسك الأجهزة الأمنية كان يشكل مانعاً لظهور العمليات الإرهابية في البلاد”.

كما أضاف أبكر: “كذلك لا شك في أن المجموعات الإرهابية بمسمياتها المختلفة تعتبر أدوات في تهيئة الأوضاع لإحداث تغيرات في دول العالم المختلفة”.

هذا ووجه مجلس الوزراء جميع الجهات المعنية بالعكوف فوراً والتنسيق بين مختلف مؤسسات الدولة لوضع استراتيجية تنظيم الوجود الأجنبي في البلاد.

وأردف أبكر: “نشاط الخلايا الإرهابية في هذه الفترة في تقديري مؤشر واضح لمحاولات بعض الجهات لتهيئة الأوضاع في السودان لتمرير أجندة ما”.

وأشار إلى أنه لا سيما وأن البلاد تعاني من مشاكل داخلية وعدم تماسك في منظومتها الأمنية، يتيح ظهور مثل هذه الأنشطة التي تهدد الأمن القومي.

عزمي عبد الرازق – صحفي ومحلل سياسي

الصحفي والمحلل السياسي عزمي عبد الرازق، يعتقد أنه ليس من الحكمة التعامل مع الخلايا الإرهابية بهذا الاستهتار من قبل المواطنين، والتشكيك فيها عبر كتابات فالتة مسكونة بنظرية المؤامرة.

وأضاف عبد الرازق خلال حوار مع ’’أفريقيا برس’’: “كما أنها ليست المرة الأولى التي تعثر فيها السلطات الأمنية على خلية إرهابية نشطة، وتقوم بتفكيكها”.

وأفاد: “السودان معبر لدول عديدة تنتشر فيها مثل تلك البلاوي، ومفتوح الحدود وقد حصدت الواقعة الأخيرة خيرة الضابط والجنود من أبناء السودان”، وأضاف: ” تحتاج قواتنا إلى الدعم والمؤازرة بالصمت على الأقل، بدلاً من هذا التندر، والتخوين المستمر”.

خلايا سرطانية

خلال مطلع العام 1994، وقعت أحداث مسجد الثورة الحارة الأولى في مدينة أم درمان، بمهاجمة محمد عبد الرحمن الخليفي الليبي الجنسية، مع ثلاثة سودانيين آخرين بالأسلحة النارية، مسجداً يتبع لجماعة أنصار السنة، وقاموا بحصد أرواح 27 من المصلين.

أيوب محمد عباس – رئيس تجمع شباب السودان

رئيس تجمع شباب السودان، أيوب محمد عباس، يشدد على مشاركة كافة قطاعات السودانيين في محاربة التطرف والارهاب، ويُبين لـ’’أفرييا برس’’، أن هناك تأثيرات سلبية على نشاط الإرهاب الهدام.

ويرى عباس أن انتشار أخبار بقاء وانتشار العناصر الإرهابية في السودان يؤدي لتعطيل التدفقات الاستثمارية ويوقف مشاريع التنمية والاستقرار بسبب فقدان الأمن والاستقرار المجتمعي.

ويتذكر السودانيون أحداث الجرافة، ورشاش عباس عبدالباقر، الذي حصد عشرات الأرواح، وتفجير فندق الأكرابول، ومقتل الدبلوماسي الأمريكي جرانفيل في أواخر العام 2008، ونشاط خلية الدندر الإرهابية.

ووصف عباس تمدد جماعات الإرهاب بــ”الخلايا السرطانية”، التي يجب استئصالها سريعاً بحزمة إجراءات وقائية وتوعية مجتمعية وقبضة أمنية للقضاء على بؤر الإرهاب، مُطالبا بحصر الوجود الأجنبي وتقنين عمله في البلاد، بعد تدفق مئات من عناصر الجماعات الإرهابية من الحدود الغربية بعد التوافق الدولي الذي حدث في ليبيا، وهنا يرى مراقبون أن حالة السيولة الأمنية بعد الثورة السودانية ساهمت في دخولهم للبلاد.

لا شك أن لكل مجموعة إرهابية دعم من جهة ما، هذا بحسب الخبير في الاستراتيجيات الأمنية تيراب أبكر الذي يعتقد بأن الداعم يتسغل المجموعات لتحقيق أجندته في البقعة الجغرافية التي تنشط فيها.

وكانت السلطات السودانية أعلنت، مقتل عسكري و4 مسلّحين في اشتباكات في منطقة جبرة أثناء تنفيذ قوة أمنية – عسكرية مشتركة مداهمة لمخبأين، بعد أسبوع على مقتل 5 ضباط خلال مداهمة مماثلة في المنطقة نفسها.

ويرى أبكر أن لهذه الخلايا الإرهابية التي ظهرت إلى الملأ في السودان أيادي خفيفة تدعمها وتوجه أنشطتها لتحقيق أهدافها.

وأطلق أبكر تساؤلا حول جاهزية الأجهزة الأمنية السودانية وتماسكها لمكافحة هذه الخلايا وكبح أجنحتها وإلا سوف تستمر هذه الخلايا في نشاطها وتهديدها للأمن القومي.

و أضاف أبكر: “وإن استمر الوضع بهذه الصورة ستشكل هذه المجموعات الإرهابية المهدد الأول للأمن القومي في البلاد قريباً’’.

ونعى رئيس مجلس الوزراء، عبد الله حمدوك، ضحايا القوات الأمنية الذين قضوا باشتباكات اندلعت مع إرهابيين من داعش في منطقة جبرة، مبيناً أن الضحايا قتلوا دفاعاً عن أمن السودان واستقراره.

استراتيجية التجفيف

الفريق جلال تاور – خبير في المجالات الأمنية

الخبير في المجالات الأمنية الفريق جلال تاور، يشير خلال حديثه لــ’’أفريقيا برس’’، إلى تبني التيار الرسالي القتالي لدعوة وجود عناصر له في ضاحية جبرة وفقاً لبيان أصدره.

وقال جهاز المخابرات العامة أن مداهمة لعناصر إرهابية أسفرت عن قتل 4 من الخلية والقبض على اثنين في الموقع الأول، واعتقال اثنين من العناصر الإرهابية في الموقع الثاني.

ونوه تاور بأن هذا التيار الرسالي قد نفى وجود أي صله له بتنظيم الدولة الاسلامية “داعش”، لافتاً إلى التصاق اسمه بالقتالي، متسائلا عن مصدر حصول عناصره لتلك الأسلحة الفتاكة.

وأشار للتدريب القتالي رفيع المستوى لمنسوبي هذه المجموعة الذي ظهر خلال عمليات الدهم مع أفراد المخابرات في ضاحية جبرة (14)، خاصة قدرة النساء على استخدام السلاح.

وتابع: “إصابات الشهداء الخمسة للمخابرات كانت دقيقة في الرأس والصدر، وهذا يؤكد خطورة منسوبي هذه المجموعة الإرهابية”.

هذا وأوضح جهاز المخابرات أن المجموعة الإرهابية أطلقت أعيرة نارية كثيفة في مواجهة القوات الأمنية من أسلحة متنوّعة، شملت رشاشات كلاشينكوف ومدافع رشاشة وقذائف مضادة للدروع وقنابل يدوية.

تجفيف منابع الإرهاب يحتاج لخطة تبدأ حسب الخبير في الاستراتيجيات الأمنية تيراب أبكر، بامتلاك الدولة لهيكلة أمنية مناسبة تستطيع عبرها محاربة النشاط الإرهابي داخل اراضيها.

ونوه للأهمية القصوى للتعاون الأمني بين الدول في مجال مكافحة الإرهاب، بجانب امتلاك الدولة لقانون رادع في مجال مكافحة الإرهاب.

ودعا أبكر لإنشاء وحدة تدخل خاصة بجهاز المخابرات العامة لتصبح مسؤولة بشكل مباشر عن المداهمات الأمنية للخلايا الإرهابية والإجرامية التي من المتوقع أن تنشط مستقبلا.

ويعتقد أن امتلاك الجهاز لمثل هذه الوحدة لا يتنافى مع كونه جهاز معلوماتي، ومن غير المعقول مداهمة خلية إرهابية عالية التدريب من قبل ضابط وضابط صف مهمتهما الأساسية توفير المعلومات وإن تم تدريبهم على السلاح.

وقال أبكر أن المواجهة في المجال الأمني عالم بعيد كل البعد عن جمع المعلومات وتحليلها، والمتابعة والرصد.

وأشار بأن: “الحادثة المؤسفة الأخيرة التي حدثت وتسببت في فقد البلاد لشخص عزيز من أبناءها الخلص خير دليل على ذلك”.

كما أقترح أبكر استحداث وحدة تداخل سريع تحت هيكلة قوات الاحتياطي المركزي لتقوم بهذه المهام بشكل مهني عالي وتنشيط تبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية لتفادي مثل هذه الحوادث المؤسفة مستقبلاً.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here