صعوبات اقتصادية تدفع السودانيين للمطالبة بإسقاط الحكومة

64

بقلم : بدرالدين خلف الله

أفريقيا برسالسودان. تسبب قرار الحكومة الانتقالية في رفع الدعم عن أسعار الوقود في أوضاع كارثية جديدة فاقمت الوضع الاقتصادي المضطرب أصلاً. واعتمدت الحكومة أسعار جديدة للوقود بزيادة 93 بالمائة، ارتفع معها سعر البنزين إلى 1300 جنيه سوداني للغالون (4.546 لتر تقريباً) والغازولين إلى 1282 جنيها بزيادة 128 بالمائة.

وانعكس ذلك بصورة جلية في غلاء الأسعار وأثر على زيادات كبيرة في تعرفة المواصلات والنقل وعدد من السلع فور تطبيق الزيادة في أسعار المحروقات، كما تأثرت قطاعات الإنتاج والنقل بصورة مباشرة ما أثر على أوضاع الشارع السوداني الذي رفض الخطوة وخرج في مظاهرات رافضة للسياسات الاقتصادية التي تتبعها الحكومة الانتقالية في السودان مطالبا بإسقاطها.

احتجاجات ليلية على إرتفاع البنزين و تدهور المعيشة

وتوقع مراقبون ارتفاع معدلات التضخم إلى 500 بالمئة بجانب خروج العديد من الأعمال عن دائرة الإنتاج، فيما دعا تجمع المهنيين السودانيين كل الثوار والقوى الثورية للخروج للشوارع، لمقاومة قرار رفع أسعار الوقود و إسقاطه ومقاومة ما وصفها بـ “سياسات السلطة الفاشلة”.

وبررت الحكومة الخطوة بأنها سياسات اقتصادية رامية لإصلاح الاقتصاد السوداني. وقالت في بيان صادر ” وفقا للتكاليف الحالية فإن سعر البنزين تحدد عند سعر 290 جنيها سودانياً للتر، ارتفاعا من 150 جنيها. وتحدد سعر الديزل عند 285 جنيهاً للتر، ارتفاعاً من 125 جنيها.

إلغاء الدعم

ينوه المحلل الاقتصادي هيثم محمد فتحي إلى اتفاق مسبق بين الحكومة الانتقالية و صندوق النقد الدولي لتحرير أسعار الوقود كاملة وتركها للعرض والطلب، مايعني إلغاء الدعم كاملا. وقال فتحي لـ “أفريقيا برس” أن المواطن السوداني بات على موعد مستمر مع زيادات الأسعار التي لا يقتصر تأثيرها السلبي فقط على المواطن بل تمتد إلى الأسواق التي تصاب بحالة كساد وربما ركود ومزمن وتراجع في الإنتاج، وهو ما يؤدي إلى موجات من زيادات الأسعار. ويرى أن الزيادات في أسعار السلع سيكون بنسبة كبيرة نتيجة لارتفاع أسعار النقل والترحيل بعد رفع أسعار الوقود.

تضخم عالٍ

الكاتب والمحلل الإقتصادي هيثم محمد فتحي

وتوقع أن تشهد الفترة القادمة موجة تضخم تعكسها أرقام جهاز الإحصاء نسبةً لطريقة حساب مؤشر التضخم تتضمن عوامل فنية لا تركز على الأثر المباشر على معيشة المستهلكين، بقدر ما تقارن معدل الزيادة في العام الحالي بنظيره في نفس الفترة من العام السابق. ويتابع “يمكن للحكومة التغلب على تقلبات أسعار النقط بمضاعفة التحوط ضد الأسعار من خلال عقود خاصة بالتأمين ضد مخاطر ارتفاع أسعار النفط مع بنوك عالمية، لتأمين الموازنة ضد مخاطر تذبذب أسعار البترول العالمية. ويضيف” لقد تم ربط زيادة الوقود بسعر التكلفة، والتي تتحدد من خلال سعري صرف النقد الأجنبي وبرميل خام برنت عالمياً. وأقر بأن تزامن إرتفاع أسعار الكهرباء قبل فترة مع زيادة أسعار الوقود أزم الوضع الاقتصادي وانعكس ذلك على زيادة سعر تكلفة النقل ومواد البناء من حديد وأسمنت ومطاعم ومواد غذائية وخضروات.

هبوط الجنيه

وأرجع فتحي الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها السودان حالياً لفقد الجنية لقيمته الشرائية بجانب سياسات التمويل بالعجز. وطبقاً لفتحي كان على الحكومة تطبيق الزيادات الأخيرة في أسعار المحروقات تدريجياً تماشياً مع القيمة الحقيقية للجنيه السوداني.

ويتفق الباحث الاقتصادي عثمان آدم شريف مع ما ذكره هيثم محمد فتحي حول تنفيذ الحكومة لسياسات صندوق النقد الدولي. وقال شريف لـ “أفريقيا برس” إن التعقيدات الاقتصادية في السودان أصبحت تتشابك يوماً بعد يوم بفعل تبني سياسات وحلول إقتصادية إجرائية تخدم أجندة المؤسسات الأجنبية كـ “صندوق النقد الدولي”.

سياسات فاشلة

الباحث والخبير الإقتصادي عثمان آدم شريف

وأضاف أن “صندوق النقد الدولي سياساته مقعدة للاقتصادات المنهارة والتي تعاني من اضطرابات وعدم استقرار في البنية السياسية والاقتصادية وكل تجاربه التي نفذت كانت فاشلة بإستثناء نماذج قليلة فصندوق النقد الدولي الان أصبح يبحث عن “قصة نجاح” لوصفاته وسياساته المتبعة التي لم تثبت جدواها فى إحدي اقتصاديات الدول التي تبنتها ليعرضها للمجمتع الدولي.

ضعف إداري

ويرى عثمان آدم شريف أن الشارع السوداني الذي صنع الثورة أيقن تماماً بأن حكومة الفترة الانتقالية “الكبينة الاقتصادية” ليس لديها أي إرادة سياسية لتسيير واستغلال الموارد الاقتصادية الوطنية لتحقيق استقرار نسبي على أقل تقدير يكون نواة ولبنة لمؤشر نمو لما بعد ثوة ديسمبر. وأكد شريف أن الحكومة تتبع أنصاف حلول لتعاطيها من الاشكال الاقتصادي خلال الفترة الانتقالية. ويشير إلى أن الخيار أمام الكابينة الاقتصادية هو النظر الى قيمة الموجودات من الموارد الاقتصادية الوطنية والعمل على خلق ثقة وشراكات جادة و قوية تستطيع أن تحقق مؤشرات استقرار نسبي لمفاصل الاقتصاد المختلفة.

أسعار جنونية

تقول الصحفية سمية نديم أن الازمة الاقتصادية في السودان استفحلت في الفترة الأخيرة بصورة مخيفة حيث أصبحت الكهرباء تنقطع بصورة مستمرة. وقالت لـ “أفريقيا برس” أصبحنا نعيش أزمات شبه مستمرة بسبب انقطاع التيار الكهربائي ساعات طويلة، كما تتكرر حالات الإطفاء العام في كل أرجاء البلاد بسبب الأعطال المفاجئة بجانب الارتفاع الجنوني لأسعار فاتورة الكهرباء بالرغم من عدم وجودها المستمر مما تسبب في شلل تام لحياتنا اليومية التي أصبحت الكهرباء فيها ضرورية. وتضيف نديم “اضطررنا إلى شراء براميل المياه بأسعار عالية كما أصبحت الأسعار في الأسواق عالية وجنونية”.


غلاء المعيشة

ويشكي المواطن السوداني محمد الشناوي من ارتفاع تكاليف المعيشة في السودان، ويقول الشناوي لـ “أفريقيا برس” إن زيادة أسعار الوقود الأخيرة ستزيد من تعقيدات حياته في المعيشة. ولفت إلى أن راتبه أصبح غير كاف لمواجهة مصاريف حياته اليومية بسبب ارتفاع الأسعار إلى أرقام خيالية. وأوضح أن هناك تذمر ورفض واسع من الشارع السوداني للأوضاع الاقتصادية.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here