أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. أحداث دامية شهدتها مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور، إذ سقط قتلى وجرحى في اشتباك بين قوات حراسة مقر بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي المختلطة “يوناميد” ومتفلتين.. فيما يتمدد السؤال حول من يقف وراء الاقتتال؟ وكيف يمكن إيقاف نزيف الدماء المتصاعد؟
أحداث مؤسفة
أعلنت القوات المسلحة سقوط قتلى وجرحى في اشتباك بين قوات الأمن وخارجين عن القانون” بمدينة الفاشر مركز ولاية شمال دارفور غربي البلاد، وجاء في بيان الجيش “أن أحداث مؤسفة وقعت بمقر بعثة يوناميد بمدينة الفاشر، تتلخص في حدوث اشتباك بين القوة المكلفة بحراسة إحدى المنشآت بمقر البعثة مع مجموعة متفلتة حاولت التعدي على المقر”، وأضاف البيان أن الحادث أسفر عن قتلى وجرحى من الجانبين، مؤكدا أنه تم نقل المصابين إلى مستشفى الفاشر العسكري لتلقي العلاج، وتمت السيطرة على الموقف، وأشار البيان إلى أن التحقيق يجري في الحادث تحت إشراف ومتابعة لجنة أمن ولاية شمال دارفور.
لماذا القتل؟

يقول الناطق الرسمي بإسم التحالف السوداني -أحد الحركات الموقعة على السلام- حذيفة محي الدين البلول لموقع “أفريقيا برس”؛ إن الأحداث في ولايات دارفور عموما تصاعدت بعد خروج بعثة الأمم المتحدة “اليوناميد”، ومن المفترض أن تحل محلها القوة المشتركة لحماية المدنيين التي تم الاتفاق على تكوينها في اتفاق جوبا للسلام والتي قوامها 20 ألف مناصفة بين أطراف العملية السلمية والحكومة الانتقالية إلا أن تأخرها قاد لتلك الأحداث، ويمضي قائلا: “كذلك تعثر تنفيذ بند الترتيبات الأمنية خلق فراغا أمنيا في ولايات دارفور وظهرت جرائم السطو والنهب على السطح خاصة في غرب دارفور وجنوب دارفور ومؤخرا في ولاية شمال دارفور بأشكال مختلفة”، ورأى حذيفة أن أحداث مقر اليوناميد لم تكن بعيدة عن تلك الجرائم فعمليات السطو والنهب- بالنسبة للقيادي بالتحالف السوداني- امتدت لمدينة الفاشر قبل شهور من نفس المليشيات والعصابات المسلحة وهي في نظر حذيفة مجموعات لا تنتمي لجهة أو قبيلة وانما مجرمين ينشطون في السلب والنهب ، وختم حديثه قائلا: “المطلوب من حكومة الفترة الانتقالية الالتزام بتنفيذ اتفاقية جوبا للسلام وخاصة ملف الترتيبات الأمنية وهو الفيصل في وقف التفلتات الأمنية وحماية المدنيين من المليشيات التي تعبث بأمن المواطن”.
فهوة البندقية

فيما يرى الخبير العسكري، ياسر أحمد الخزين في إفادته لموقع “أفريقيا برس”؛ إن أحداث الفاشر ناجمة من شقين أحدهما؛ إنتشار السلاح بين المدنيين والآخر السلاح المتروك بأيدي الحركات المسلحة الموقعة بجوبا، والذي بحسب الخزين كان يجب أن يسحب منها ويودع بمخازن القوات المسلحة حتى بدء عملية الترتيبات الأمنية، بجانب إيجاد نص حال إنهارت الإتفاقية بإعطاء الحركات سلاحها المجموع منها، فترك السلاح بأيدي منسوبيها دون دعم مادي لهم أو مشاريع تفي بإحتياجاتهم بحسب الخزين يدعهم يعيشون على فوهة البندقية ، وبشأن حل مشكلة الاقتتال ، يقول الخزين: “أولا يجب جمع السلاح من المدنيين والحركات مع بسط هيبة الدولة وفرض سطوة القانون و معالجة وتوفيق أوضاع المقاتلين بجيوش هذه الحركات”.
معالجات الأزمة

وأدانت قيادات من قوى الكفاح المسلح الحادثة ، معربين عن أسفهم لما يجري في دارفور، وهنا يؤكد عضو مجلس السيادة الهادي إدريس، حرص الحكومة على فرض سيادة القانون وبسط الأمن والاستقرار بدارفور وتقديم الجناة للعدالة، وقال إدريس، في تصريحات صحفية؛ إن بسط الأمن في إقليم دارفور يشكل أولوية قصوى للحكومة خلال الفترة المقبلة، وشدد على أن “الحكومة ملتزمة بالتعامل مع الأوضاع الأمنية في دارفور بجدية ومسؤولية كبيرة” واعتبر أن “السودان يمر بمرحلة انتقالية حساسة تتطلب من الجميع التعاون المشترك لمعالجة المشكلات والتعامل بقوة لحسم التفلتات الأمنية التي تهدد السلم والأمن القومي بالبلاد”، وواصل عضو مجلس السيادة، حديثه: “لقد آن الأوان لوقف الاقتتال ونزيف الدم بدارفور”، مشدداً على التزام الحكومة بتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من الأحداث، وحرصها على إنفاذ بند الترتيبات الأمنية، ورأى أن ما يحدث في إقليم دارفور من مهددات أمنية سينعكس سلباً على الأمن القومي ومجمل الأوضاع في البلاد، مشيراً إلى أن الحكومة لديها مسؤولية كبيرة في بسط الأمن، ما يحتم عليها مواجهة هذا التحدي بنوع من المسؤولية والشجاعة لمنع تكرار التفلتات الأمنية بدارفور، وأشار الهادي إدريس إلى أن الفترة القادمة ستشهد تشكيل قوة مشتركة قوامها أكثر من 3 آلاف، تضم كافة القوات النظامية وقوات الكفاح المسلح للعمل في دارفور بهدف ضبط واحتواء وحسم كل التفلتات الأمنية بالإقليم وجمع السلاح. وأضاف “ليست هناك مجاملة، وستتعامل القوة بكل جدية ولا تهاون مع المتفلتين”.
بطء الترتيبات الأمنية
ويرى مراقبون أن الاقتتال المتكرر في دارفور سببه عدم تنفيذ إتفاقية سلام جوبا سيما ملف الترتيبات الأمنية، إذ يعد الملف بحسب المراقبين، أهم بند في بنود إتفاقية سلام جوبا، مؤكدين أن تنفيذه بإمكانه أن يوقف الاقتتال في دارفور، مشددين في ذات الوقت على ضرورة الاسراع في تنفيذه.
و بند الترتيبات الأمنية، هو عملية الدمج والتسريح لقوات الحركات المسلحة في الجيش، والمشاركة بالقوات المشتركة في دارفور، والتي تتكون من الجيش والدعم السريع والشرطة والمخابرات، ولا توجد تقديرات رسمية لعدد قوات الحركات المسلحة في ولايات دارفور التي سيتم دمجها أو تسريحها، بحسب بنود اتفاق الترتيبات الأمنية. كما حددت إتفاقية جوبا زمنا قدره 39 شهر لتنفيذ الترتيبات الامنية من عمر التوقيع على الإتفاقية ومازال لم يتم تنفيذه.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس