إرتفاع الدولار، تسونامي السودان

91
إرتفاع الدولار في مقابل تراجع الجنيه السوداني

بقلم : بدرالدين خلف الله

افريقيا برسالسودان. يبدو أن انخفاض قيمة الجنيه السوداني مقابل إرتفاع الدولار الأمريكي قد عصف بالتجار والأسواق والمستوردين معاً وتسبب في غلاء السلع وخسائر كبيرة على التجار وسط توقعات بزيادة معدلات التضخم بنسبه تصل إلى 300%. فالسودان يعاني على عقود من الزمان في قلة الإنتاج رغم توفر الموارد الهائلة التي يتمتع بها لا سيما الأراضي الزراعية الخصبة وأصبح السودان يعتمد الآن على الاستيراد الخارجي للسلع المختلفة ، ينعكست تلك الأوضاع الاقتصادية على معاش الناس وحياتهم المعيشية حيث باتت ملامح السخط والتذمر واضحة على التجار والمواطنين وتسيطر عليهم مخاوف من ارتفاع غير منضبط للأسعار بعد أن تآكلت القيمة الشرائية للعملة المحلية مما سبب إشكالات بين المستوردين وتجار التجزئة في ما يتعلق بسداد أجور السلع .

تجارة تجزئة

وتعتمد الأسواق السودانية على تجار التجزئة، وسداد قيمة بضائعهم إلى المستوردين بعد تصريف المواد المسحوبة في الأسواق، التي تشكل المعضلة الرئيسة التي تواجه الأسواق بعد خفض قيمة الجنيه مقابل الدولار وقد تتسبب بنشوء نزاعات وعدم استقرار في الأسواق المحلية وتتمثل الإشكالية الرئيسة في ديون تجار التجزئة للمستوردين وفي كيفية سدادها، وما إذا كانت ستُسدَّد وفق أسعار الصرف السابقة أم الحالية.

فوضى إرتفاع الدولار

وضربت الفوضى سوق الدولار الموازي إذ قفز وسجّل في غضون اليومين الفائتين ارتّفاعًا غير مسبوق تجاه أسعار صرف الجنيه السوداني وتخطى حاجز الـ 315 جنيه للبيع وانعكس ارتفاع سعر الدولار على زيادة في أسعار السلع الأساسية خاصة المستوردة منها، ما أدّى إلى انخفاض القدرة الشرائية للمواطن السوداني وزيادة معاناته.

الحكومة ترفض الزيادة

عدم توصل شعبة المخابز لاقرار سعر جديد للخبز مع ولاية الخرطوم واصرار أصحاب المخابز علي أن يرتفع سعر قطعة الخبز الى ستة جنيهات وهو المقترح الذي تم رفضه بصورة قاطعة من قبل حكومة الولاية التي تعتقد أن تناسب الزيادة في السعر مع نسبة الزيادة في التكلفة بما يخفف العبء علي المواطن إضافة لوضع ضوابط صارمة تمنع التلاعب مستقبلا في الأوزان.

شكوى الاتحاد

وتشكو شعبة المخابز من إرتفاع كبير في أسعار مدخلات الإنتاج الأخري المتمثلة في الخميرة والزيت وأجرة العاملين نتيجة لرفع الدعم عن الوقود وزيادة تعرفة الكهرباء وارتفاع تكلفة الترحيل في حين شرعت بعض المخابز بالتوقف عن العمل للضغط على حكومة الولاية للقبول بمقترحهم المرفوض من قبل الحكومة.

ميزانية مخيفة

وأجاز الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة برئاسة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان موازنة العام المالي الحالي ٢٠٢١م وأوضحت وزيرة المالية والتخطيط الاقتصادي المكلفة هبة محمد علي أن موازنة العام ٢٠٢١م تعتبر أول موازنة تُعد بعد توقيع اتفاقية سلام السودان بجوبا، ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب واعتبرت موازنة هذا العام الخطوة الأولى في تنفيذ برامج الدولة، وأن التحدي الكبير يأتي في تنفيذ بنودها بالطريقة المثلى واستندت ميزانية هذا العام على حد تعبير وزيرة المالية على مرجعيات شملت الإطار العام لبرنامج الحكومة الانتقالية ومطلوبات مصفوفة اتفاقية السلام ، ومخرجات وتوصيات المؤتمر الاقتصادي الأول والبرنامج الاقتصادي لقوى الحرية والتغيير وأهداف التنمية المستدامة (٢٠٣٠م).

واعلنت ان موازنة هذا العام خصصت مبالغ مقدرة لمعاش الناس والحماية الاجتماعية بمبلغ قدره (٢٦٠) مليار جنيه و٥٤ مليار جنيه لمشاريع مخصصات السلام بنسبة حوالي ٢٩ ٪ من تقديرات الموازنة. كما شملت برنامج (الدعم النقدي للأسر السودانية) وبرنامج إعادة تأهيل قطاع المواصلات القومية وبرنامج سلعتي وبرنامج توظيف الشباب ومواصلة الدعم للقمح والدواء وغاز الطبخ والكهرباء.

الصحة نصيب أكبر في الميزانية

ورصدت موازنة العام ٢٠٢١م حوالي (٩٩) مليار جنيه لقطاع الصحة لدعم الأدوية المنقذة للحياة ومتطلبات درء جائحة الكورونا وتأهيل وإنشاء المستشفيات الريفية والمراكز الصحية والصحة الانجابية.

ترشيد الإنفاق الحكومي

وحققت ميزانية هذا العام فائض جاري منذ سنوات طويلة محافظة على نسبة عجز كلي في حدود ١.٤٪ من الناتج المحلي الإجمالي كما تم ضبط الإنفاق العام وترشيد الصرف على الحكومة وتخفيضه بنسبة حوالى ٢٤٪ واكدت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي التزامها برفع عبء التضخم عن المواطن وتثبيته على نسبة (٩٥٪) بنهاية العام ٢٠٢١م مقارنة بالنسبة الحالية التى تعادل اكثر من (٢٥٠٪).

انخفاض دخل الفرد

لقد بلغ سعر الجنيه السوداني مقابل الدولار 70جنيه في آخر عهد لحكومة الإنقاذ ثم بدأ في التدهور بصورة قياسية في الفترة الانتقالية التي شهدت تغير كبير في السياسات التي اتخذها بنك السودان للحد من تدهور العملة السودانية، وبلغ سعر الجنيه مقابل الدولار قبل نحو شهر 260 جنيه ليرتفع بصورة كبيرة ليصل أكثر من 319 جنيه مقابل الدولار، فيما بلغت زيادة الحد الأدنى للأجور في البلاد بنحو سبعة أضعاف عما كان عليه في السابق.

ورفعت الحكومة السودانية الحد الأدنى للأجور من 425 جنيها (8.7 دولارات) إلى 3 آلاف (61.3 دولارا والحد الأدنى للأجور السابق، والبالغ 425 جنيها، لم تتم زيادته منذ 2013 م إي أن نسبة الزيادة في الأجور بلغت 569 بالمئة كمتوسط ما بين درجات السلم الوظيفي.

تدهور إنتاجي

ويرى الخبير الاقتصادي محمد النائر أن التدهور المستمر لقيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية في الاقتصاد السوداني تعتبر ظاهرة غير مسبوقة وكل المؤشرات الاقتصادية تشير بأنها سالبة وارتفاع معدل التضخم الذي بلغ 259% بنهاية ديسمبر الماضي مبيناً أن إلمواطنين يعانون من تعقيدات في ارتفاع أسعار السلع والخدمات بصوره غير مسبوقة.

واضاف النائر أن ندرة السلع الأساسية من خبز ودواء ووقود وهدر الوقت في البحث عنهم قلل من عملية الإنتاج وأسهم في خفض العائد من العملة المحليه وقال يجب على الحكومة أن تعمل في مسار المدى القصير لمعالجة المشاكل الاقتصادية ومسار طويل بحيث يبدأ الاثنين معاً بالاستفادة من قطاع التعدين والذهب وكشف أن ألدولة تأخرت في ذلك باعتباره أحد الحلول للحد من عملية تهريب الذهب بالتالي يسهم في الاقتصاد المحلي خاصه وأن إنتاج السودان للذهب كافي لحل الخلل في الميزان التجاري ويسهم في استقرار أسعار صرف العملة الوطنية.

واشار النائر أيضا إلى عدم اتجاه الدوله إلى التعامل الإلكتروني ساهم في خفض قيمه الجنيه بجانب إعلان الحكومه باستبدال العملة المحليه أدى إلى اتجاه الكثير من التجار والمضاربين إلى تخزين الدولار مبينا أن ذلك الإجراء لابد أن يتم في سرية تامة ولايعلن الا مع طرح العملة الجديده للحد من تخزين الدولار بدلاً من الاحتفاظ بالجنيه السوداني مما يسهم في سحب أموال كبيرة من المصارف.

وقال على الرغم من أن كل هذه الأزمات متراكمة امتدت منذ حكومة الإنقاذ إلى الآن وتأثيرها السالب على معاش المواطن لكن نجد أن الحكومة الانتقالية تسعى لإرضاء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وتنفيذ أجندته التي باتت خصماً على المواطن البسيط .

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here