“اعتصام القصر”.. السيناريوهات المفتوحة

80

بقلم: خالد الفكى

أفريقيا برسالسودان. تطور دارماتيكي لافت للأحداث في السودان، وتدحرج لكرة اللهب بسرعة نحو الأسفل مما يضع مستقبل الفترة الانتقالية على حافة الجبل بسبب صراعات سياسية فاجرة في الخصومة بين أصدقاء الأمس .. أعداء اليوم.. تحالفات بين مختلف الشركاء من المكونين العسكري والمدني تعصف بالوطن الذي وفقاً لمراقبين؛ في انتظار مُعجزة إلهية لانقاذه من سيناريوهات مخيفة بعد “اعتصام القصر” الذي نفذه منشقون عن التحالف الحاكم.

مخطط الانقلاب

تقاطعات على مسار الفترة الانتقالية بين الشركاء، وصلت حد القطيعة على مستوى القادة الكبار في مؤسسات الحكم السيادية مما خلفت تداعيات على المشهد السياسي. ووقعت قوى سياسية، على ما سمّته “ميثاق التوافق الوطني لوحدة قوى الحرية والتغيير”، بعد تظاهرات شارك فيها الآلاف تلبية لدعوة العودة لمنصة تأسيس الحرية والتغيير. التظاهرات أفضت إلى اعتصام الجماهير أمام محيط القصر الرئاسي الواجهة السيادسة الأولى في البلاد لأول مرة في التاريخ السوداني.

محمد وداعة – قيادي في حزب البعث السوداني

القيادي في حزب البعث السوداني، محمد وداعة، قال تعليقاً على انسحاب حزبه من الاعتصام: “لدى حزبنا ملاحظات جوهرية على ما جرى في منصة الميدان”. وأضاف: “ما تلى ذلك من الإرباك الذي تم في إعلان الاعتصام وهو أمر لم يتم الاتفاق عليه، وهو حقيقة لا يعبر عن الحرية والتغيير خاصة بعد الاختراق الكبير الذي صاحب انتظام المعتصمين”.

ويؤكد القيادي بالبعث إن الحزب قررعدم المشاركة في هذا الاعتصام، متمسكاً بالشعارات التي رفعها للعودة لمنصة التأسيس وتوحيد الحرية والتغيير عبر المؤتمر التأسيسي. يُشار إلى أن الحرية والتغيير “الميثاق الوطني”، وهي مجموعة منشقة عن قوى الحرية والتغيير التي تشكل الحاضنة السياسية لحكومة عبد الله حمدوك.

الصادق علي حسن – مدير معهد السودان للديمقراطية

وفي السياق مدير معهد السودان للديمقراطية، الصادق علي حسن، يقول لـ’’أفريقيا برس’’: “الإعتصام يمثل الانقلاب المتوقع برعاية رئيس مجلس السيادة ودعم الثلاثي المشارك في السلطة”.مشيراً إلى حميدتي وجبريل ومناوي، ومبيناً أن ذلك سيقود السودان إلى الفوضى الشاملة.

وبحسب حسن فإن الانقلاب الذي لن يكون تقليديا كما كان الحال في السابق، خطط قادته للاستثمار في اعتصام أعد له بعناية شديدة، لتطويره إلى حين صدور قرار من البرهان  بحل حكومة حمدوك وتشكيل حكومة تصريف أعمال تتدثر بشرعية صورية.

ويعتقد حسن أن السيناريو يشمل الإعلان عن إجراء الانتخابات بحسب المحدد أجله وفقا للوثيقة الدستورية المعيبة، ثم وضع اليد على السلطة بكاملها تحت غطاء الوفاء باستحقاقات ثورة ديسمبر.

وشملت قائمة الموقعين “حركة تحرير السودان”، و”حركة العدل والمساواة”، و”الحزب الاتحادي – الجبهة الثورية”، و”حزب البعث السوداني”، و”التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية”، و”الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة”، و”الحركة الشعبية”.

القفزة الظلامية

الأمين داوود – رئيس الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة

رئيس الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة، الأمين داوود، يرى إن خطوة توقيع الميثاق الوطني “لها ما بعدها”، مشيراً لاستخدام كل الوسائل السلمية للاحتجاج، في حال عدم التفاعل مع مطالبهم. في المقابل يُشدد القيادي في المجلس المركزي للحرية والتغيير، حيدر الصافي، بأن البلاد تمر بحالة هشاشة وسيولة أمنية لا تحتمل صراعات جديدة.

وشارك الآلاف من أنصار الأحزاب، وحركات الكفاح المسلح في تظاهرات أمام القصر الجمهوري، بجانب إدارات أهلية وطرق صوفية وممثلين لبعض القبائل. كما رفعوا خلالها لافتات ورددوا شعارات تدعو لحل الحكومة، واستكمال مؤسسات الحكم، وعودة نقابات العمال، وإصلاح شامل لكل مؤسسات الدولة.

مدير معهد السودان للديمقراطية، الصادق علي حسن، عاد مؤكداً بأنه لا توجد فرص لاستمرار البرهان، والتأييد الذي سيحصل عليه البرهان والثلاثي المشارك في السلطة سيكون تأييدا لحظياً”، مضيفا: “من قبل العوام الذين يظهرون في هكذا تحولات ظرفية”.

الصادق علي حسن يقول: “من أخطر نتائج هذه القفزة الظلامية تكريس الانقسام المجتمعي بالبلاد، وسيادة ثقافة أخذ القانون باليد”. وأضاف: “وتصبح مرحلة ما بعد ذهاب حمدوك وحكومته، النافذة مشرعة لمرحلة الفوضى الشاملة”.

محمد إبراهيم – صحفي ومحلل السياسي

في المقابل يوضح الصحفي والمحلل السياسي محمد إبراهيم لـ’’أفريقيا برس’’ بأن سلاح العصيان المدني الشامل أقوى الأساليب لمكافحة الدكتاتوريات.

ويرى إبراهيم بأنه “خيار يجب أن يكون في الحسبان لأي انقلاب أو حتى صدور بيان في ظل السيناريوهات المفتوحة والبلاد على هاوية الجبل حالياً”.

وأشار مراقبون لسهولة وصول المعتصمين لمقر الاعتصام أمام القصر، مع تأكيد قادته بعدم الانفضاض إلا بتحقق مطالبهم التي تدعو لحل حكومة حمدوك بصدور بيان من البرهان.

وقد حذروا من مخاوف تهيئة المشهد السياسي لانقلاب كامل الأركان، مما يعني أن الخروج المضاد يمثل الصدام، وإراقة الدماء. وردد المعتصمون، شعارات “يسقط حمدوك..فوضناك يا برهان .. يا برهان عايزين بيان”، كما لم يشر المعتصمون لمطالب القصاص لدم الشهداء، والتحول الديمقراطي، وأنهم بحسب مراقبين لم يجتمعوا على ترديد شعار الثورة، “حرية ..سلام .. عدالة”، أو مطالبات تسليم رموز نظام البشير للجنائية كما يفعل الثوار عادة.

ورقة التوت

محمد عثمان الرضى – كاتب صحفي ومحلل السياسي

الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، محمد عثمان الرضى يؤكد لـ’’أفريقيا برس’’، بأن موكب 16 أكتوبر نبعت فكرته من الناقمين على الحاضنة السياسية لحكومة حمدوك. وأفاد الرضى بأن الحرية والتغيير تمسكت بمفاصل الحكم لقرابة العامين دون أن تقدم أي إنجاز مقنع للمواطنين بل تزداد معاناتهم كل ما أشرق شمس يوم جديد.

ويعلن القيادي في الحرية والتغيير وجدي صالح بأن الوطن على المحك في وحدته وتماسكه، و”سقطت ورقة التوت التي كانت تغطي عورة الإنقلابيين”.

وأضاف” فواجه شعبنا بوضوح تام أمانيهم في العودة لعهود القهر بذات وسائل النظام المُباد وبذات الشخوص والصور خير برهان”. واقترح البعض تكوين وفد من لجان المقاومة وأسر الشهداء لمقابلة رئيس البعثة الدولية لإطلاعه بإن “هذا الاعتصام لا يمثل الثورة ويعمل على تقويض المدنية وتفويض للعسكر”.

الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، محمد عثمان الرضى، يعود ليقول إن مواكب 16 أكتوبر تمثل نقطة تحول جديدة، ورسالة لمن يدعون أنهم يمتلكون الشارع من قيادات الحرية والتغيير.

ويفيد الرضى بأنه من الصعب تحديد بوصلة الشعب السوداني وهو سيد نفسه ولايمكن السيطرة عليه، مضيفاً بأن الموكب بمثابة انقلاب أبيض على الحاضنة السياسية “الحرية والتغيير”. ويعتقد بأن اللاعبين الجدد هم أكثر تأثيراً على تغيير الخارطة السياسية.

محمد هارون عمر – روائي وكاتب صحفي

وبحسب الروائي والكاتب الصحفي، محمد هارون عمر، فإن التمهيد لاعتصام القصر جاء بالسيولة الأمنية وإغلاق الميناء؛ و انقلاب البكراوي.

وقال عمر لـ’’أفريقا برس’’، كذلك هجوم البرهان وحميدتي على المكون المدني ورفض الجلوس معهم. كما رسم سيناريوهات تشمل إفلات العسكر من عقوبة فض الاعتصام وقضايا دارفور، وعدم تسليم المطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية.

ولفت عمر لمخطط تمكين الحركة الإسلامية من المشاركة؛ لإجهاض الشعارات الثورية، واستبدال حمدوك بشخصية مقبولة تغدو طوع وبنان ورهن إشارة العسكر.

ولم يستبعد مساعي إجهاض الثورة وإفراغها من مضمونها،  بإحداث انقلاب ناعم يجنب العسكر سيف العقوبات الدولية.

وجدي صالح – قيادي في الحرية والتغيير

ويؤكد القيادي في الحرية والتغيير وجدي صالح بأن “ما يحدث يجعلنا نستشعر المسؤولية .. فنتصدى للردة بالوعي الذي يجعلنا نتخير الرفيق والطريق”.

وأضاف: “الآن واجب علينا جميعاً قوى الثورة أن ننتضم للتوقيع في دفتر الحضور الثوري..توقيعاً يليق بثورتنا ويردع كل حالم بالانقضاض على الانتقال”.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here