استقالة حمدوك بعيون الداخل والخارج

13
عبد الله حمدوك - رئيس الوزراء السوداني المستقيل
عبد الله حمدوك - رئيس الوزراء السوداني المستقيل

بقلم: أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. أحدثت استقالة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك ردود فعل محلية ودولية واسعة، فتعدد الآراء لم يقتصر على المكونات السياسية في الداخل السوداني بل برزت المواقف الدولية سرعان ما أعلن الرجل عن استقالته

استقالة حمدوك بعيون القوى السياسية

تباينت الرؤى واختلفت التحليلات بشأن إستقالة عبدالله حمدوك من مجلس الوزراء، ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أن الخطوة ستزيد الأوضاع في السودان تعقيدا، اعتبر البعض الآخر، أن الاستقالة ستفتح الأبواب على مصراعيها للمكون العسكري للانفراد بالسلطة، محذرين من فراغ دستوري وسياسي سيتركه حمدوك ربما يقود لفوضى عارمة في البلاد.

ضربة موجعة

اللواء فضل الله برمة ناصر - رئيس حزب الأمة القومي والقيادي في قوى الحرية والتغيير
اللواء فضل الله برمة ناصر – رئيس حزب الأمة القومي والقيادي في قوى الحرية والتغيير

يقول رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة ناصر في إفادته لـ”أفريقيا برس”؛ إن استقالة حمدوك تمثل ضربة موجعة للمدنيين وللثورة على اعتبار إنه كان يمثل رمزا لها، داعيا إلى ضرورة توحيد قوى الثورة بعد إستقالة حمدوك، وأن تتجاوز الخلافات فيما بينها، واعتبر الاستقالة طبيعية على اعتبار أن حمدوك وجد نفسه يغرد وحيدا من غير حاضنة سياسية، كما إنه بحسب برمة واجه عقبات في تنفيذ الاتفاق السياسي، وتشكيل الحكومة، وبالنسبة لبرمة فإن إستقالة حمدوك كانت متوقعة له، كما حذر برمة من أن تكون الاستقالة كارثة على البلاد، وكشف عن إنهم في حزب الأمة القومي التقوا به لتثنيته عن الاستقالة والتراجع عنها، مشيرا إلى إنه كان مصرا في المضي قدما في تقديم إستقالته.

ماذا قال جبريل؟

جبريل إبراهيم - وزير المالية ورئيس حركة العدل والمساواة
جبريل إبراهيم – وزير المالية ورئيس حركة العدل والمساواة

بدوره، وصف وزير المالية ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، على حسابه في تويتر، استقالة حمدوك في هذا التوقيت بأنها أمر مؤسف للغاية، ودعا إلى “إحالة تلك المحنة إلى منحة وفرصة للم الشمل والعبور بالوطن إلى بر الأمان”، مضيفا أن مسؤولية القوى السياسية اليوم وحاجتها إلى الوقوف مع النفس ومراجعة المواقف أكثر من أي وقت مضى.

 

 

مني أركو مناوي - حاكم إقليم دارفور
مني أركو مناوي – حاكم إقليم دارفور

كذلك، كتب مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور في تويتر تعليقا على استقالة حمدوك، قائلا: استقالة الدكتور حمدوك واحدة من تجليات الأزمة السياسية والاجتماعية المتراكمة التي لم تفهمها القوى السياسية التي ورثت البلاد في زمن غفلة أغلب الشعب. وأضاف: “قال حمدوك في خطابه بأن الأسباب وراء استقالته؛ عدم توافق سياسي يجب ان يُفهم، مازال المشوار طويل لا بديل للحوار والاعتراف بالبعض”.

 

لماذا استقالة حمدوك؟

عادل خلف الله
عادل خلف الله، الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي السوداني، وقيادي في قوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي”.

القيادي بقوى الحرية والتغيير عادل خلف الله يذهب في حديثه لـ”أفريقيا برس”؛ إلى أن إستقالة حمدوك سببها الشارع السوداني والذي يرى إنه خلخل بنية الانقلاب وتركيبته، مؤكدا بأنه سيمضي في مساعيه حتى الاطاحة بالمكون العسكري، واعتبر خلف الله إستقالة حمدوك جاءت نتيجة للخلافات بينه وبين المكون العسكري، سيما في تشكيل الحكومة وعدم تنفيذ بنود الاتفاق السياسي، وتوقع خلف الله ان يسقط الانقلاب بإرادة الشعب السوداني والذي يرى إنه لن يرضى بأنصاف الحلول، بل بحسب خلف الله، يريد حكما مدنيا كاملا، داعيا البرهان أن يتعظ من الدرس والادب الذي أرساه حمدوك وان يقدم إستقالتة ويسلم السلطة لمن يمثلون الشعب.

نفق مجهول

بينما، قال تجمع المهنيين السودانيين، إن “تلك الاستقالة أو عدمها لا تقدم أو تؤخر شيئا في طريق الثورة”. كما أشار إلى أن “السلطة الحقيقية بيد المجلس العسكري، والمطلوب هو تنحي قادة المجلس”، برئاسة قائد القوات المسلحة عبد الفتاح البرهان.
كذلك، رأى الحزب الجمهوري في الحرية والتغيير أن استقالة حمدوك تنذر بمستقبل غير محمود العواقب. كما شدد على أن التشرذم السياسي الذي دفع رئيس الحكومة للاستقالة سيتسارع مؤديا إلى دخول البلاد في نفق مجهول.

ضغوط عنيفة

الفاتح محجوب، أستاذ العلاقات الدولية
الفاتح محجوب، أستاذ العلاقات الدولية

في غضون ذلك، قال المحلل السياسي الفاتح محجوب؛ إن استقالة عبدالله حمدوك من رئاسة مجلس الوزراء كانت متوقعة على اعتبار أن الاتفاق السياسي بين حمدوك والبرهان يتطلب بناء توافق سياسي حوله، ليكون بمثابة حاضنة سياسية للحكومة المكونة من كفاءات مستقلين، وأضاف؛ بما ان حمدوك فشل في إقناع القوى السياسية السودانية على التوافق على اتفاقية سياسية جديدة تحكم مسار الفترة الانتقالية، واجه الرجل ضغوطا عنيفة من قوى الحرية والتغيير حاضنته السابقة، ومن لجان المقاومة وتجمع المهنيين فقد وجد أن تكوين حكومة لا تحظى بتأييد القوى السياسية، ولا يخرج البلد من حالة الأزمة. وتابع؛ استقالة حمدوك جاءت في وقت خطير جدا اذ ان الشارع ملتهب بفعل تصعيد لجان المقاومة وتجمع المهنيين، وايضا الوضع السياسي مرتبك بسبب تعنت قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي المضطر لمجاراة تصعيد لجان المقاومة وتجمع المهنيين، ومع الدعوات غير المسؤولة من بعض القوى السياسية لضباط القوات المسلحة للتمرد على القيادة العسكرية للجيش، فإن احتمالية الانزلاق نحو الفوضى والعنف المفتوح والتشظي، بحسب الفاتح، بات أحد الاحتمالات القوية جدا، وقطع الفاتح بأن الانتخابات لا تعد حلا مقبولا في هذا الظرف السياسي الحالي المعقد؛ لجهة أن التوافق السياسي الذي يسمح بتكوين مفوضية الانتخابات وتقسيم الدوائر الانتخابية غير موجود – وعليه وبحسب الفاتح الذي تحدث للجريدة -يصعب ضمان أمن الانتخابات او الاعتراف بنتائجها، واردف؛ كذلك المؤسف أكثر ان استقالة حمدوك جاءت في وقت يصعب فيه تعيين بديل متوافق عليه، وبالتالي سيظل التصعيد في المظاهرات والاحتقان السياسي سيد الموقف ومع ذلك سيضطر البرهان لتعيين رئيس مؤقت لمجلس الوزراء ويكلفه بتصريف الأعمال إلى حين قيام توافق سياسي جديد او الى حين إجراء الانتخابات وفي كل الأحوال سيزداد الشارع احتقانا وربما تؤدي هذه الخطوة الى الإسراع في تفجير الأوضاع السياسية والأمنية في السودان.

ردود فعل دولية واسعة بشأن استقالة حمدوك

ما أن أعلن رئيس الوزراء عبدالله حمدوك استقالته حتى بدأت ردود الفعل الدولية تتوالى، وفيما حثت الولايات المتحدة زعماء السودان على ضرورة ضمان إستمرار الحكم المدني بعد استقالة حمدوك، اعربت بريطانيا عن حزنها للاستقالة.

ماذا قالت أمريكا؟

وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ورئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك

أولى الدول التي سارعت بتوضيح موقفها من استقالة حمدوك كانت الولايات المتحدة، إذ شددت الخارجية الأمريكية على أن أي تعيينات جديدة يجب أن تلتزم بقواعد اتفاق تقاسم السلطة المبرم عام 2019 وأضافت أنه «ينبغي تعيين رئيس الوزراء الجديد والحكومة السودانية المقبلة بما يتوافق مع الإعلان الدستوري من أجل تحقيق أهداف الشعب في الحرية والسلام والعدالة… ويجب وقف العنف ضد المتظاهرين». وأكد المكتب «مواصلة الولايات المتحدة وقوفها إلى جانب الشعب السوداني في دفعهم من أجل الديمقراطية».

 بريطانيا على الخط

فيكي فورد - وزيرة شؤون إفريقيا بوزارة الخارجية البريطانية
فيكي فورد – وزيرة شؤون إفريقيا بوزارة الخارجية البريطانية

ولحقت بالولايات المتحدة بريطانيا، إذ اعربت عن حزنها لتلك الخطوة، وقالت وزيرة شؤون إفريقيا بوزارة الخارجية البريطانية، فيكي فورد، بتغريدة على حسابها على تويتر «إنها تشعر بحزن شديد لاستقالة رئيس الوزراء السوداني، داعية إلى احترام مطالب المنادين بالحكم المدني». وأضافت: «حمدوك كان يخدم السودان ويسعى لتحقيق رغبة شعبه في مستقبل أفضل».

مطالب فرنسا

كذلك، طالبت فرنسا، الأطراف السودانية عقب إستقالة حمدوك بتشكيل حكومة ذات مصداقية تلبي تطلعات الشعب، وتهدئ المناخ السياسي وتقود البلاد نحو تنظيم الانتخابات في 2023. ودعت الخارجية الفرنسية في بيان مساء أمس الاثنين، مختلف الأطراف السودانية إلى احترام حقوق الشعب في التعبير السلمي عن آرائهم دون خوف من الانتقام. وشددت الخارجية على تمسكها باحترام مبادئ الوثيقة الدستورية، ودعت لإعادة إنشاء مؤسسات انتقالية تمثل التطلعات الديمقراطية للشعب.

أسف فولكر

فولكر بيترس - رئيس بعثة «يونيتامس» الأممية،
فولكر بيترس – رئيس بعثة «يونيتامس» الأممية،

ولم يذهب رئيس بعثة «يونيتامس» الأممية، فولكر بيترس، عن الحديث السابق، إذ اعرب عن أسفه لقرار رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، وقال بيترس، في بيان، إنه: يحترم قرار حمدوك ويثني على الإنجازات المهمة التي تحققت تحت قيادته خلال المرحلة الأولى من الفترة الانتقالية. وأوضح أنه: لا يزال يشعر بالقلق إزاء الأزمة السياسية المستمرة في أعقاب قرارات الجيش في 25 أكتوبر، والتي تهدد بمزيد من عرقلة التقدم الذي تحقق منذ ثورة ديسمبر ضد نظام حكم الرئيس المعزول عمر البشير. وتابع: يجب أن تكون تطلعات الشعب السوداني إلى مسار ديمقراطي واستكمال عملية السلام، حجر الزاوية في جميع الجهود المبذولة لحل الأزمة السياسية الحالية بالبلاد. ومضى قائلا: يتعين التغلب على انعدام الثقة بين المكونات السودانية من خلال حوار هادف وشامل، مضيفا: يونيتامس على استعداد لتسهيل هذه العملية.

دعم النرويج

تريزا لوكن - سفيرة النرويج لدى الخرطوم
تريزا لوكن – سفيرة النرويج لدى الخرطوم

في الصدد ، قالت سفيرة النرويج لدى الخرطوم، تريزا لوكن؛ إن “السبيل الوحيد للمضي قدما في السودان هو عملية انتقالية ذات مصداقية و بقيادة مدنية”، وأضافت في تغريدة قائلة: “القادة العسكريين في السودان محاسبون على الأزمة الحالية، بما في ذلك العنف ضد المدنيين والمتظاهرين السلميين”، وأعلنت أن “النرويج ستدعم العملية السياسية الحيوية والشفافة بمشاركة النساء والشباب”.

إخلاص حمدوك

أما الدبلوماسي الأمريكي السابق، ألبيرتو ميغيل فيرنانديز، قال: “حمدوك كان رجلًا مخلصًا بذل قصارى جهده وأنجز بعض الأشياء على المستوى الدولي، لكن أيام الانقلاب العسكري كانت كارثة باهظة الثمن بالنسبة له وللسودان، وأعتقد أنهُ تلقى نصيحة سيئة”. وأضاف: “مُعظم اللوم يقع على عاتق الجيش وحلفائه، كان المجتمع الدولي ضحلًا وساذجًا خاصّةً بعد الانقلاب”.
ونصح بعد إستقالة حمدوك الزعماء السودانيين أن يضعوا خلافاتهم جانبًا والتوافق والحرص على استمرار الحكم المدني، واضاف؛ كذلك يجب تعيين رئيس الوزراء المُقبل والحكومة تماشيًا مع الوثيقة الدستورية.

من هو حمدوك؟

عبد الله حمدوك - ؤئيس الوزراء السوداني المستقيل
عبد الله حمدوك – ؤئيس الوزراء السوداني المستقيل

حصل عبد الله حمدوك على درجة الدكتوراة في علم الاقتصاد من كلية الدراسات الاقتصادية في جامعة مانشستر البريطانية، كما عمل لسنوات أمينًا عامًا للجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة، وخبيرًا اقتصادياً في مجال إصلاح القطاع العام والحوكمة بالسودان، وفقًا لتقارير.
وولد في يناير 1956 في قرية الدبيبات بولاية جنوب كردفان. و في العام 1975: التحق بجامعة الخرطوم فدرس الاقتصاد الزراعي بكلية الزراعة، وتخرج بمرتبة الشرف عام 1981. بعدها نشط في عدد من المنظمات الطوعية، فهو عُضوٌ بمؤسسة الحكم الرشيد التي أسّسها السوداني البريطاني محمد إبراهيم المعروف بـ”مستر مو” في بريطانيا، التي خصّصت جائزة مُعتبرة لأفضل رؤساء أفريقيا تقيداً بالحكم الرشيد.ـ كما ينشط حمدوك في التحالف الأفريقي من أجل التنمية، وهي منظومة تجمع عدداً من زعماء أفريقيا، أبرزهم الرئيس النيجيري السابق أوباسانغو.ويتمتّع حمدوك بعلاقات واسعة ومُتنوِّعة ويُعدُّ أحد نجوم المُجتمع الأفريقي والدولي في أديس أبابا، كما ارتبط بعلاقات صداقة مع عدد من الرؤساء الأفارقة مثل رئيس جنوب أفريقيا الأسبق ثامبو أمبيكي ورئيس وزراء إثيوبيا الراحل ملس زيناوي والرئيس النيجيري الأسبق أوباسانغو، وكان الرئيس السوداني المعزول عمر البشير من أشد المُعجبين بنجاحاته حيث في أكتوبر 2018: تقاعد حمدوك عن عمله الأفريقي وعرض عليه الرئيس المعزول عمر البشير منصب وزير المالية في حكومة الإنقاذ لكنه اعتذر.. وفي نوفمبر2018: أصبح حمدوك مُستشاراً لبنك التجارة والتنمية الأفريقي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here