بقلم : أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. يكتنف المشهد السياسي السوداني حالة ارتباك وغموض ، ففي الوقت الذي يواجه في السودان أزمة سياسية في مرحلة انتقالية تبدو معقدة، تزداد الأوضاع أكثر تعقيداً عقب إعلان اعتصامٍ جديدٍ أمام القصر الجمهوري نصبه أنصار تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير المعروفة بمجموعة “ميثاق التوافق الوطني”، والذي من خلاله يطالبون بحل حكومة حمدوك وتوسيع قاعدة المشاركة فيها، إضافة إلى حل لجنة إزالة التمكين وتكوين مفوضية مكافحة الفساد، و تشكيل المحكمة الدستورية والمجلس التشريعي الانتقالي، فضلا عن ترسيخ العدالة و حكم القانون، ويأتي الاعتصام عقب مظاهرات حاشدة وإعلان سياسي تم التوافق عليه في قاعة الصداقة بين المجموعة التي انشقت عن قوى الحرية والتغيير.
مطالب المعتصمين
يقول أحد المعتصمين، إن مطلبهم الوحيد هو حل الحكومة المدنية التي يقودها حمدوك معتبراً أنها لم تحقق شعارات الثورة، ومضيفاً في حديثه لـ”افريقيا برس”: ” ندعو حمدوك لحل الحكومة وتشكيلها من كفاءات مستقلة تخرج البلاد من أزماتها”، واعتبر أن السودان الأن يمر بظروف صعبة وإنه في حال لم تشكل حكومة وطنية ويتم تدارك الأمر فإن الأوضاع ستنفجر .
أمر واقع

القيادي بقوى الحرية والتغيير “ب” وأحد الموقعين على تحالف الميثاق الوطني ، التوم هجو كشف لـ”أفريقيا برس” : عن اعتصامات جديدة في الولايات ما لم تحل الحكومة، مؤكداً أن الاعتصام أصبح أمراً واقعاً وثورة جديدة ولا تراجع عنه حتى تحقيق المطالب.
وقال هجو إنه لا مفر لرئيس مجلس الوزراء غير حل الحكومة والاستجابة لنداء الجماهير المعتصمة، وأردف: “إن المواكب في حالة تزايد نحو الاعتصام وإنه سيستمر حتى يحقق مطالبه”.
رفض الاعتصام

فيما قلل الصحفي والمحلل السياسي قرشي عوض من الاعتصام والحشود التي خرجت يوم 16 أكتوبر، جازماً بأنها لن تسقط الحكومة على اعتبار أنها مجرد فئة “بسيطة” من الشعب السوداني، وأضاف “عندما تمت الإطاحة بالبشير كان الشعب السوداني بأكمله في الشارع”.
واستنكر قرشي الاعتصام الذي نصب أمام القصر الجمهوري، متسائلا هل الاعتصام هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق المطالب؟ قبل أن يجيب قائلا: “هنالك العديد من الطرق والمبادرات التي يمكن أن يلجأ لها المعتصمون كالحوار مع الحكومة”، مؤكداً في حديثه لـ”افريقيا برس”؛ أن باب الحوار مازال مفتوحاً وبإمكان الحكومة الجلوس مع المنشقين عن التحالف الحاكم للنظر في مطالبهم، واردف: “هذه الاعتصام لن يكون له تأثير على الحكومة وسينفض بمرور الوقت ولن يسقط الحكومة”، مرجحاً إن كان هنالك ثمة سقوط للحكومة فإنها ستسقط بالأزمة الاقتصادية والتي يرى أن الحكومة فشلت في حلها.
أداة ضغط

كذلك اعتبر عضو مجلس مركزية قوى الحرية والتغيير جمال أدريس الكنين، أن اعتصام القصر الجمهوري يمثل أداءً لتعطيل التحول الديمقراطي والمدني في السودان، وأن الهدف منه إعادة الفلول للسلطة، وأداة ضغط لاستمرار البرهان في رئاسة مجلس السيادة، مبدياً رفضهم لحل الحكومة لأن الحكومة حلها بيد الشعب السوداني ومجلس الوزراء وقوى الحرية و التغيير “أ”. وأردف قائلاً: “اعتصام القصر تم دعمه من حكام القصر الجمهوري ولم يصبح لعساكر القصر إلا نقل الواجبات للمعتصمين من داخل القصر، وقال الكنين “للجريدة”: “إن قوى الثورة ستتوحد بعد موكب الأمس وستتصدى لكل قوى الثورة المضادة والانقلابين”، وأبدى استعدادهم لكل السيناريوهات المتوقعة سوى انقلاب أو اتخاذ قرار بشأن حل الحكومة.
تشخيص الأزمة

يقول المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية، الفاتح محجوب في إفادته لـ”أفريقيا برس”: “إن الحكومة تواجه ضغطاً قوياً بدأ من إغلاق الميناء والطرق المؤدية له من قبل أهل شرق السودان، ومقاطعة المكون العسكري لأي عمل مشترك مع الحكومة التنفيذية وهو ما تسبب في شلل للحكومة”، مضيفاً “كذلك يتواصل الضغط على الحكومة عبر مسيرة قوى الحرية والتغيير “ب” الرافضة لهيمنة قوى الحرية والتغيير “أ”، كما قال الفاتح: “إن الجميع يطالب بحل الحكومة وإنهاء سيطرة مجموعة صغيرة من الأحزاب السياسية على السلطة في السودان وتكوين حكومة كفاءات مستقلين”، مضيفاً: “مع ذلك فإن مطالب قوى الحرية والتغيير “ب” بحل الحكومة يستند على الوثيقة الدستورية التي اشترطت تكوين حكومة كفاءات مستقلين وليس حكومة محاصصات حزبية”، واستدرك الفاتح قائلاً: “لكن رفض قوة الحرية والتغيير “أ” لفكرة حل الحكومة يعني اختيارها التصعيد ولهذا تمت الدعوة لمسيرة يوم 21 أكتوبر بغرض الحيلولة دون لجوء حمدوك لحل الحكومة ولتحسين موقف قوى الحرية والتغيير “أ” في طاولة التفاوض التي غالبا تعتمد على خطاب السيد حمدوك كأساس للتفاوض لأنه قام على الاعتراف بالحد الأدنى المقبول من كل القضايا المتنازع عليها.